لم يمنع قرار المجلس الدستوري بإسقاط العضوية عن البرلمانيين الثلاثة، أن تأخذ الدعوى العمومية طريقها نحو المتابعة بتهمة ارتكاب جنح ومخالفات انتخابية، في انتظار معرفة مآل الدعوى الجارية ضد المطعون فيهم. وقرر القضاء متابعة ثلاثة برلمانيين حررت بشأنهم محاضر فساد انتخابي، بعدما بلغ إلى الوكيل العام للملك بكل من الناظور والدار البيضاء، استعمال الأموال لاستمالة أصوات ناخبين بالجهة الشرقية وجهة الدار البيضاء سطات.ووفق المحاضر المنجزة فإن البرلمانيين الثلاثة تورطوا في عملية شراء أصوات الناخبين عبر تقديم هبات مالية، وفقا لما بلغ إلى علم الإدارة الترابية، وهو ما يضعهم تحت طائلة عقوبات حبسية ومالية مع إمكانية التجريد من ممارسة الحقوق السياسية، إذ يترتب بقوة القانون على العقوبات الصادرة بموجب المادة 62 من القانون التنظيمي لمجلس المستشارين "الحرمان من التصويت لمدة سنتين ومن حق الترشح للانتخابات لفترتين نيابيتين متتاليتين".ويعاقب من سنة إلى خمس سنوات وبغرامة من خمسين ألفا إلى مائة ألف درهم كل من حصل أو حاول الحصول على صوت ناخب أو أصوات عدة ناخبين بفضل هدايا أو تبرعات نقدية أو عينية أو وعد بها أو بوظائف عامة أو خاصة أو منافع أخرى قصد بها التأثير على تصويتهم، وتعتبر المادة 62 من القانون أن العقوبة تسري على المرشح سواء منح الأموال بطريقة مباشرة أو بوساطة الغير.ودخل على خط الدعوى القضائية جهاز الداخلية، من خلال الوالي خالد سفير، عن جهة الدار البيضاء سطات، والوالي محمد امهيدية، عن الجهة الشرقية، بصفتهما تقدما بطعون أمام المجلس الدستوري تشكك في شرعية انتخاب ثلاثة مرشحين لعضوية مجلس المستشارين. وطبقا لمقررات المجلس فإن الأمر يتعلق بطعون استندت إلى خروقات شابت عملية الانتخاب، بعد أن بلغ إلى علم الإدارة الترابية بصفتها الجهة المشرفة على الانتخابات، أن تسجيلات هاتفية ملتقطة تضمنت عبارات صريحة تؤكد توزيع الأموال على عدد من الناخبين الذين تمت استمالتهم للتصويت.ويتلخص المأخذ في الدعوى أن العملية الانتخابية المطعون في نتيجتها، بالنسبة إلى المرشحين الثلاثة، "لم تكن حرة وشابتها مناورات تدليسية أخلت بمبدأ المساواة بين المرشحين وأثرت في إرادة الناخبين وفي نتيجة الاقتراع"، ما يفيد أن المرشحين عمدوا إلى استمالة الناخبين بتوزيع الأموال والهبات والمنافع وحملهم على التصويت لفائدتهم، مما حدا بالنيابة العامة على مستوى كل دائرة انتخابية إلى فتح تحقيق في مواجهتهم كل على حدة، وبالاعتماد على تسجيلات هاتفية تم التقاطها للمشتبه فيهم إبان الحملة الانتخابية.واستندت الطعون الثلاثة التي تقدم بها واليان بالإدارة الترابية، على تسجيلات المكالمات الهاتفية لمرشحين تضمنت عبارة صريحة تفيد توزيع أموال على الناخبين الكبار، إذ صدر الإذن بإجراء عملية التقاط المكالمات الهاتفية للمطعون في انتخابهم، تبعا للملتمس المقدم من طرف النيابة العامة بناء على ما بلغ إلى علم الوكيل العام للملك بها.إحسان الحافظي