وصل الحوار الاجتماعي بين الحكومة والمركزيات النقابية والكونفدرالية العامة لمقاولات المغرب الباب المسدود، بسبب تصلب الموقف الحكومي وكثرة "اللاءات" والخطوط الحمراء التي رسمها رئيس الحكومة، منذ البداية، لجولة كانت تعول عليها الشغيلة المغربية لتحقيق مطالبها الأساسية المعطلة منذ خمس سنوات.وقال خالد العلمي الهوير، القيادي في الكونفدرالية الديمقراطية للشغل وممثلها في جلسات التفاوض، إن مؤشرات الأمل في الوصول إلى اتفاق اجتماعي جماعي بين الأطراف الثلاثة تتقلص بالتدريج، مؤكدا أن اجتماعا جديدا للجنة التقنية عقد صباح أمس (الأربعاء)، للتداول في العرض الحكومي المحكوم بسقف عدم الزيادة في أجور الوظيفة العمومية والحد الأدنى للأجور.وأوضح الهوير، في تصريح لـ"الصباح"، أن المركزيات النقابية قدمت روزنامة مقترحات ومطالب متكاملة وموضوعية قابلة للتطبيق بناء على دراسات ومؤشرات ومعطيات من تطور الميزانية العمومية، في وقت تعلن الحكومة تشبثها بخطوطها الحمراء، خصوصا في ما يتعلق بعدم الزيادة في الأجور، مبررة ذلك، بأن الإجراء سيكلفها ملايين الدراهم سنويا، "وهو أمر غير صحيح بمنطق الأرقام نفسه، إذ أن الحكومة ستعيد 11 في المائة من هذه الزيادات في شكل ضرائب من السنة الأولى لتطبيقها".وقال الهوير إن الحكومة، في إطار سوء النية، بدأت تروج لمعطيات خاطئة وغير صحيحة بناء على قراءتها السياسية للأرقام، وليس الأرقام المجردة في حد ذاتها، ومن ذلك تعمدها تسريب رقم 38 مليار درهم التي قدرت أنها التكلفة المالية العامة للملف المطلبي للنقابات، مؤكدا أن تقديم هذا الرقم يظهر المركزيات أنها تسعى إلى تخريب المالية العمومية، وهو أمر غير صحيح بالمطلق. وأبرز ممثل الكونفدرالية في اللجنة التقنية أن النقابات قدمت مؤشرات مرقمة عن تدهور القدرة الشرائية للطبقة العاملة خلال خمس سنوات الماضية، مقابل ضعف كتلة الأجور التي انخفضت من 2012 إلى اليوم، مؤكدا أن الزيادة السابقة في عهد حكومة عباس الفاسي، قابلتها إجراءات أخرى، من قبيل الزيادة في القيمة المضافة على بعض الخدمات والمواد الأساسية ونسبة التضخم، التي لم يواكبها تحريك سلم الأجور والأسعار، ما أضر كثيرا بالموظفين.وأوضح الهوير أن اللعب بالأرقام وأسلوب التهويل وإشاعة مناخ التخويف والتلويح بالأزمة، يبدأ فقط حين يتعلق الأمر بمطالب الطبقة العاملة، بينما تتساهل الحكومة في سن إجراءات أخرى تكلفها الملايير، مثل إعفاء بعض القطاعات من النفقات الجبائية التي تصل 32 مليار درهم، إضافة إلى التملص الضريبي، الذي لم تتخذ فيه الحكومة إجراءات حازمة، ويكلف أكثر من 40 مليار درهم.وقال القيادي في الكونفدرالية إن الحكومة غير مستعدة لتقديم أي تنازل في إطار منطق المفاوضة الجماعية، مؤكدا أنها تجتر مقترحات بسيطة، مثل زيادة 100 درهم في التعويضات العائلية بشروط، ورفع منحة الولادة من 150 درهما إلى 500 درهم، ووعد بمراجعة الأجر الأدنى الفلاحي، في وقت ترفض الحديث عن الزيادة في الأجور والتخفيف من العبء الضريبي.في المقابل، تنازلت النقابات عن مقترح الزيادة في الأجور بـ25 في المائة الذي كان سيكلف 28 مليار درهم، واكتفت بزيادة عامة بـ600 درهم، التي ستكلف فقط 9 ملايير درهم، ورغم ذلك لم تقبل الحكومة.يوسف الساكت