جاء الخطاب الملكي لمناسبة مرور 40 سنة على انطلاق المسيرة الخضراء، متضمنا، كما كان متوقعا، لإجراءات عملية ونموذج تنموي واضح ودقيق المعالم، من أجل تحقيق الإقلاع الاقتصادي والاجتماعي بالأقاليم الجنوبية. وحدد الخطاب منذ البداية معيقات التنمية التي يتعين القطع معها وعلى رأسها اقتصاد الريع، الذي ينبني على المحاباة والامتيازات ويكون سببا مباشرا في قتل المبادرة الوطنية. وإذا كان القطاع الخاص لم ينخرط بشكل فعال في مشاريع بهذه المناطق، فذلك راجع بالأساس إلى وجود العديد من مظاهر الريع التي يستفيد منها بعض المحظوظين على حساب التنمية الاقتصادية للمنطقة، لأن المبادرة الخاصة لا يمكن أن تنتعش داخل هذا المناخ. لذا كان الخطاب حاسما وجازما عندما أكد الإرادة الملكية الحاسمة في تحقيق "قطيعة حقيقية مع الأساليب المعتمدة في التعامل مع شؤون الصحراء: قطيعة مع اقتصاد الريع والامتيازات، وضعف المبادرة الخاصة، وقطيعة مع عقلية التمركز الإداري». وهكذا نجد أن الخطاب جمع بين ثلاثة معيقات أساسية مترابطة في ما بينها في مركزية القرار، التي غالبا ما تؤدي إلى قرارات غير دقيقة ولا تنبني على حقيقة الأمور كما هي على أرض الواقع، ما يترتب عنه وضعيات للريع بسبب بعض الامتيازات التي يستفيد منها بعض المحظوظين الذين يتمكنون من الوصول إلى مراكز القرار وتحقيق بعض المكاسب الشخصية، وبطبيعة الحال، فإن نظام الامتيازات يقضي على المنافسة الشريفة والمتكافئة، التي تعتبر محرك المبادرات الخاصة.وهكذا سيكون على الحكومة الإسراع في إخراج ميثاق للاستثمار خاص بالأقاليم الجنوبية، يتضمن مقتضيات تحفيزية للمستثمرين من أجل دعم جاذبية هذه المناطق للاستثمار الخاص، وذلك مع مراعاة شروط المنافسة.بالموازاة مع الإطار القانوني، تطرق الخطاب، أيضا، للإشكالية التمويلية، التي تعتبر عامة بالنسبة إلى المقاولات في مختلف المناطق المغربية، لكن حدتها ترتفع في الأقاليم الجنوبية. وأعلن الملك عن إحداث صندوق للتنمية الاقتصادية، وحدد مهمته في تطوير النسيج الاقتصادي، ودعم المقاولات والاقتصاد الاجتماعي، وتوفير الدخل القار وفرص الشغل وخاصة لفائدة الشباب.عبد الواحد كنفاوي