كيف تنظرون لظاهرة إدمان الأطفال على المخدرات؟ إدمان الأطفال على المخدرات، مشكلة أصبحت تمس مختلف الأقطار وليس فقط المغرب، ويأتي انتشار هذه الظاهرة الخطيرة بسبب التقنيات الجديدة للاتصال والإعلام، من بينها وسائل التواصل الاجتماعي والشبكات العنكبوتية وهو ما يترجم مقولة العالم أصبح قرية صغيرة.للأسف ظاهرة الإدمان على المخدرات لم تكن تمس الفئات الصغرى كما هو الحال اليوم، بل كنا نلاحظ أنها تمس التلميذ الذي يتابع دراسته في السنة الأخيرة من الإعدادي وتتفشى في أوساط المراهقين الذين يتابعون دراستهم في الثانوية، لكن اليوم حتى التلاميذ في سن مبكرة جدا (10 سنوات و 11 سنة) أصبحوا يتعاطون المخدرات وهي مسألة مقلقة. من المسؤول في نظركم؟ في علم الاجتماع يصعب أن ننطلق من سبب واحد أو نركن إلى زاوية واحدة، فالأسباب متعددة ومتداخلة، ففي الماضي كنا نربطها بالتفكك الأسري والمشاكل الاجتماعية والاقتصادية، لكن ظاهرة إدمان الأطفال على المخدرات لا تمس فقط الفئات المعوزة التي تعيش وضعا اجتماعيا واقتصاديا مزريا، بل حتى الفئات التي تعرف رغدا في العيش ووضعا اقتصاديا واجتماعيا مريحا، و هناك أسبابا أخرى كثيرة.ومن بين هذه الأسباب تفشي التقنيات الجديدة التي صار الوصول إليها أمرا يسيرا على الجميع، وأيضا تخلي الوالدين عن وظيفتهما في التربية، ولا ننسى الأزمة التي تعيشها المدرسة العمومية وهنا يجب الوقوف على الخلل الكبير الذي يطبع العلاقة بين الأسرة والمدرسة.وهناك عناصر كانت مرافقة لتربية الأطفال لكنها انعدمت اليوم ومن بينها الجيران والعائلة الممتدة، إذ كان الجار في السابق عندما يلاحظ أحد أطفال الحي يقوم بسلوك غير سوي ينبهه بشكل حاد ويقوم بدور الأب والعم ويوصل المشكل بشكل مباشر إلى والديه من أجل السيطرة على الوضع قبل فوات الأوان، لكن اليوم هذه الفردانية التي صارت تطبع عيش المغاربة والتي تقول أنا ومن بعدي الطوفان تحولت إلى الفردانية البهيمية. أمام استفحال ظاهرة إدمان الأطفال على المخدرات ماهي انعكاساتها على المجتمع المغربي؟ عندما يصبح الطفل مدمنا على المخدرات، يغيب تركيزه عن الدراسة ويؤدي به ذلك إلى الرسوب و الهدر المدرسي، وهكذا عندما يبلغ سن الشباب يجد نفسه بلا دراسة ولا عمل، إذ يجد نفسه بلا مشروع حياة، وعندما يكون الإنسان بلا هدف ولا مستقبل فإنه يحقد على المجتمع ويصبح مؤهلا لارتكاب حماقات تصل إلى الإجرام ويبحث بأي وسيلة كانت عن الاستجابة إلى نزواته.أجرى الحوار : محمد بها(*) فؤاد بلمير باحث في علم الاجتماع