عودة “الميكا” تربك السلطات

تدني هامش أرباح التجار في الأكياس البديلة قابله انتعاش مبيعات البلاستيكية في "النوار" شنت لجان المراقبة الخاصة، التي تنشط في مختلف العمالات والأقاليم، لضمان تنفيذ القانون 77.15، المتعلق بمنع صنع وتسويق واستعمال الأكياس البلاستيكية، حملة مراقبة واسعة الخميس الماضي، في سوق "درب ميلان" الشهير بالبيضاء، أسفرت عن تحرير مخالفات وتغريم مجموعة من التجار الذين ما زالوا يستخدمون الأكياس المذكورة ويسوقونها لزبنائهم، وذلك بناء على مجموعة من المعطيات التي أكدت عودة "الميكا" وانتشارها بكثافة من جديد، بعد اختفاء نسبي من السوق خلال الأسابيع الأولى من دخول الإطار التشريعي المشار إليه حيز التنفيذ، يتعلق الأمر بحملة لمداهمة "جيوب المقاومة" في المناطق المعروفة بترويج الأكياس المحظورة وتصنيعها. خاصم تجار سوق "درب ميلان" الشهير بالبيضاء، الأكياس البلاستيكية، منذ فاتح يوليوز الماضي، تاريخ دخول القانون 15. 77 حيز التنفيذ، وانتقل معظمهم إلى الأكياس البديلة، الورقية والمنسوجة، الأمر الذي أثر على رواج السوق سلبا، بفعل تدني الطلب، بالنظر إلى ارتفاع أسعار البدائل، وبدرجة أقوى، عودة "الميكا" من النافذة، من خلال سوق سوداء استقطبت عددا مهما من الزبناء خلال الآونة الأخيرة، وهو الأمر الذي يؤكده حسن، تاجر أكياس ورقية في السوق، معلقا بامتعاض على الوضع بالقول، "دابا الدولة ما فهمنا فيها والو، كتمنعنا نبيعو الميكا، وكتخلي المارشي نوار خدام"، في إشارة إلى تضرره من استمرار تصريف الأكياس المحظورة في السوق. الساعة تشير إلى الحادية عشرة من يوم اثنين، كان يمثل في ما مضى ذروة نشاط السوق، الذي يتلقى سيلا من الطلبيات لا يكاد يتوقف، فمتى كانت الحياة سهلة بدون "ميكا"، إذ تعود المغاربة طيلة سنوات على تلفيف حاجياتهم ومقتنياتهم بتلك الأكياس مختلفة الأشكال والألوان، قبل أن يتغير الوضع اليوم، ويزحف الركود شيئا فشيئا على أنشطة هذا السوق، الذي استقبل أخيرا، لجنة مراقبة خاصة، داهمت مجموعة من محلات البقالة وبعض نقط توزيع الأكياس، وحررت مخالفات وغرمت بعضهم، ممن عاينت اللجنة استمرارهم في حيازة المنتوجات المحظورة، التي ما زالت تحظى بتعاطف الزبناء من العموم، الذين يشجعون التجار على بيعها، رغم تحذيرات السلطات بقوة القانون، باختصار ما زالت الأكياس البلاستيكية تحظى بشعبية واسعة، تعكسها، فاطمة، ربة بيت، التي ما زالت تتأبط أكياسا قديمة، وهي تتجول بين دكاكين السوق، معلقة بالقول، إن "الميكا ضرورية في السوق، ولا بد تبقى حيث كتهز أنواع ديال الحوايج لي ما خاصهاش تخلط". كلفة التحول رافق تنفيذ القانون 77.15، المتعلق بمنع صنع الأكياس من مادة البلاستيك، واستيرادها وتصديرها وتسويقها واستعمالها، برنامج مواكبة لمساعدة المصنعين والتجار على التحول إلى أنشطة بديلة، يتعلق الأمر ببرنامج ضخم رصدت له ميزانية مهمة (20 مليار سنتيم)، أطلقته وزارة الصناعة والتجارة، وأشرفت على تدبيره الوكالة الوطنية للنهوض بالمقاولات الصغرى والمتوسطة، إذ اختارت 84 مقاولة مواكبة الدولة، تستفيد من تعويض عن الاستثمار في حدود 50 %، مع سقف أقل من 10 ملايين درهم، علما أنه يتعين على المقاولة إثبات تحقيقها نسبة 30 % من رقم معاملاتها، أو 15 مليون درهم على الأقل، من تصنيع الأكياس البلاستكية. هذا التحول، الذي هم المصنع والتجار، أثر بشكل كبير على الطرف الثاني، الذي عانى من ارتفاع أسعار الأكياس البديلة وتدني هامش ربح، إذ يوضح حسن، أنه لا يمكنه تحصيل ربح مهم عند اقتناء كيس ورقي من المصنع بـ30 سنتيما للوحدة، مقابل شراء كيس بلاستيكي بسعر يتراوح بين خمسة سنتيم وعشرة للوحدة، مؤكدا أن أغلب الزبناء لا يفضلون الأكياس الورقية الموجودة حاليا في السوق، باعتبارها غير عملية، وبالتالي فالطلب أصبح متركزا على الأكياس المنسوجة (أكياس الثوب)، علما أن أكياس «الكارطون» المخصصة لتلفيف الفواكه المجففة وبعض السلع الأخرى، قفز سعرها خلال الفترة الأخيرة، من 70 درهما إلى 200. ويؤكد مهنيون، أن الأكياس المنسوجة التي تركز الطلب حولها خلال الفترة الأخيرة، مصنعة أيضا من مادة معينة من البلاستيك تسمى «البروبولين»، وهي مادة تستخدم في الحفاظات والفوط الصحية لغاية منع تسرب البلل، ما يجعل هذه المنتوجات أكياسا بلاستيكية. سوق سوداء يشتكي تجار سوق "درب ميلان" الشهير بالبيضاء، من انتعاش نشاط السوق السوداء، إذ انتعشت تجارة بعض الوسطاء خلال هذه الفترة، من خلال تصريف مخزونات من الأكياس البلاستيكية الرديئة، التي تستعمل غالبا لتلفيف المأكولات في المطاعم ومحلات الوجبات السريعة، يتعلق الأمر بأكياس تسوق بسعر 30 درهما للكيلوغرام، مقابل 19 درهما خلال الفترة الماضية، أي قبل حظر تصنيع وتسويق "الميكا"، إذ يتحدث سعيد، تاجر في السوق، عن توفر هؤلاء السماسرة على مستودعات خاصة، تحوي أطنانا من المخزونات، فيتجولون لاصطياد الباحثين عن طلبيات كبيرة، واقتيادهم إلى مكان التخزين، موضحا أنهم يحققون أرباحا مهمة خلال هذه الفترة، بالتزامن مع تشدد السلطات في منع تسويق أكياس البلاستيك، بالاستفادة من مقولة "الممنوع مرغوب". ويضيف التاجر بنبرة غضب، أن رقم معاملاته تراجع بشكل كبير خلال الأشهر الثلاثة الماضية، بسبب ارتفاع أسعار المنتوجات البديلة (الأكياس الورقية والمنسوجة)، وتراجع الطلب عليها، موازاة مع تنامي أنشطة تسويق الأكياس البلاستيكية في السوق السوداء، تحت أنظار السلطات، التي ما فتئت تغرم أصحاب المحلات والدكاكين لحيازتهم إياها، تاركة ما أسماها "الرؤوس الكبيرة" تزاول أنشطتها بحرية، مستذكرا كيف كان يسوق يوميا 500 كيلوغرام من "الميكا"، وبين ثلاثة أطنان وأربعة عند ذروة الطلب بسهولة، رغم أنه تاجر متوسط، أي سلعا بقيمة 12 مليون سنتيم، وما يرتبط بذلك من هامش ربح مهم، يغطي أجور العمال، وتكاليف كراء المحل والمستودعات. "الممنوع مرغوب" لم يطل حظر الأكياس البلاستكية، الأكياس المخصصة للتلفيف عند تبريد اللحوم والأطعمة المختلفة، وكذا المخصصة لجمع النفايات، إلا أن الطلب الحالي تجاوز هذين الصنفين من المنتوجات، إلى "الميكا" العادية، إذ يشجع الزبناء التجار وأصحاب دكاكين البقالة على جلب الأكياس الممنوعة، بل تحولت إلى وسيلة للجذب التجاري، وهو الأمر الذي يفسره نبيل، عامل، بالمنطقة، بالنظر إلى إقبال الزبون على الدكان الذي يتيح له السلعة والكيس الذي يمكنه من حملها مجانا، في إشارة إلى حق مكتسب لا يمكن أن ينزعه قانون بين ليلة وضحاها. وبهذا الخصوص، يوضح أبو بكر، صاحب دكان للبقالة، أن بعض زملائه في المجال، دخلوا خلال الفترة الماضية في ملاسنات مع زبنائهم، بسبب فرضهم مبلغ درهم أو درهمين عليهم، لقاء تسليمهم كيسا ورقيا أو منسوجا، في الوقت الذي تعودوا على اقتناء أغراضهم من المحل والحصول على كيس مجاني لحملها، الأمر الذي يسلط الضوء على ملابسات وظروف إخراج قانون منع صنع وتسويق الأكياس البلاستيكية إلى الوجود، ذلك أنه لم يتم إعداد أرضية ملائمة لتنفيذه، ما أثر سلبا على التاجر والمستهلك على حد سواء. وإذا كان الرهان على احتضان قمة المناخ العالمية "كوب 22"، يمر عبر القضاء على البلاستيك "زيرو ميكا"، فإن التحضير لعملية التحول الكبيرة، لم يكن مدروسا بشكل جيد، يوضح تاجر آخر في سوق "درب ميلان". بدر الدين عتيقي

عودة “الميكا” تربك السلطات

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

خمس سنوات لمغتصب قاصر

براهمة: الدولة فشلت في التحكم بالناخبين

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات