السجون ملاذ المعتوهين

ضعف طاقة المارستانات وغلاء التداوي عند الخواص عرضا المرضى إلى مضاعفات ومخاطر تحولت السجون إلى ملاذ للتحلل من المسؤولية في معالجة المختلين عقليا، سواء بالبيضاء أو في غيرها من المدن. وإذا كان سجن عكاشة لوحده، يؤوي أزيد من 600 مختل عقليا، يتلقون علاجات حسب مستوى ونوع المرض العقلي الذي يعانونه، فإن سجون أخرى تضيق بالمعتقلين من النوع نفسه، سيما الموجودين في حالة اعتقال احتياطي، في انتظار، تقرير مصيرهم قضائيا بعد التثبت من مدى مسؤوليتهم في ما ارتكبوه من جرائم.وتعاني الأسر، منذ إغلاق "بويا عمر"، عدوانية أفرادها المختلين، وتنهج معهم أساليب تقليدية، تصل في بعض الحالات إلى ربطهم أو احتجازهم في غرف خاصة، لسبب ضعف المستوى المادي وعدم القدرة على التوجه إلى المصحات الخاصة أو الأطباء النفسانيين الخواص، لما يتطلبه ذلك من مصاريف كثيرة لا تقوى عليها الأسر.من جهة أخرى فإن الطاقة الاستيعابية للمؤسسات الاستشفائية العمومية، وقلة الموارد البشرية، تشكلان بدرورهما عائقا أمام الأسر في ولوج تلك المؤسسات، إذ أن مسؤوليها يكتفون بإعطاء مواعد جزافية في انتظار شغور أسرة لاستقبال مرضى جدد.وواجهت الدولة مشكل عدم وجود مآو خاصة بالمرضى النفسيين تمكنهم من تلقي العلاج في ظروف إنسانية، بعشوائية، إذ في البداية استضيفوا في بعض المستشفيات، كما تم ملء مآو للرعاية الاجتماعية بهم، رغم انعدام الظروف اللائقة لاستقبال مثل هذا النوع من المرضى، ومع مرور المدة، تم التخلص من أعداد كبيرة منهم، وأصبحوا يشكلون خطرا على أنفسهم وعلى الآخرين في شوارع المدن.ورغم المقولات التي واكبت ترحيل أزيد من 800 نزيل ببويا عمر، بعد إغلاقه، ومن ضمنها أن وزارة الصحة اعتمدت مبدأ القرب الجغرافي في توزيعها المرضى على المستشفيات، فإنه بعد مدة وجيزة تخلصت مستشفيات من مرضى عقليا، ودعت أولياء أمورهم إلى نقلهم إلى منازلهم، والاكتفاء بزيارات لإجراء الفحوصات حسب مواعد محددة سلفا، وهو ما زاد من معاناة الأسر، التي ترى أنها غير مؤهلة للقيام بدور الطبيب، وبالنظر إلى حاجة ذويهم إلى مراقبة طبية متواصلة، لن تتوفر إلا في المستشفيات المتخصصة.كما سجلت تقارير أن عددا كبيرا من المرضى عقليا، يتجولون في الشوارع في حالة يرثى لها، وبعضهم لا يتوانى في إيذاء المارة.ومع وجود ظروف مثل هذه، تبقى السجون المآل الذي ينتظر المختلين عقليا، إذ أن عدوانية بعضهم تدفعهم إلى ارتكاب جرائم، ورغم أنهم غير مسؤولين قانونيا، فإنه يجري الاحتفاظ بهم، على الأقل في فترة اعتقال احتياطي إلى حين إجراء خبرة طبية عليهم، يعتمدها القضاء بالقول بانعدام المسؤولية والإحالة على مؤسسة للعلاج.م. ص

السجون ملاذ المعتوهين

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

السياسة أصل الهشاشة العقلية

المختلون عقليا... مرضى الدولة المتخلى عنهم

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات