تطبعت الأسر الفقيرة والمعوزة والمهمشة، مع ظاهرة كراء الأطفال، للتسول كأنه أمر طبيعي، وذلك بعد حصول اتفاق بين "الأم البيولوجية"، و"الأم المتسولة" التي تستخدمهم لجلب المال، في إطار التسول المدر للدخل.ويظهر جليا ومن خلال جولة قامت بها "الصباح" في الأحياء الشعبية، خاصة بالمدينة العتيقة بالرباط، وجود نساء يرتدين اللباس الأبيض، علامة على أنهن أرملات، اضطررن أمام قساوة الحياة، إلى الجلوس أرضا رفقة أطفالهن، للتسول، ما يثير عطف المواطنين.وجلي أن تثير المرأة الأرملة رفقة طفليها، عطف الناس الذين يضعون أيديهم في جيوبهم لمنحها دراهم، وهي في حقيقة الأمر، اكترت الطفلين من " الأم البيولوجية" ، إذ يقدر متوسط كراء الأطفال 60 درهما في اليوم، وتتراوح السومة الكرائية بين 40 و70 درهما حسب طبيعة الطفل، فإن كان معاقا يكون سعره أعلى لأنه يجلب العطف والتضامن السريع من قبل المواطنين.وحتى لا تنزعج "الأمهات المتسولات"، من صراخ الأطفال، تفرض عليهم وبالقوة تناول سائل منوم، طيلة 24 ساعة، كي تحصل على المال دون أن يستغيثوا بالمارة أو يفضحونها، رغم أن المنوم يعرضهم لخطر الإصابة بمرض عقلي.ويزداد الأمر استفحالا حينما تدخل "الأم المتسولة" عالم الاحتراف من بابه الواسع، عبر بوابة استخدام أطفالها الذين تلدهم بدون عقود زواج مع أشخاص مشردين، خاصة حراس السيارات الذين أضحى أغلبهم يتعاطى المخدرات، إذ تحرص على توزيع "يدها العاملة" في الأماكن المدرة للدخل، دون عناء، أمام بوابات المخابز والحلويات، والبعض الآخر أمام المطاعم، وأخريات أمام أبواب المساجد، وأمام بائعي الحلويات والمشروبات، في إطار السعي نحو تنويع الدخل.وتتنافس بعض "الأمهات المتسولات" على جعل أنفسهن آلة إنتاج للأطفال باعتبارهم يدا عاملة مدرة للدخل.والأكيد أن الأطفال المتسولين من أم "بيولوجية" أو من "أم محترفة للتسول" يعانون كثيرا، ويتدربون على سلوكات مضرة بالصحة، لأنهم يتعلمون استهلاك وبيع المخدرات، وامتهان الدعارة، والسرقة الموصوفة والاعتداء على المارة. أما الذين يسعفهم الحظ فيشتغلون في الملاهي، أو خادمات بيوت مستقرات، أو خادمات بيوت عبر عرض مؤهلاتهن في " الموقف" المكان المؤقت في كل حي وزنقة ودرب.والتقطت "الصباح" حديثا طريفا بين متسولين، قرب مسجد مولينا بالرباط، إذ خاطبت متسولة مسنة، متسولا آخر قائلة "هل سمعت حديث فاطنة عني يتطاير منه الحسد والشر، لأنها علمت أنني اشتريت منزلا بديور الجامع، وأنت والكل يعلم أنني اشتريته من عرق جبيني عن طريق التسول، وهي لم تتمكن بعد من جمع 50 مليونا لشراء منزل لها". أحمد الأرقام