أغلب الحضانات الشعبية لاتستوفي الشروط

حجرات صغيرة لا تتوفر على ما يناسب الأطفال تغزو الأحياء الشعبية حجرة ضيقة تضج بصغار يقاومون رغبة قوية في مغادرة مقاعد ضيقة، أصواتهم تعلو المكان، وفي أوقات كثيرة يمتزج معها صوت فتاة في العشرينات من عمرها، تحاول عبثا حثهم على التزام الصمت والهدوء، قبل أن تشرع في الصراخ أكثر. إنها حضانة أطفال بأحد الأحياء الشعبية بالدار البيضاء. حضانات الأطفال "الشعبية"... سجن للأطفال حجرتان ضيقتان خصصت الأولى للأطفال في سن الثالثة، والأخرى للأكبر سنا يتوسط المكان بهو لا تتسع مساحته حتى لخمسة أطفال إن أطلقوا العنان لشقاوتهم، مع العلم أن تلك الحضانات غالبا ما تكون شققا للكراء مساحتها صغيرة جدا، بالطابق السفلي. لا يمكن رؤية وجوه الأطفال المصطفة بمقاعد صغيرة، بشكل واضح، بسبب الإنارة الضعيفة، إلا أن صراخهم القوي يمكن أن يحدد مكان كل طفل.وبعد جولة صغيرة في إحدى هذه الحضانات، التي تعرف انتشارا واسعا في السنوات الأخيرة داخل معظم الأحياء الشعبية بالدار البيضاء وغيرها من المدن، إذ لا يكاد يخلو زقاق من لافتة أو لوحة بحروف باهتة تشير إلى وجود حضانة للأطفال، يلاحظ أن أول ما تفتقر إليه غياب فضاء أو مساحة معقولة للعب، خاصة أن الأمر يتعلق بأطفال لا يتجاوزون الخامسة من العمر، همهم الوحيد هو تفريغ شحنات الطاقة والنشاط في القفز والجري، عوض الالتصاق بالمقاعد طيلة اليوم.لكن هذا الانتشار وإن كان مؤشرا إيجابيا فإن معظم دور الحضانة "الشعبية" لا تستوفي الشروط الضرورية التي تجعلها صالحة لاستقبال الأطفال لساعات طويلة، فتتحول بذلك إلى مجرد سجن لاحتجاز الأطفال وامتصاص شقاوتهم إلى حين عودة أمهاتهم لاستلامهم آخر النهار."أعمل طيلة النهار مما يجعلني مضطرة لترك ابني بحضانة بأحد الأحياء الشعبية القريبة من منزلي، رغم أني أعلم أن المكان لا يسمح له حتى باللعب"، هذا ما أكدته امرأة تحدثت مع "الصباح".وأضافت المرأة التي كانت تعلم جيدا مدى تأثير وضع تلك الحضانات على صحة طفلها الذي لم يتجاوز سنه 4 سنوات، أن الاكتظاظ الذي يشهده المكان وحرمان الصغار من اللعب يؤثر سلبا على الأطفال بشكل كبير.مشاكل متعددة لكن الثمن مناسبانعدام فضاء للعب ليس العيب الوحيد الذي تشهده حضانات الأطفال "الشعبية"، فحسب ما صرحت به أم كانت تضع ابنتها في إحدى الحضانات "الشعبية"، أنهم يعانون الاكتظاظ المفرط.وقالت المتحدثة إن 3 أطفال يصطفون في طاولة واحدة ضيقة، وبما أنهم في عمر يجعلهم أكثر حركة، فلا يكفون عن التزاحم والتدافع في ما بينهم للاستيلاء على أكبر مساحة ممكنة، الأمر الذي يمكن أن يخلق مشاكل متعددة.وأضافت المرأة أنه حتى المعلمة تعجز عن إيصال صوتها للمقاعد الخلفية حيث يكثر لغط الصغار في حجرة ضيقة تضم ما يقارب ثلاثين طفلا، مشيرة إلى أن الوضع في العديد من الحضانات الشعبية يمكن أن يهدد صحة الأطفال.و»بالإضافة إلى كل هذا فإن أسوأ ما في الأمر هو قلة الإضاءة الطبيعية داخل الحجرات، بالتالي يتم اللجوء إلى المصابيح الكهربائية مما يتعب نظر الصغار ويضفي على المكان جوا كئيبا ينضاف إلى المنظر المنفر الذي يخلفه عدم تناسق الألوان والصور التي تزين الجدران»، حسب تعبير الأم.إلا أن تلك الحضانات تعرف إقبالا واسعا رغم المشاكل التي تعيشها، ويرجع ذلك بالأساس إلى أنها غير مكلفة، إذ أن الأسر تدفع أقل من 100 درهم شهريا، فيما لا يتجاوز المبلغ المخصص للتأمين مائة درهم تدفع في بداية السنة الدراسية. وفي هذا الصدد، قالت أم لـ»الصباح» إنها متأكدة أن المكان غير مناسب لاستقبال الأطفال، باعتبار أنهم يحتاجون فضاء أوسع للعب والحركة، لكنها تضطر إلى اللجوء إليها بسبب ثمنها المناسب.وأضافت المتحدثة ذاتها، أن المدارس التي تحترم متطلبات الأطفال، مكلفة جدا، مضيفة «نحتاج ألف درهم للشهر بالإضافة إلى كتب خاصة تفرضها مثل تلك المدارس والتي تتطلب هي الأخرى ميزانية خاصة».مربيات يدافعن عن الحضانات الشعبية"خاص يكون عندك الخاطر باش تقدي تقابلي هذا العدد ديال الدراري" هذا ما صرحت به إحدى المربيات المكلفات بمراقبة أطفال بحضانة "شعبية"، مضيفة أن الاكتظاظ التي يعرفه المكان يمنعها من الاهتمام المناسب بجميع الأطفال أو تحقيق الأهداف التربوية المرجوة، مشيرة إلى أنها تجد نفسها تركز جهودها فقط على مراقبتهم مخافة التعرض للحوادث. وتضيف أنها تراعي وضعية العديد من الأمهات اللواتي تضطررن إلى ترك أبنائهن بالحضانات من أجل الالتحاق بعملهن، ولذلك فهي لا تقوى على رفض استقبال الأطفال رغم أن المكان في الكثير من الأوقات لا يمكنه أن يحتضن جميع الأطفال. وحول ما إذا كانت تلقت تكوينا حول طريقة التعامل مع الأطفال، أكدت المربية أنها كانت فقط تساعد مربية حاصلة على ديبلوم في تربية الأطفال، مشيرة إلى أن تعلمت كل ما يمكن أن يساعدها في ذلك، وأن الخبرة والتجربة أهم من الشهادات والديبلومات.وأضافت أن أغلب الحضانات "الشعبية" يتعمل فقط على مراقبة الأطفال وحمايتهم إلى أن تأتي عائلاتهم، التي غالبا ما تكون ظروف العمل دفعتهم إلى تركهم بالمكان. وأضافت في حديثها مع "الصباح" أنهم يحاولون فقط تسلية الأطفال وتعليمهم بعض الأناشيد، باعتبار أن المكان لا يسمح لهم بوضع ألعاب تسليهم ويفرغوا من خلالها كبتهم الخاص باللعب.إلى ذلك، تعتبر المربية أن الحضانة الذي تعمل بها تناسب المستوى الاقتصادي لسكان الأحياء الشعبية، ورغم نقص التجهيزات فإنها تساهم في تأطير الأطفال ومساعدتهم على التأقلم مع جو الدراسة والاستعداد لولوج المدرسة العمومية، "العديد من المعلمين بالمدارس العمومية يشكروننا على جهودنا، فعلى الأقل عندما يصل الطفل إلى سن التمدرس يكون تعلم الالتزام بالمقعد، إضافة إلى بعض الحروف". وأكدت أنه حتى زمن قريب لم يكن أطفال الأحياء الشعبية يستفيدون من خدمات التعليم الأولي، فيكون ولوجهم إلى قسم الأول ابتدائي أول عهدهم بجو المدرسة، مما يصعب مهمة المعلم ويؤخر تأقلم الأطفال مع الجو العام. إيمان رضيف

أغلب الحضانات الشعبية لاتستوفي الشروط

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

المعارضة بمجلس البيضاء تهدد بالاستقالة والاعتصام

7 ملايين و800 ألف درهم لدعم 36 مشروعا تنمويا بسيدي إفني

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات