حادث مراكش… امتحان أمام بناء مغرب ديمقراطي حقيقي

التعليمات الملكية ركزت على احترام سيادة القانون وتعامل الأجهزة الأمنية مختلف عما وقع سنة 2003 يبدو أن الإرهابيين، أعداء الديمقراطية والتطور السلمي والسلس للمجتمعات، لم يرقهم الاتجاه الذي أخذه الإصلاح في المغرب والسرعة التي تم بها بعد تاريخ 20 فبراير، فقرروا بعثرة وخلط الأوراق من خلال تدبير عمل إرهابي أصاب مدينة تعد رمزا من رموز السياحة في المغرب، كما استهدفوا سياحا حتى يصيبوا قطاعا يدر على خزينة الدولة مداخيل كبيرة، وبالتالي يوقفوا مسلسل الانتقال الديمقراطي الذي عرف انطلاقته الحقيقية بعد خروج الشباب إلى الشارع.الرسالة التي أراد الإرهابيون إيصالها واضحة، إيقاف مسلسل الانتقال الديمقراطي من خلال ضرب استقرار المغرب، وضرب اقتصاده وإيقاف مسلسل المصالحة الذي ابتدأ مع السلفيين بعد أن أصدر جلالة الملك عفوا عن 196 معتقلا في الأيام القليلة الماضية، وهو ما يجعل طرح سؤال من قبيل هل سيفرمل حادث مراكش هذا المسلسل الذي انخرط فيه المغرب؟ مسألة مشروعة.بعض الحقوقيين اعتبروا أن الدول تمتحن في أوقات الشدة وليس الرخاء، وأن النوايا الحقيقية تكشفها أحداث مثل مراكش أو غيرها من الأحداث غير المنتظرة، فأي تراجع سيؤكد بما لا يدع مجالا للشك أن الإرادة السياسية غير موجودة من أجل إصلاح حال هذا البلد. آخرون يعتبرون أن الضامن لتواصل مسلسل الإصلاح هو الحركات الشبابية التي انطلقت في 20 فبراير، مضيفين أن هذا الحادث بقدر ما يشكل امتحانا للدولة لإظهار نواياها الحسنة، فهو امتحان كذلك لهذه الحركات الشبابية من أجل إظهار قوتها وصلابتها ومدى استعدادها للدفاع عن الأفكار التي تؤمن بها والمغرب الذي تحلم بتحققه.في حين ترى فئة ثالثة أن هذا الحادث سيؤثر بشكل أو بآخر على وثيرة الإصلاح والحراك السياسي الذي يعيشه المغرب، وإذا كانت تعتبر أنه سيكون محدودا ولن يتعدى الأيام الأولى للصدمة، معززة تحليلها بآجال محددة سلفا للإصلاح في إشارة إلى المهلة المحددة للجنة المكلفة بتعديل الدستور. وبعيدا عن التحليلات، وبالرجوع إلى أرض الواقع، نجد أن المعطيات الأولى تشير إلى أننا نسير في الاتجاه الصحيح، وهذا يلمس بشكل واضح من خلال التعليمات التي وجهها جلالة الملك، إلى وزيري العدل والداخلية، والتي أكد فيها على ضرورة قيام السلطات المختصة ب «فتح تحقيق قضائي لتحديد أسباب وملابسات هذا الحادث المؤسف، وبالتعجيل بإخبار الرأي العام بنتائج هذا البحث بما يقتضيه الأمر من شفافية، وكشف للحقيقة ومن التزام بسيادة القانون، وحفظ للطمأنينة ولأمن الأشخاص والممتلكات، في ظل سلطة القضاء». وما يؤكد هذا التغير والتوجه الصحيح في التعامل مع الحادث الإرهابي»، علاوة على ضمانة الملك، طريقة تعامل وزارة الداخلية مع الحادث، إذ عكس ما جرى سنة 2003 نجد أن الطيب الشرقاوي يحرص على عقد ندوات صحافية كلما ظهرت مستجدات أو عناصر جديدة في التحقيق، وهي طريقة تختلف بشكل كبير عن الطريقة التي اعتمدت بعد أحداث 2003 ، كان هناك تعتيم كبير، ما فتح الباب أمام الإشاعات التي تسببت في هلع للمواطنين. ولم تخرج ردة فعل الأجهزة الأمنية عن السياق العام الذي رسمه جلالة الملك، والمتمثل في احترام سيادة القانون، إذ لم تسجل أي اختطافات كما حدث سنة 2003 حيث اعتمدت هذه الأجهزة على سياسة «تجفيف المنابع»، كما اقتصرت التحقيقات الأولية على عدد قليل من المشتبه فيهم، كما أعطيت الكلمة للشرطة العلمية والتقنية من اجل الوصول إلى دلائل مادية من شأنها المساعدة على الوصول إلى مقترفي هذا الجرم.نحن اليوم أمام امتحان حقيقي من أجل بناء دولة على أسس ديمقراطية، ونتمنى ألا يؤثر حادث مراكش على هذا التوجه الذي انتهجه المغرب، حتى لا يحقق الإرهابيون أهدافهم. الصديق بوكزول

حادث مراكش… امتحان أمام بناء مغرب ديمقراطي حقيقي

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

تساؤلات حول قانون الإرهاب

التفجير عن بعد... تقنية في متناول الجميع

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات