أحياء الصفيح… وقود الانتفاضات

انطلقت في عهد الاستعمار واستمرت مع الاستقلال وباحثون يروون أسباب نشأتها يرى الباحث المغربي بوزيان بوشنفاتي أن ظاهرة أحياء الصفيح تعد من أول النتائج الحضرية الملموسة للتدخل الاستعماري، وبصفة خاصة إدماج المغرب في اقتصاد السوق والاستهلاك، بعد أن كان في مجمله يعيش على اقتصاد الكفاف، خاصة أن نسبة عالية من السكان المغاربة كانوا يعيشون في الأرياف، إضافة إلى تزايد عدد سكان المغرب مقارنة مع ما كانوا عليه بداية القرن العشرين بفضل التطور الطبي وتطوير وسائل الوقاية.ويضيف بوزيان في كتابه “التحضر والثقافة الحضرية بالمغرب” أنه أمام هذه التحولات الجديدة التي بدأت مع الدخول الاستعماري إلى المغرب والنزول بجميع قواه في الميدان للسيطرة على المغرب اقتصاديا وسياسيا، فقد كانت أول نتيجة لهدا التدخل هو خلق مجموعة من المعامل والخدمات، أي خلق مجموعة من الوظائف المأجورة، وهذه الوظائف المأجورة هي التي دفعت السلطات الحاكمة والمعمرين بصفة عامة إلى البحث عن الأيدي العاملة التي ستكون البذرة الأولى للبروليتاريا المغربية.ويرجع، حسب بعض الدراسات، ظهور أول حي قصديري في البيضاء إلى سنة 1920، وهذا التاريخ يصادف تاريخ بداية العمل في تشييد معمل بما يسمى الصخور السوداء بالدار البيضاء، وقد كان العمال والمأجورون الذين لم يكن لهم مأوى أول من استقر في ما يسمى ب”كاريير سونطرال” في أكواخ من الخشب، وهكذا تكون أهم حي من أحياء الصفيح بالمغرب ابتداء من هذا التاريخ، وشكل بداية لما يعرف بأحزمة البؤس المحيطة بالمدينة.وأشار الكتاب أيضا إلى ما يعرف ب”النوالات”، التي ظهرت قبل أحياء الصفيح، والتي كانت تؤوي أسرا لم تكن بالضرورة مهاجرة، بل كانت تعمل بالأراضي المجاورة للمدينة كخماسة، وكان سكان هذه الخيام أو “النوالات” المصنوعة من القصب المطلي بالطين، إذن جيرانا للمدينة دون أن يكونوا في البداية من إفرازاتها. غير أن الموجة الأولى من المهاجرين أو العاطلين سوف تتجه إلى استعمال الأسلوب نفسه في تشكيل مأوى مؤقت وبالإمكانيات المتوفرة، وقد كانت تقام عادة إما على أراضي الأحباس أو أملاك الخواص من الفلاحين الذين سمحوا لهؤلاء بالتخييم على أراضيهم مقابل بعض الخدمات أو مقابل قدر معين من الكراء الشهري.ولم يكن ظهور النوالة، يقول بوزيان، سوى المؤشر الأول على وجود فئات اجتماعية في البادية المغربية لم تعد تطيق حياة الفقر والاستغلال والتسلط الذي تمارسه بعض الأقليات المحظوظة، فاتجهت إلى المدينة بحثا عن قدر آخر.وترتب عن التحولات التي عرفها المغرب خلال القرن الماضي، بفعل عملية التحضر والتمدين، ثلاثة مظاهر أساسية أولها التضخم السكاني بالمدن القديمة، وثانيا ظهور أحياء مبنية حسب المعايير المعمارية لكن دون أن تتوفر فيها الشروط الصحية الضرورية للحياة أو عادة ما تكون هذه البنايات غير قانونية ومصرح بها عند السلطات المختصة، إضافة إلى ظهور أحياء الصفيح.وقد عرفت المدن المغربية تحولات جوهرية على المستوى الاجتماعي أو الديموغرافي أو الجغرافي، وبصفة خاصة ابتداء من 1917، حيث بدأت السلطات الفرنسية في بناء مدن جديدة خارج الأسوار كمقابل للمدينة من جهة، ولتلبية الحاجيات الضرورية لحياة الأوربيين التي كانت تخضع لكثير من المعايير المعمارية والجمالية والاجتماعية والوظيفية التي تختلف عن المدينة الإسلامية التقليدية وظيفيا وتصوريا.عزيز المجدوب

أحياء الصفيح… وقود الانتفاضات

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

فارحي:معامل لتفريخ المجرمين

هوامش المدن ... الأحزمة الناسفة

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات