علاج المدمنين بالمجان … يد واحدة لا تصفق

تحفي: أملنا توسيع المركز ليشمل بخدماته الآلاف وليس العشرات أغلب الوافدين من الحي المحمدي وسيدي مومن والبرنوصي والدروة وتيط مليل بالبيضاء، احتشدوا على المواساة. كل أم أو أب، يحكي القصة الحزينة التي حملته إلى مركز حماية الشباب من المخدرات لعلاج الإدمان بالمجان بعين السبع. إنجاز: ضحى زين الدين لا تنتهي قصة أحدهم حتى يمسك الآخر بخيطها لسرد قصته، كأن الأمر يتعلق بحكاية ألف ليلة وليلة. لا تنسحب هذه الأم أو ذاك الأب أو تلك الشقيقة من هذا الحشد الصغير الذي يجدون في دائرته دفء البوح، إلا عندما ينادى على اسم قريبهم المدمن، "جات نوبتي بالسلامة والله يعفو على الجميع"، تقول أم مراهق يدمن أقراص الهلوسة. عند الباب وداخل فضاء المركز رابط مؤطرو الجمعية، وفي أياديهم لوائح المستفيدين، الذين حددت لهم مواعد مسبقة، "هذه الخدمة جديدة في الدار البيضاء، إذ مباشرة بعد أن استفادت جمعيتنا من مقر مخفر شرطة قديم، حولناه إلى مركز لعلاج الإدمان، بالمجان"، يقول الفاعل الحقوقي، عبد الصمد تحفي، ورئيس "قافلة لا للقرقوبي والمخدرات جمعية الأزهار"، مضيفا "إمكانياتنا اليوم لا تسمح باستقبال عدد كبير، ولا بفتح مركز العلاج يوميا، لكن على الأقل هناك أمل، في خدمة بعض الأسر والتخفيف عنها، يختم تحفي، مبتسما، قبل أن يوصل ابتسامته بأمنية توسيع المركز، "شباب البيضاء في حاجة إلى مراكز القرب، ولخدمات أطباء متطوعين للتخفيف عن الأسر التي تعاني بسبب إدمان أبنائها، ولحماية أبنائنا في الوقت المناسب ونشر ثقافة الوقاية". على طول الأسبوع يستقبل المركز عشرات الشباب، غير أن الذين تشخص حالاتهم طبيبة مختصة في علاج الإدمان لا يتجاوز عددهم أسبوعيا ثلاثين حالة بمعدل 15 إلى 20 يوم الجمعة من الساعة الرابعة زوالا إلى الثامنة ليلا، وصباح السبت. عمل الطبيبة لا يمتد إلى جميع أيام الأسبوع لالتزامات مهنية أخرى، "كل يومي جمعة وسبت نبدأ في استقبال المدمنين، وتحاول الطبيبة تصنيف الحالات، وتحديد نوعية العلاج المناسبة، وهناك من يواظب على الاستفادة من خدماتنا، إذ نتابع اليوم 48 حالة، وتتحمل الجمعية خدمات الطبيبة إضافة إلى الأدوية"، يقول تحفي، الذي يؤكد أن التجربة أعطت أكلها، رغم أنها لم تنطلق إلا قبل ثلاثة أشهر فقط، "الحمد لله النتائج الطيبة بدأت في الظهور، وأصبح اليوم للمركز إشعاع كبير إذ بدأت تفد علينا حالات من مدن أخرى، لذلك ألح على أنه لابد من توسيع خدمات المركز وخلق مراكز أخرى في الأحياء". بعض الأمهات لم يأتن مرفقات بأبنائهن، لأنهم رفضوا ذلك، "لم يقتنع ابني بأنه بحاجة إلى علاج، وإن كان يوميا يقول لي في لحظات حزن أنه يتمنى التخلص من إدمانه، فيردد دعاء "يا ربي تعفو علي"، لكن في أغلب اللحظات يكون في حالة مزاج سيئ، ويرفض أي حديث عن إمكانية العلاج" تقول الأم، التي حضرت للمركز لطلب استشارة، "يمكن نلقى عندهم شي حل، وخا غير كيفاش نتعامل مع ولدي، ولا شي دوا نديه ليه للدار". جواب مسؤول الجمعية حاسم في مثل هذه الحالات، إذ أكد أنه يمكن تقديم خدمات استشارية للأمهات والآباء وجميع أقارب المدمنين الذين يفدون على الجمعية، "فطيلة أيام الأسبوع باب المركز مفتوح، لتقديم الاستشارات الاجتماعية، وكما قلت نخصص يومين للاستشارة الطبية، على أمل أن تشمل هذه الخدمة باقي الأيام، لكن لا يمكن الحديث بأي شكل من الأشكال عن الدواء، فهذا اختصاص الأطباء، ونحن هنا لنقدم مساعدة وكل حالة تستوجب أن يحضر المدمن بنفسه، بل يمكننا الانتقال إذا طلبت ذلك الأسرة لفتح حوار معه، ومحاولة إقناعه بأهمية العلاج والتخلص من الإدمان وتوعيته بمخاطر استمراره في الإدمان". قضت الجمعية سنوات في تنظيم الأنشطة التوعوية والتحسيسية بأهمية الوقاية من خطر الإدمان، قبل العلاج، "نظمنا قوافل في المدارس والإعداديات والثانويات وفي محيط بعض المقاهي التي يرتادها التلاميذ وفي الأماكن التي تعرف تجمعات الشباب، وبالفعل حققنا نتائج إيجابية، لأننا فتحنا جسرا مع هؤلاء الشباب وتمكنا من مراكمة خبرة في هذا المجال، لكن يدا واحدة لا تصفق، لابد من التعاون، ومن مساندة الأسر التي يحتضن بيتها مدمنا ما، كما لابد من تدخل الأمن للقضاء على منابع هذه البلية خاصة في محيط المؤسسات التعليمية". أمهات معنفات يصل الحكي مداه، حين تقفز الدموع من عيون المعنفات من أمهات المدمنين، واللواتي يظهر أنهن أيضا في حاجة إلى علاج، إذ يعشن في رعب يومي، بسبب الخوف من فورات غضب الأبناء المدمنين، "إذا لم أوفر لابني المال الكافي لاقتناء مخدراته، يدمر كل ما يوجد في طريقه في البيت، حتى أني أعجز عن العيش كباقي الأمهات بسلام، وأحيانا يتأخر في العودة ليلا، وحين يعود يكون في حالة غير طبيعية" تقول أم شاب مدمن على المخدرات، مؤكدة أنها سبق أن زارت مركز الإدمان التابع لمستشفى ابن رشد، غير أن إلزامية الأداء جعلتها تحجم عن نقل ابنها إليه. أم أخرى تحدثت عن انتقال ابنتها للعيش في بيت جدتها، بعد أن واجهت عنف شقيقها المدمن، "يوميا تنشب صراعات وخصامات في البيت، وابنتي كانت مجدة في دراستها، لكن ابني لا يترك لها فرصة لمراجعة دروسها والقيام بواجباتها، كما أنه أحيانا يمزق كتبها، لذلك كان يجب أن ننقلها للعيش في بيت جدتها ببورنازيل لتبقى آمنة". ليست الشقيقة وحدها من انتقل للعيش بعيدا، بل حتى أحد جيران الأسرة باع شقته وانتقل إلى أخرى في حي آخر، "لم يكن أحد يتمكن من النوم حين تنتاب ابني حالات غضب شديدة، إذ يبدأ في الصراخ عاليا ويهدد كل من تدخل للاحتجاج على إزعاجه المستمر".

علاج المدمنين بالمجان … يد واحدة لا تصفق

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الزائدة الدودية ... صغيرة لكن خطيرة

الجيش ... نوستالجيا الحروب العربية

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات