الحكومة تهادن المتهربين

رضخت لضغوط نواب الأغلبية والمعارضة وأسقطت إجراء يقر عقوبات حبسية عند ضبط أول حالة غش نجحت فرق الأغلبية والمعارضة في إسقاط الإجراء الذي تضمنته المادة 8 من القانون المالي الجديد في صيغته النهائية، والقاضي بإقرار عقوبات حبسية على مرتكبي الغش الضريبي، تطبق عند أول مرة يتم فيها ضبط حالة الغش، في تعديل للمادة 192 من المدونة العامة للضرائب، إذ تضمن هذا التعديل عقوبة حبسية تتراوح بين شهر حبسا وسنتين حبسا نافذا، في حق الأشخاص الذين يضبطون في حالة غش ضريبي، إضافة إلى غرامة تصل إلى 50 ألف درهم، في حين أن العقوبة، حاليا، تتراوح بين خمسة آلاف درهم و50 ألفا، علما أن الشخص المعني لا يتعرض لعقوبة الحبس، إلا في حال العود داخل أجل خمس سنوات. واعتــــــــــــــــــــبر مراقبـــــون تخلــــي الحكومــــــــة عــــن تمرير هـــــــــــــذا الإجــــراء فـــــي القانــــــــــــــون المالـــــــــــــــي، تضامنا مع المتهربين الضريبيين، وهدية موجهة إلى مجموعة من الشركات والأشخاص موضوع شبهة تملص وغش ضريبيين، فيما تعلل البرلمانيون الذين تصدوا للإجراء، بتضمن التشريعات الحالية لعقوبات جنائية ضد الغش الضريبي في حال العود داخل أجل خمس سنوات، وبالتالي فإقرار عقوبات حبسية تتراوح بين شهر وسنتين في أول مرة تضبط فيها حالة الغش، يفتح المجال لبعض التجاوزات.وفي ظل غياب أرقام حول قيمة الفاتورة التي تؤديها الخزينة العامة عن ممارسات التملص والغش الضريبيين، فإن بعض المحليين الاقتصاديين يرون في النفقات الجبائية صورة من صور الهدر الضريبي، وبالتالي فنزيف الخزينة يقدر بحوالي 35 مليون درهم، في شكل إعفاءات وتخفيضات واستثناءات ضريبية، إلى جانب الضرائب غير المحصلة عن القطاع غير المهيكل، إلا أن هذا المبلغ الذي يمثل حوالي ثلث الموارد الجبائية، لا يعكس القيمة الحقيقية لما تخسره الدول من التهرب الضريبي، بالنظر إلى عدم احتساب قيمة تكاليف التحويل "Prix de Transfert" بالنسبة إلى الشركات متعددة الجنسيات، وفي ظل غياب ضريبة حول الثروة والدخل بمفهومها الحقيقي، في الوقت الذي يربط باحثون بين عدم الالتزام الضريبي وظــــــــــــــــــــــروف الأداء، التي لا تكون في أغلب الأحيان مثالية، رغم المجهودات المبذولة من قبل الإدارة الضريبية لتحديث قنوات الأداء، عبر تطوير أنظمة الدفع الإلكتروني.وتميز المالية العمومية بين مصطلح الغش الضريبي "la fraude fiscale"، الذي يكون ثابتا في حال عدم الإدلاء بالمداخيل والأرباح الحقيقية لدى المصالح المكلفة بمراقبة وتحصيل الضرائب، من أجل الامتناع عن أداء الواجبات الضريبية بطريقة مخالفة للقانون، في حين أن التملص، أو التهرب الضريبي "l’evasion fiscale"، يكون عندما يعمد الملزم، بشكل احتيالي، إلى استغلال الثغرات التي توجد بالمنظومة الجبائية، من أجل عدم الوفاء بالتزاماته الضريبية.ومعلوم أن العقوبات مدنية أو جنائية لا تطبق على التملص الضريبي، بما أن الملزم لم يخالف النصوص التشريعية والتنظيمية، وبالتالي فإن التهرب الضريبي يرتكز على استغلال الثغرات القانونية للنصوص الجبائية، عكس الغش الضريبي، الذي يتم فيه خرق النصوص القانونية، ويعتبر بمثابة سرقة للحقوق العامة، فلا يمكن إسقاط العقوبات الحبسية أو السجنية عن السارق في التشريع الجنائي، بدعوى إمكانية وجود تجاوزات في تطبيق القانون.بدر الدين عتيقي

الحكومة تهادن المتهربين

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

زيادة في الماء والكهرباء

طعم السنة الجديدة...سكر زيادة

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات