لم يرف لامرأة في عقدها الخامس، جفن وهي تسرد حكاية غريبة عن حفيدها الذي لم يتجاوز ربيعه السادس، وتعرضه لهتك عرض من قبل «الجار المتسلط الذي ينتظر الفرصة للانتقام من عائلتها». حاولت رسم سيناريو محبوك حول الوقائع وربطتها بعداوة قديمة تجمع العائلتين وصل صداها للمحاكم.اتهمت «الجدة» شابا، ابن جارتها باستدراج حفيدها إلى إحدى الدور المهجورة، بالدوار في حدود السادسة مساء، وإغرائه بتسليمه طائر حمام، تم الاعتداء عليه جنسيا، مستغلا علاقة الجوار التي تربطه بعائلة الطفل الضحية. وأمام هول الصدمة النفسية حسب شكاية عائلة الضحية والأضرار الصحية التي تعرض لها الطفل أسرع إلى جدته لإخبارها بواقعة هتك عرضه من قبل الشاب الجار.وبعد الاستماع إليها، وتحرير كل المعلومات اللازمة، انتقلت عناصر الدرك الملكي بالبروج إلى منزل الشاب الذي أنهى الثامنة عشرة من عمره، وأوقفته بجناية هتك عرض طفل لا يتجاوز عمره 6 سنوات. استنادا إلى الشكاية التي أدلت بها جدة الطفل الضحية لمصالح الدرك. وباشرت مصالح الدرك الملكي بالبروج فتح تحقيق في النازلة ، وتم الاستماع للجدة، ونقل الطفل إلى المستشفى الجهوي الحسن الثاني بسطات، من أجل إجراء الفحوصات اللازمة، والتأكد من واقعة الاعتداء الجنسي، لتسلم له شهادة طبية تؤكد وجود التهاب لكن دون علامات لإيلاج.أمام المعطى الجديد وسعت عناصر الدرك من دائرة بحثها واستمعت لجميع أفراد أسرة الطفل «الضحية»، لكن الملاحظة الأساسية كانت تقاطع جميع الإفادات مع شكاية الجدة، مع إضافة معطى جديد أوردته الشقيقة الصغرى للطفل والتي أكدت أنه كان يفرك مؤخرته بعصبية زائدة في الآونة الأخيرة.وعند الاستماع للموقوف نفى جملة وتفصيلا واقعة الاعتداء الجنسي على الطفل، وأضاف بأن الطفل يحبه كثيرا لأنه يسمح له باللعب مع حمائمه ويمنحه قطع حلوى في كل مرة عاد من المركز القروي، وأضاف بأن تعلق الطفل به جعل عائلته وبالخصوص الجدة تمطره دائما بالسب وفي أحيان عديدة بالضرب من أجل حثه على عدم التحدث أو اللعب مع الجيران، بسبب العداوة القديمة التي تجمع العائلتين حول حدود أرض فلاحية ما يزال ملفها رائجا أمام المحكمة الابتدائية بسطات.وأمام الخيوط الجديدة التي برزت في الملف، أعادت عناصر الدرك الاستماع إلى الجدة وإلى الطفل، وبعد استدراجه في الحديث في محاولة لإعادة رسم خيوط الواقعة، تلعثم الطفل في سرد علاقته بالشاب الموقوف، واعترف أنه كان كريما معه ويسمح له باللعب مع حمائمه، رغم رفض جدته. وعلاقة بموضوع الاتهام فجر الطفل مفاجأة غير سارة أمام جدته، حين تحدث بعفوية عن ألم غير طبيعي بمؤخرته كان يجعله يفرك كثيرا بأظافره، وعند ملاحظة جدته للأمر قامت بمعاينة مكان الفرك، واستفسرته حول موضوعها فلم يجد جوابا، فشرعت في الصراخ في وجهه وتهديده بالعقاب والضرب إن لم يخبرها بالحقيقة. ولأنه لا يعلم حقيقة ما يحدث معه تمسك بجهل سبب ذلك، قبل أن تبادره بأسئلة عن علاقته بجارهم الشاب، وماذا يفعلان حين يكونان لوحدهما. وأمام إصرارها على ربط الموضوع بالجار، وخوفا من العقاب سايرها في روايتها التي لم يكن مقتنعا بها، ورافقها لمركز الدرك وأعاد الرواية نفسها التي كانت تسردها جدته.إفادة الطفل بعفوية، وإصرار عناصر الدرك على استجلاء الحقيقة، وعدم تماسك رواية الجدة، وضعا حدا لجريمة محاولة رمي شاب بريء وراء القضبان بتهمة ثقيلة، من أجل الانتقام من عائلته، ذنبه الوحيد بأنه لم يرض أن تنتقل مشاعر الحقد والضغينة إلى طفل بريء، لكن ما حدث خلف جرحا غائرا لدى الطفل نفسه والذي وجد نفسه وسط دوامة عداوة الجيران وأدى ثمنها من كرامته. هشام الأزهري (سطات)