دركي أهان فلاحا وطلبة حكوا مسلسل تعذيبهم بمخافر الشرطة تعد وفاة الشابين حميد بوهزة وبوشتى البودالي، أشهر حالات الوفاة الناتجة عن التعذيب والشطط في استعمال السلطة، دون إغفال ما حكاه الطلبة المعتقلون تباعا من روايات تعذيبهم اللفظي والجسدي أثناء إيقافهم في قضايا مختلفة، مما لم يفتح في شأنه أي تحقيق عكس حالتي الوفاة المذكورتين.سقط بوهزة، بائع "الحرشة" و"الديطاي" بمقهى بمركز وادي أمليل، ضحية تهور دركيين أواخر غشت الماضي، بعدما تحول جسده إلى أداة لتفريغ شطط رجال مفروض فيهم احترامهم للقانون عوض خرقه والإجهاز على حق الآخر في الحياة، أقدس حق تصونه المواثيق والمعاهدات الدولية لحقوق الإنسان. أم حميد، الآن بدون معيل، بعدما رزئت في ابنها مصدر عيشها مما كان يجمعه قيد حياته من "حرفته" وحيلته البسيطة لتدبر معيشه بمركز ترابي مأهول يعرف حركة يومية دؤوبة ينعشها توافد المسافرين عبر الحافلات وعربات النقل العابرة في اتجاه الشرق، أو الوافدة منه عبر الطريق الوطنية. وفاة الشاب نتيجة تعنيفه وضربه من قبل الدركيين خارج وداخل المخفر، أججت غضب معارفه ممن حاصروا مركز سرية الدرك، وجرت غالبية عناصرها، إلى المساءلة القانونية في ملف معروض على أنظار استئنافية تازة، في انتظار حكم قد ينصف عائلته بالإدانة، لكنه لن يعوضها في عزيز "مات مغدورا".وفاة حميد جاءت بعد أيام معـدودة مــن إدانة موظفين بسجين عين قادوس بفاس، ب5 سنوات سجنا نافذا لكل واحد منهما، على خلفية اتهامهما بإيذاء السجين بوشتى البودالي، عمدا وضربه وسوء معاملته، ما أدى لوفاته متأثرا بجروحه، في ملف راج طيلة سنوات أمام غرفة الجنايات باسئتنافية فاس. ظهر بوشتى عاريا كما ولدته أمه مصفد اليدين إلى قطع حديدية، في صور عمم نشرها مباشرة بعد وفاته وأمر الوكيل العام بالتحقيق فيها، للاهتداء إلى موقع تعذيبه والمسؤولين عن ذلك، إن بالسجن، أو مخفر الدرك بسيدي حرازم، حيث اعتقل بتهمة السرقة وقضى مدة الحراسة النظرية.معاينة ممرض السجن للضحية كشفت حمله كدمات ظاهرة في عينيه ورضوضا في ظهره وزرقة في قفصه الصدري، مسجلة وجود خدوش ببعض أطرافه ورأسه ووجهه، ملاحظة أن الضحية لم يكن حين معاينته متزنا في وقوفه وسيره، ما تماشى مع ما كشفه أخوه من صور تعذيبه وضربه.المسؤولون عن تعذيب وقتل الضحيتين، نالوا جزاءهم ، عكس روايات تعذيب كشف عنها عدة طلبة قاعديين بجامعة فاس، لم يفوت كل منهم، ذكورا وإناثا، الفرصة لسرد تفاصيل "جلسات" التعذيب بمخفر الشرطة، في حلقات عمم نشرها إلكترونيا وإعلاميا وبصفحة فيسبوكية طلابية. لكن غالبية هذه الروايات بقيت حبيسة صدور رواتها دون تحريك تحقيقات فيها للتأكد من صحتها، أو زيفها واتخاذ المتعين قانونا في المجال، إن بمعاقبة المدعى تعذيبهم الطلبة، أو كل ناشر وشاية، سيما أن بعض الطلبة ظهرت عليهم جروح أثناء مثولهم أمام هيآت الحكم أثناء محاكمتهم. وبعيدا عن هذا السجال الذي قد لا ينفع في شيء، يبقى التعذيب اللفظي أو الجسدي، بمخافر الشرطة والدرك، حقائق لا يعلمها إلا كاشفها ومن معه من رجال قوة وضبط، مفروض فيهم احترام حقوق المحروس نظريا ووقف كل المعاملات المسيئة إليه أو الماسة بكرامتهم وحقوقه المصونة.ومن آخر "الممرغة" كرامتهم في وحل الإهانة، الفلاح "م. ع" ابن دوار سعدانة ناحية كتامة، الذي تعرض إلى ابتزاز دركي قبل أن يجد نفسه وابنيه وقريبين له، أمام ابتدائية الحسيمة، يتابعون في ملف متفرع عن حادث محاصرة دركيين بأربعاء المشاع، بداعي ابتزاز مزارعي القنب الهندي بالمنطقة.أشعر عون سلطة هذا الفلاح، بأنه مطلوب لدى درك إيساكن، لاتهامه بزراعة الكيف، قبل أن يتوجه إلى ابتدائية الحسيمة، ويتأكد من عدم وجود أي شكاية، ويقصد مخفر الدرك، حيث انطلق مسلسل التهديد بالزج به في السجن، بعد اكتشافه أن الشكاية تخص شخصا آخر ولا تعنيه."نهرني وأراد تصفيدي، قبل سقوطي أرضا لمرضي بالسكري" يحكي الرجل في اتصال هاتفي مع "الصباح"، متهما دركيا بمطالبته ب 4 ملايين سنتيم، لغض الطرف عنه، قبل أن يمكنه من 6 آلاف درهم كانت بحوزته، ويرافقه على متن سيارة خاصة إلى مسقط رأسه لتمكينه من مبلغ آخر.يحكي الرجل عن معاملة مهينة وسب وقذف وتعذيب نفسي تعرض إليه داخل مركز سرية الدرك وعلى طول طريق غير معبدة عبر باب جبح في اتجاه دوار يفروت عزابة شقارة، مؤكدا معاينته دخول الدركي منزل امرأة أم لعدة بنات في غياب زوجها، وابتزازها وإهانتها وتهديدها بحجز شاحنة.صراخ هذه الأم وادعاء سلب الدركي مليون سنتيم منها، حشد دعم جيرانها وسكان دواوير مجاورة بأربع جماعات متقاربة بإقليمي تاونات والحسيمة، قبل محاصرة الدركي ومرافقه، اللذين اتهم السكان أحدهما بإشهار مسدسه وأسلحة بيضاء. حميد الأبيض (فاس)