وجه آخر للتحديث المجهض

قال إدريس القري، أستاذ الفلسفة والجماليات البصرية عن البرامج الإذاعية والتلفزيونية التي كانت سببا في تحقيق عدد من "الكوتش"أو مطوري المهارات الذاتية شهرة واسعة، إنه من المهم الوقوف عند دلالات انتشار ثقافة "الكوتشينغ" بالمغرب، والتي تعد مثل كل ظاهرة جديدة ذات دلالات متناقضة: فهي من جهة دليل عصرنة وتحديث لأنها تدخل المعرفة العلمية، مبدئيا، من بابها الواسع في مسلسل التنشئة الاجتماعية والتربية لبلد مازال يقاوم بشراسة على مستوى العقليات وأنماط السلوك هذا التحديث، مضيفا أن كل التخوف سيأتينا من المضمون والنجاعة الملائمة التي يحملها هذا الوافد الجديد من خلال متأبطيه."الفرق سيكون كارثيا بين المساهمة في تحديث بلد في قمة انطلاقته وبين المساهمة في الاستغلال البشع لهذا المسلسل بالاسترزاق بتقنية علمية تحتاج ثقافة قوية وأخلاقا عالية ومعرفة عميقة تتعدى مجرد التلاعب بمصطلحات وبلغات أجنبية وبتقنيات ليس من الصعب الاطلاع عليها في التواصل عبر الأنترنت من أي طرف كان"، يقول إدريس القري.واسترسل القري قائلا إن "الكوتشينغ" يعتبر وجها آخر للتحديث المجهض، كما يعد توظيفا لتقنيات تنير طريق مواطنين يحتاجون وضوح الرؤية في اليومي والمدى القريب، لكنه سلاح كارثي عندما يتعدى ذلك ليدعي قدرة تحليلية على تصحيح معاناة أكثر عمقا سواء كانت أسبابها نفسية أو عقلية أو اجتماعية وظيفية، لا يمكن أن يباشرها إلا المعالج النفسي المتخصص أو المحلل النفسي المتمرس أو تصحيح ظروف عيش معقدة ومسلسل حياة ظالم في سياق متخلف.وأكد أستاذ الفلسفة والجماليات البصرية أن النجومية في ارتباطها ب "الكوتشينغ"، لا تختلف عن النجومية التي أصبحت نسخها تجتاحنا من الموسيقى إلى السينما والتلفزيون، التي غدت كارثية في ما تخلقه وما تكرسه من نماذج مع استثناء من يتمتعون بالمعرفة والنزاهة والمسؤولية من الضيف إلى المنشط.وعن كفاءة "الكوتش" الذين يحلون ضيوفا في البرامج الإذاعية والتلفزيونية قال إدريس القري "كثيرا ما نسمع منهم من لا قدرة له على التواصل بلغة بسيطة ومنسجمة، إذ يخلط الدارجة بالعربية والفرنسية وغالبا ما يسود حديثه غموض المصطلحات من أجل الإبهار والتأثير على المستمع أو المشاهد، ومنه فئة غالبا ما تكون مجردة من سلاح الثقافة والتجربة بالمعنى الإجرائي للكلمة"، يقول أستاذ الفلسفة والجماليات البصرية.وفي السياق ذاته، تساءل إدريس القري قائلا كيف يمكن لمبتدئة في المجال الفني، التي تسند لها مهمة تنشيط برنامج أن تكون مرشدة للمواطنين في معاناة نفسية عميقة التعقيد عاطفيا وجنسيا واجتماعيا؟ وكيف لتقني مطور المهارات أن يحاول عبر الأثير أو الشاشة أن يقنع الآلاف من المتتبعين؟ وبأي منطق يقنع تقني مطور المهارات رب أسرة يكسب ما يفوق الحد الأدنى للأجور بأن عليه أن يوفر مالا ويرضى بواقع موبوء من منظور تقني بئيس لا أبعاد إنسانية أو اجتماعية في حديثه بالمطلق؟واعتبر إدريس القري أن ظاهرة "الكوتشينغ" التي اجتاحت عددا من البرامج الإذاعية والتلفزيونية لا تأخذ بعين الاعتبار السن والتجربة والتكوين، ما يثير السخرية والضحك وتبقى شبيهة بما تعرفه المهرجانات، حين يتعلق الأمر بتكريم مبتدئين أو تعيينهم في لجان تحكيم وفي المقابل إهمال ذوي الخبرة والتجربة.أمينة كندي

وجه آخر للتحديث المجهض

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الأسئلـة المكلفـة

تدبير "الجيب"... الحاجة أم الاختراع

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات