فارحي:معامل لتفريخ المجرمين

< هل هناك فعلا علاقة بين ضواحي المدن وانتشار الجريمة بالمغرب؟< في البداية أود التنبيه إلى أن عبارة هوامش المدن تعني الأحياء الهامشية، أو بالأحرى المهمشة أي الفقيرة والعشوائية التي تكون في الغالب محيطة كأحزمة بالمدن الكبيرة، تنشأ وتتوسع أغلبيتها الساحقة نتيجة العديد من العوامل البنيوية، فتجعل منها جزءا أو زاوية وضيعة ومتردية.وجوابا على السؤال، أقول نعم هناك علاقة لا يمكن إنكارها بين ضواحي المدن وانتشار الجريمة بالمغرب، إما استنادا على نسبة الجرائم الواقعة بهاته المناطق، أو نسبة المجرمين المتحدرين منها، الذين يقترفون جرائمهم خارج حدودها.< ما هي العوامل التي تؤدي إلى انتشار الجريمة بهوامش المدن؟< ينطلق الباحثون في علم الإجرام عامة، والباحثون في تأثير عوامل المسكن والظروف المعيشية في سلوك الإنسان خاصة، من العوامل نفسها التي تنتج هوامش المدن، يعتبرونها عوامل مباشرة من شأنها تبرير انتشار الجريمة بهذه المناطق وأهمها،عامل الازدحام والضجيج، والذي هو حسب المختصين في تغير السلوك الإجرامي عاملا مهيئا للإجرام، وتردي ظروف السكن، إذ توجد بهاته الهوامش أسوأ المنازل والبنايات، مقارنة مع نماذج السكن الأخرى الموجودة في المدينة، إضافة إلى وجود أسوءأ ظروف التجمع، إذ غالبا ما تعاني غياب الفسحة الحيوية، ووسائل الراحة والمناطق الخضراء، وقلة المؤسسات الثقافية والرياضية، مقابل كثرة المقاهي وقاعات الألعاب، ثم الفقر والهشاشة وما ينتج عنهما من ضعف في التغذية، والذي أثبتت الدراسات أنه عامل رئيسي في الميل للخروج عن النظام والتسول والسرقة، و ذلك لأن ضعف التغذية يحدث ضعفا في الذاكرة، ويبدد حضور البديهة، ويوهن الإرادة، كما ينال من القدرة على ضبط النفس ضد الانزلاق نحو مختلف أنواع الإغراء. وأثبتت الدراسات ومنذ العقد الخامس والسادس من القرن الماضي أن أكثر من ثلثي الجرائم يكون مصدرها الفقر والانتماء إلى الرتب الأخيرة من السلم الاقتصادي والاجتماعي، والسبب الأساسي في ذلك عجز هاته الفئة المادي مقارنة مع غيرها . كما هناك عوامل أخرى، منها الفراغ والتشرد وممارسة المهن البسيطة، واستهلاك الكحول والمخدرات وسهولة الحصولة عليها أكثر من وسائل العيش اليومية، وتعويل الرجال في المعيشة على النساء، ما يعمق ظروف الفقر والحاجة في العائلة أو يدفعهن إلى سلوكات إجرامية من فساد ودعارة، وإحساس القاطنين بهاته الأحياء أنهم مهمولون ومهمشون، ما يقوي شعورهم بالحسد تجاه الفئات الأخرى المحظوظة، مع غلبة الإحساس بالنقمة والحقد الاجتماعي ، مما قد ينشأ عن ذلك من مآس وجرائم. < هل تعزيز الحضور الأمني حل فعال لمحاربة الجريمة بهوامش المدينة؟ <الاعتماد على الآلية الأمنية وتكثيف وجودها بتلك المناطق ستواجهه حتما صعوبات كبيرة أهمها، ضعف السيطرة الأمنية نظرا لصعوبة الولوج الأمني وضيق الممرات والأزقة، وتقارب المساكن والأبواب ببعضها، لمسافة قد تصل المتر والنصف أحيانا، كما أن أغلب هذه الأحياء تشكل ملاذا للمطلوبين للعدالة، ومعملا لتفريخ الإجرام والمجرمين، ما يصعب مهام رجال الأمن ويصعب تغطيتهم الأمنية للمناطق. إضافة إلى ذلك، فالتدخل الأمني يعني الاعتقال في الغالب والمتابعة وتوقيع الجزاء الذي يقتصر في النموذج المغربي على ألم العقوبة بدل الإصلاح والتقويم، ما يولد حالات نفسية من نزعة هدامة، واستشعار اللذة في الإضرار بالآخرين. نقول بخصوص هذه النقطة أن الحضور الأمني بهاته المناطق يجب أن يسبقه حضور سياسة اجتماعية واقتصادية وتربوية، نابعة من إرادة سياسية حقيقية وقوية لفك العزلة النفسية والطبقية عنها، لمواجهة النمو العكسي خارج المنظومة الإنسانية للمدينة وللمسكن وظروف العيش الكريم. أجرى الحوار : مصطفى لطفي* أستاذة علم الإجرام بكلية الحقوق بالمحمدية

فارحي:معامل لتفريخ المجرمين

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الانتخابات ترفع رواج أسواق العشوائي

أحياء الصفيح... وقود الانتفاضات

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات