“واتساب” و”فيسبوك” … ربات بيوت يتحدين الملل

صفحات الدردشة والموضة والطبخ ملجأ النساء في العالم الافتراضي هن أسيرات العالم الافتراضي، سيما لصفحات يجدن فيها ضالتهن. ربات بيوت يقضين معظم وقتهن على مواقع التواصل الاجتماعي،يتصفحن صفحات للطبخ وتربية الأطفال والموضة طورا، ويتحدثن إلى إحدى المنتميات إلى تلك الصفحات، أطوارا أخرى، ليكشفن تفاصيل حياتهن اليومية، وكل ذلك من أجل قتل الملل، قبل أن يجدن أنفسهن مدمنات على ذلك. إنجاز: إيمان رضيف خلال نصف ساعة فقط، توصلت سعاد، بأزيد من 30 رسالة على "الواتساب". وفي كل مرة كان الهاتف يرن يعلن وصول واحدة، كانت حماتها تطالبها بوضع هاتفها المحمول جانبا، والاهتمام بطفلتها، أو القيام بمهمة منزلية، لكن دون أن تجد طلباتها طريقا إلى التنفيذ، إلى أن استسلمت المرأة، أمام إصرار سعاد على الرد على كل الرسائل الواردة عليها، ضاربة بعرض الحائط، نظرات حماتها "الغاضبة". مشهد يتكرر كلما حلت سعاد بمنزل عائلة زوجها لمناسبة ما، بعدما أدمنت على دخول مواقع التواصل الاجتماعي، سيما الصفحات والمجموعات المهتمة بالطبخ وتربية الأطفال، والأزياء وغيرها، قبل أن يتطور الأمر وتجد نفسها، "أدمن" إحداها والمسؤولة عنها. تغيير جذري "تغيرت حياتي بشكل كبير، بفضل صفحات فيسبوكية، ومجموعات في "الواتساب"، ففي الوقت الذي كنت أقضي معظم الوقت في مشاهدة التلفزيون والمسلسلات، صرت أتبادل الأفكار والمعلومات مع مغربيات لهن اهتماماتي ذاتها"، تقول سعاد، في العشرينات من عمرها، مضيفة أن التواصل عبر "الواتساب" و"الفيسبوك"، استطاع إخراجها من حالة الملل التي كانت تتخبط فيها، سيما أن زوجها كثير الأسفار، نظرا لطبيعة عمله، إضافة إلى بعدها عن عائلتها. وأوضحت الشابة، أن الأمر كان له ايجابيات أخرى، إذ ساعدها في توطيد العلاقة بزوجها "كنا على خلاف دائم بسبب سفره المتواصل، في كل مرة أتصل به، لمعرفة مكان وجوده، والأشخاص الذين يرافقهم. كانت الغيرة تسيطر علي بشكل كبير، الأمر الذي كان يخلق لي الكثير من المشاكل"، مضيفة أنها بفضل نصائح المشاركات في تلك الصفحات، تجاوزت ذلك "لم أعد أحس بالعزلة، ولا بغياب زوجي الطويل، وعوض الخروج من المنزل، وتمضية الوقت في التسوق، صار من الممكن أن أظل في مكاني، وقضاء فترات طويلة في تبادل الحديث مع النساء أعضاء الصفحات "الفيسبوكية"، دون أن أشعر بالملل، أنا مرتاحة وراجلي مرتاح حيت جالسة في الدار". لم تتوقف سعاد عن سرد تفاصيل تغيير حياتها، عند علاقتها بزوجها، إذ أكدت أن تغييرا مس أيضا علاقتها بالمطبخ، مسترسلة "عندما عقد قراني، كان سني لا يتجاوز 17 سنة، وخبرتي في عالم الطبخ، قليلة جدا، فوجدت صعوبة كبيرة في إعداد "الشهيوات" والتفنن في تقديم الأطباق"، لكن اليوم وبفضل تلك الصفحات صرت "حادكة"، بشهادة زوجي، الذي كان دائما ينتقد ما كنت أعده له، وأيضا بشهادة حماتي "صرت أتكلف بإعداد الأطباق خلال المناسبات العائلية"، على حد تعبيرها. "بسطيلة" "دجاج محمر"، "حلويات " وغيرها، صارت من الأطباق التي تتفنن في إعدادها، مضيفة أن أوقات فراغها ، أضحت تقضيها في المطبخ، وتجريب الوصفات التي تنشرها منتميات لصفحات الفيسبوك. خطـــــر على حائط سعاد الفيسبوكي، توجد وصفات أطباق مميزة، نشرتها لأصدقائها المفترضين من أجل تجربتها، وإبداء رأيهم فيها. وصفات مرفوقة بطريقة التحضير مصورة، وبالتفاصيل المملة. فتشبثها بمواقع التواصل الاجتماعي، لا يتوقف فقط عند الاستفادة من النصائح الشخصية والعائلية، إنما أيضا بمشاركتها الأطباق التي تعدها "كنت في بادئ الأمر، أتابع ما يتم نشره من وصفات، إلى أن أصبحت من النشيطات، اللواتي يشاركن بما يحضرن من الأطباق"، إضافة إلى تبادل الخبرة في ما يتعلق بتربية الأطفال، وأيضا تقديم النصائح للحوامل. لكن في ظل التأثيرات الإيجابية لتلك المواقع على ربات البيوت بشكل خاص، نجد أن في إدمانهن عليها، نقطا لا يمكن الاستهانة بها. "تعرض ابن صديقتي لحادثة كاد أن يفقد خلالها ذراعه بسبب انشغال أمه بالانترنيت"، تضيف أمينة أن الطفل بسبب فضوله، دخل إلى المطبخ في غفلة من والدته، وتسلق درجا حتى يصل إلى المكان الذي تضع فيه الحلوى، لكنه سقط على الأرض، وكسرت ذراعه. وأضافــــــــــــــت المـرأة، أن حالــــــة من الخوف انتـــابت الأم، ولامت نفسها كثيرا، معتبرة أنها السبب في ما حدث. انعكاسات سلبية على نفسية النساء أكد إبراهيم الحمداوي، أستاذ علم الاجتماع، أن المتتبع للأسرة المغربية سيلاحظ أنها تعرضت لمجموعة من التغيرات الأساسية، أي على مستوى الشكــــــــــــــل والأدوار والوظائف، ومكانة كل فرد داخلها. من أهم هذه التحولات، على حد تعبيره، الانتقال الكبير من الأسرة الممتدة إلى النووية، ومن الأسرة التابعة إلى المستقلة، هذا من جهة، ومن جهة أخرى، انتقال المرأة من ربة بيت مجرد منفذة أو معدة للطبخ إلى امرأة لها أدوارها كاملة تشارك إلى جانب الرجل، في كل المهام ، وبالتالي فالأدوار أصبحت توزع حسب المستويات التكوينية للأفراد. وأوضح الحمداوي أن التحول الكبير الذي عرفه المجتمع المغربي، هو الانفتاح بشكل كبير على تقنيات التواصل والإعلام، مؤكدا أن الانفتاح على القنوات الأجنبية مكن من التعرف على ثقافات جديدة، وبشكل كبير على المعلوميات والأنترنيت التي أصبحت استهلاكا جماعيا وغير محصورة لدى فئة معينة، ومن ثم الإقبال على مواقع التواصل الاجتماعي والتعامل معها أصبح أكثر انتشارا. وأضاف المتحدث ذاته أن انتشار "الفيسبوك"، أعاد تشكيل العلاقات الاجتماعية وسهل التواصل بين مختلف شرائح المجتمع، مؤكدا أنه من بين إيجابيات ذلك، أن ربات بيوت وأمهات أصبحن يهتممن بأبنائهن وبمشاكلهن وبتطلعاتهن، "لذلك نجد أن الكثيرات، خصوصا من الأمهات، يبحثن عن كل ما من شأنه أن يجود الحياة سواء في ما يتعلق بالصحة الجسدية من خلال البحث عن فوائد وأضرار بعض الأمور ، أو الطبخ من أجل تزيين موائد أسرهن وكذلك الصحة النفسية من قبيل كيف تسعدين زوجك أو كيف تهتمين بأسرتك". وكشف أستاذ علم الاجتماع أنه يمكن اعتبار الأنترنيت سلاحا ذا حدين، إذ يمكن أن يستغل ويوظف في ما هو إيجابي، أو يستغل بشكل سلبي، ويصبح الفرد أسير المواقع الاجتماعية فينخفض اهتمامه بأسرته " فالمرأة يمكن أن تنشغل عن أفراد الأسرة في حال عدم الاستخدام المقنن والمعقلن، إضافة إلى السلبيات المتعلقة بالحالات النفسية لبعض النساء. وأضاف أن بعض ربات البيوت كان استخدامهن لـ "الفيسيوك" لملء الفراغ أو الرغبة في التعرف على أشخاص آخرين، والبعض الآخر لمراقبة أبنائهن وأزواجهن، وأخريات لأن صديقاتهن يستخدمنه، مؤكدا أن الإدمان على استعمال تلك المواقع، غالبا ما يكون على حساب تربية الأبناء والاهتمام بالأسرة، وهو الأمر الذي يمكن أن يسبب مشاكل كثيرة.

“واتساب” و”فيسبوك” … ربات بيوت يتحدين الملل

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

مركزيات نقابية تلوح بالإضراب العام

انقطاع الطريق بسبب فيضان وادي "فليفل"

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات