بوبكري: مؤامرة ضد الجامعة

الرئيس السابق للاتحاد الوطني لطلبة المغرب يحذر من انتقال العنف الجامعي إلى المجتمع والمؤسسات يقتنع محمد بوبكري، القيادي في الاتحاد الاشتراكي والرئيس السابق للاتحاد الوطني لطلبة المغرب، بأن العنف في الجامعة ظاهرة خطيرة ومرشحة للانتقال إلى المجتمع والمؤسسات إذا لم تتم معالجتها. وشدد على أن العنف "وقانون الغاب" والمحاكمات، لم تكن يوما من أعراف وقيم الاتحاد الوطني لطلبة المغرب. وأكد أن المقاربة الأمنية بمفردها لن تعالج الظاهرة، لأن العنف صار ثقافة في الجامعة. أجرى الحوار: امحمد خيي كيف تلقيت حادثة تعذيب نادلة مقصف الكلية بمكناس، سيما أن الفصيل المتهم قال إنه طبق "أعراف الاتحاد الوطني لطلبة المغرب" في حقها من أجل تهمة "الجاسوسية"؟ عندما نلاحظ أو نصدم بأحداث من الشكل المذكور، فإننا نرفضها ونستنكرها وندينها، لأنها قبل كل شيء أعمال وحشية ذهب ضحيتها شباب، وأزهقت فيها أرواح بسبب نزعة وثقافة الكراهية والعداء التي أصبحت سائدة في الجامعة المغربية، وحولتها إلى ساحة صراعات طائفية وقبلية وتطرف.وتلك الأعمال هي من صميم ثقافة العنف، ولا تربطها أي صلة بأعراف ومبادئ الاتحاد الوطني لطلبة المغرب، المنظمة الجماهيرية الديمقراطية التقدمية، ولم تكن فيه تلك الثقافة، كما لم تكن محكمة تصدر فيها أحكام. الحقيقة هي أن أولئك جعلوا أنفسهم يؤسسون دولة الجامعة ووضعوا لها قوانين وأصبحوا يحكمون على الطلاب، وخصوصا خصومهم بما شاؤوا من الأحكام، بل إن بعض الطوائف باتت تصدر أحكاما بالإعدام على خصومها وتنتقل إلى تنفيذها بكل جرأة وافتخار. يبرز كثيرا مصطلح "الحرم الجامعي" عند ارتكاب تلك الفظائع، فهل في نظرك، مازال، في ظل التحولات التي عرفها المغرب، معنى وشرعية لـ "المفهوم" الذي باسم الدفاع عنه يتم إيجاد مسوغات للعنف؟ الحرم الجامعي الذي أعرفه، ينهض على قيم وأخلاق المساواة والاعتراف بالآخر، واحترامه وحفظ حقه في الحياة، أما اليوم فالفصائل الموجودة لا تشتغل بهذه المبادئ، فكيف يمكن لها أن تدعي الديمقراطية؟ فالقتل والطعن وحلق الرؤوس، ليسوا من قيم الحرم الجامعي، بل إنهم ينتمون إلى قاموس قانون الغاب الذي لا علاقة له بالحضارة الإنسانية الحالية، وروح العصر، وقيم الديمقراطية والتعدد.فلنعد، مثلا، إلى مبدأ واحد من مبادئ الاتحاد الوطني لطلبة المغرب، وهو "الجماهيرية"، وتعني أن من حق أي طالب الالتحاق والانتماء إلى المنظمة الطلابية، إذا أراد ذلك واقتنع بمبادئها، وعندما نتحدث عن الديمقراطية، فيعني ذلك الانخراط في النقاش الديمقراطي العميق، الذي يتبعه اللجوء إلى الآليات الديمقراطية للحسم في القرارات. إنهم صاروا يلصقون بالاتحاد الوطني كل شيء ويسيئون إلى تاريخه. هل نفهم من ذلك أن العنف الجامعي ناتج عن أزمة الاتحاد الوطني لطلبة المغرب والحظر العملي لأنشطته منذ مؤتمره 17 الذي كنتم على رأسه؟ إن الأمور قد انفلتت، وأصبح "اللي بغا يدير شي حاجة كايديرها"، والجامعة لم تعد جامعة بالمعنى السليم للكلمة، مادامت تستعمل فيها السكاكين والطعن والقتل، وهي بذلك فاشلة بكل المقاييس المتعارف عليها عالميا. كما أكاد أجزم أنه توجد إرادة لضرب الجامعات وتصميم على تمييع التعليم العالي وإفراغه من مضمونه، حتى ينصرف الناس منهما إلى مؤسسات خصوصية.لقد واجهت الجامعة مؤامرة استهدفت تدمير الاتحاد الوطني لطلبة المغرب، الذي كان يتولى تأطير الطلبة على المبادئ التي ذكرناها، والآن تواجه مؤامرة أخرى، حيث أن المغاربة "ملي يشوفو" إزهاق الأرواح، لا أعتقد أن أحدا منهم سيوافق على ولوج ابنه أو ابنته الجامعة. لقد تجذر العنف والعنف المضاد، وصارا ثقافة راسخة، يسقط بسببها ضحايا، والأخطر أن هذه الثقافة ستنتقل إلى المجتمع، عبر المتخرج الذي لم يكتسب أي معرفة بل كل ما اكتسبه منها هو العنف والكراهية. وإذا استمر الوضع على حاله ستتعرض الجامعة العمومية للتخريب كليا، ما سينعكس سلبا على المجتمع، حيث ستتعمق الفوارق وسيسود العنف، ما سيهدد مستقبل الوطن. هل تكون المقاربة الأمنية، وتحديدا حظر الفصائل، حلا لإنهاء ظاهرة العنف الجامعي؟ المقاربة الأمنية، غير كافية وحدها ولن تحل المشكل جذريا. كما أن الحظر سيزيد الوضع خطورة. إنني مقتنع بـفعالية التأطير لحل المشكلة، كما ألح على عقلنة الجامعة لتكون فضاء التفكير والبحث والإنتاج العلمي الذي سينعكس إيجابيا على المجتمع والوطن. وفي هذا الصدد، تبرز مسؤولية الدولة والحكومة والمجتمع والأحزاب، التي انسحبت من الجامعة، ما نجم عنه انسحاب الفكر الديمقراطي التقدمي الذي ينبغي أن ينهض عليه السلوك الحضاري بالجامعة. فلم تبق إلا المليشيات، التي أقامت دولها الخاصة في الجامعة، عوض أن تكون الجامعة فضاء للبحث والتكوين، وساحة للقيم الديمقراطية وممارستها. لكن بغياب الاتحاد الوطني لطلبة المغرب، أداة لتأطير الطلبة، وقبل ضربه وتشتيته وحلول الخراب، كانت كل الحساسيات ممثلة وكانت آليات الديمقراطية هي الفيصل.

أعراف "أوطم" تشرعن محاكمات رمزية

طعن في انتخاب رئيس جماعة بنمنصور بالقنيطرة

مقالات ذات صلة