شكلت السرعة التي تجاوبت بها الدولة مع عدد من مطالب حركة "20 فبراير"، من تعديل الدستور، وإجراء الانتخابات التشريعية التي أوصلت الإسلاميين إلى الحكومة، وغياب النفس الإستراتيجي للحركة، أحد أهم أسباب فشل أو خفوت الحركة. كيف تقرأ مسار "20 فبراير" بعد خمس سنوات؟ أولا نعت حركة "20 فبراير" بالفشل، خاطئ، لما قدمته الحركة من إنجازات، خاصة إسقاط جدار الخوف لدى الشعب، وسيادة روح الحركة لدى مختلف الاحتجاجات الاجتماعية، إذ تبرز فيها شعارات وثقافة الحركة. ويمكن الحديث هنا عن خفوت الحركة لعوامل متعددة، منها مآلات ثورات العالم العربي، بعد تدخل القوى الإمبريالية فيها وعسكرة بعضها، ما خلق هواجس لدى الشعب في مطالب الحركة والعدالة الاجتماعية. أيضا هناك التفاف الدولة المغربية حول مطالب الحركة، من خلال دستور ممنوح، وتشكيل حكومة الواجهة، كل هذا ساهم في تراجع فعل حركة "20 فبراير". مثل انسحاب العدل والإحسان والصراعات بين المكونات السياسية ضربة موجعة للحركة، انعكست على قوة التعبئة وتراجع الحركات التي وجدت في "20 فبراير" الصوت القوي للاحتجاج. كيف تقرأ تراجع أو انسحاب بعض المكونات من الحركة؟ منذ بزوغ شرارة حركة "20 فبراير"، شكل منطق الاختلاف من داخل الوحدة إحدى نقط قوتها، وكان الصراع بين مختلف المكونات السياسية عنصر قوة، في صالح تطور وتوهج الحركة، غير أن تطورات خارجية وداخلية، أفرزت انسحاب أحد مكوناتها، لكن الحركة استمرت في الخروج والتظاهر، بل ونجحت في مجموعة من المحطات النضالية بقوة شبابها وشاباتها. إن المسؤولية السياسية والتاريخية لجميع مكونات الحركة اليوم على المحك، خاصة أن الحركات الاجتماعية في مختلف المدن والمناطق، تحتاج إلى وحدة نضالية. وأرى أن حركة 20 فبراير تشكل اليوم وعاء لكل المطالب الاجتماعية من أجل تأطيرها سياسيا، لأن الدولة عاجزة عن تلبية مطالب الشعب المشروعة والعادلة. كيف تقيمون مواقف الأحزاب الأساسية من الحركة، وهل لمستم استعدادا لدى بعضها لمواصلة الحراك الشعبي في إطار الحركة؟ ما يجب أن نؤكد عليه هنا هو أن حركة 20 فبراير في حاجة إلى كل مكوناتها السياسية الخارجة عن لعبة المخزن. طبعا مردود الأحزاب وعطاؤها داخل الحركة كان متفاوتا، وأنا هنا لست بصدد تقييم عملها، بل نحن نشطاء داخل حركة "20 فبراير"، نؤكد ضرورة حضور كل المكونات السياسية والجمعوية والنقابية والحقوقية المناضلة داخل الحركة، وتدبير الاختلاف بشكل ديمقراطي، بما يضمن للحركة قوتها وصمودها، واستمراريتها، من أجل مغرب الكرامة والحرية والعدالة الاجتماعية، وكذلك من أجل إسقاط الفساد والاستبداد.وبخصوص فقدان الحركة الكثير من الوجوه والديناميات التي كانت تتقدم مسيرات 20 فبراير، بعد احتواء الحركات الاحتجاجية، أرى أن الحركات الجماهيرية لا ترتبط بالأشخاص، ومهما سقطت أوراق الخريف، فربيع الشعب المغربي يطل بتضحيات شهداء ومعتقلي الحركة، وأن المستقبل لقيم الحرية والكرامة والديمقراطية وحقوق الإنسان الحقيقية بكونيتها وشموليتها، وليست حقوق الإنسان المزيفة التي تدعيها الدولة.إن إسقاط الفساد والاستبداد يحتاج من كل المؤمنين بالتغيير الاصطفاف في خندق الاحتجاجات الشعبية ضد السياسات اللاشعبية (التقاعد - الغلاء - ضرب مجانية التعليم - الخوصصة ...). ونرى داخل الحركة أن كل الاحتجاجات الاجتماعية التي يشارك فيها مناضلو الحركة تستلزم توحيدها وتأطيرها، وهذا ما يجعل مسببات حركة "20 فبراير" قائمة.أجرى الحوار: برحو بوزياني (*) طالب - مناضل حركة 20 فبراير بالرباط