الكفيل… عبودية البترودولار

شبح الطرد يهدد كل فتاة رفضت الاستجابة إلى نزوات مشغلها بعد أن ظهر النفط في بعض دول الخليج ازداد الطلب على العمالة، خاصة بالنسبة إلى الدول التي تعرف انخفاضا في عدد سكانها، وتحتاج إلى يد عاملة لإخراج النفط من الآبار. وجدت دول الخليج استجابة من اليد العاملة الراغبة في تحسين مستوى العيش، وكان عدد الراغبين في العمل يفوق التوقعات، فكان لزاما وضع قيود حتى لا تغرق السوق بفائض العمال. في إطار هذه الأجواء ظهر نظام الكفيل وهو نظام وضع لتأمين استقدام العمالة الوافدة من الخارج. وبموجبه، تقيد حرية تنقل المكفول خارج البلد، وحريته في العمل لدى أي جهة أخرى، إلا بموافقة الكفيل، أو بمعنى آخر فإن العامل يكون رهن تصرف كافله الممسك برقبته. مرت سنوات وظهرت العديد من الممارسات الشاذة التي كشفت استغلالا بشعا لبعض العمال بدول الخليج، خاصة الفتيات، اللواتي اضطر بعضهن إلى كتم الاستغلال، الذي يكون جنسيا في غالب الأحيان، في حين خرجت أخريات لكشف واقع ما يعشنه من معاناة. بعد توالي الحالات ظهرت العديد من الجمعيات الحقوقية المطالبة بوضع حد لنظام الكفيل، بداعي أنه يكرس عبودية تخلصت منها البشرية منذ قرون، بالنظر إلى أنه يحول الكفيل إلى مملوك لدى كافله يعبث به كيفما يشاء، فنظام الكفالة يتيح للكفيل التحكم في حياة من يكفلهم، فيقرر أجورهم وأماكن عملهم وساعات العمل ومحلات السكن. كما يمكن للكفيل أن يتخذ قرار إبعاد من يشاء دون أن يبرر قراره، كما يستطيع منع المكفول من السفر بعد حجز جواز سفره، وإنهاء عقد عمله ومنعه من البحث عن عمل آخر، ليعيش رهينة لديه. لبنى (26 سنة) واحدة من ضحايا نظام الكفيل الذي تعتبره "عبودية" بكل ما تحمل الكلمة من معنى" قبل أن تضيف بمجرد أن تصل إلى البلد الذي ستشتغل به تصبح ملكا للكفيل يفعل بك ما يشاء، وما عليك سوى الاستجابة لطلباته ونزواته وإلا فإنك ستجد نفسك مطرودا من البلد بعد أن تلفق لك تهمة وفي أقل تقدير خطأ مهني". قضت لبنى سنة في إحدى دول الخليج بعد أن حصلت على عقد عمل، ومن سوء حظها أنها وقعت بين يدي صاحب مطعم "عينو زايغة" كما تقول، خاصة أن الله حباها بقدر من الجمال جعل مشغلها يهتم بها ويضعها نصب عينيه، وهي مسألة لمستها بمجرد أن وصلت إلى مقر العمل، حيث استفرد بها في مكتبه وأخبرها بأنها ستكون مرتاحة في عملها، كما وعدها بأن يعينها مسؤولة عن العاملات بالمطعم في أقرب الأوقات. فرحت لبنى بهذا الاستقبال الحار من مشغلها دون أن تدري أن "كل شيء بثمنه" وأن صاحب المطعم، الذي جردها من جواز سفرها، يرغب في أن يجردها من حشمتها ووقارها وما تربت عليه من خلق في بيت أبويها اللذين وافقا على سفرها للعمل بالخليج بشق الأنفس، خاصة أنهما كانا يعلمان أن معاملة الكفيل غالبا ما تمتد إلى أشياء أبعد من مجرد العمل. ابتدأت المعاناة حينما استفرد صاحب المطعم بلبنى داخل مكتبه وحاول استغلالها جنسيا غير أنها رفضت بشدة قبل أن تتعرض لسلسلة من المضايقات انتهت بطردها من البلد. الغريب في قصة لبنى، كما تقول، أن لا أحد استمع إليها، فالكفيل هو مالك الحقيقة وكلامه لا يشك فيه أحد، وطلباته أوامر، وهي أمور كلها زادتها قناعة أن نظام الكفالة عبودية لا تختلف عن تلك التي كانت في العهد الجاهلي. الصديق بوكزول

الكفيل… عبودية البترودولار

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

جريدة الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

لمياء... شهور من القهر في سجون السعودية

مغربيات يشتكين ظلم "المواطنة"

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات