مدد.. مدد.... الحمائم تبتسمعادة لا يبتسم قادة حزب التجمع الوطني للأحرار، إذ يظهر صلاح الدين مزوار والطالبي العلمي، ومنصف بلخياط، وحتى الوزير أنيس بيرو، غاضيون دوما، لحكمة لا يعلمها إلا الله.. فهل رأيتم، يوما، حمائم تبتسم؟إليكم القصة التالية حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الأسود في ابتسامة قادة الحزب الليبرالي.وقفت حمائم نافورة البيضاء الشهيرة، الاثنين الماضي، على رجل واحدة، وفتحت مناقيرها الجميلة، وظهرت ألسنتها الرطبة التي تشبه الحرباء الصغيرة، ثم استلقت أرضا من شدة الضحك... يا سبحان الله!ظلت حمائم النافورة، منذ التاسعة صباحا من ذلك اليوم المشهود في التاريخ، تنتظر بني جنسها الآدميين، إذ وصلتها أنباء أن حمائم زرقاء اللون تنتمي إلى حزب سياسي ستقصد مقر ولاية الجهة الذي لا يفصله عن النافورة إلا شارع ضيق، فقررت مساندة البشر، وبعثت أكبرها سنا لتتبع انتخاب رئيس الجهة... وليثها ما فعلت. امتنع "حمام النافورة" عن أكل الذرة الرخيصة وشرب الماء الراكد، وتمردت على المصورين الذين يقتاتون من ألبوم صورها، فالحدث، ذلك اليوم، جلل يستدعي خرق عادات تربت عليها وألفتها حتى أصبحت طائرا أليفا لا يخاف من الإنس والجان. زحفت الحمامة ببطء في اتجاه مقر الولاية (نعم الحمائم تزحف ولا تمشي)، ووقفت قرب حاجز تنتظر قدوم بني جنسها من الآدميين، فلم ينتبه لها أحد ولا نهرها شرطي مرور، بل تجاهلها الجميع، ثم اندست بين الصحافيين إلى داخل المقر، وولجت القاعة الفسيحة من الباب المخصص للفائزين في انتخابات جهة البيضاء وسطات، حينها انزوت في ركن قصي ريثما يظهر مرادها.فجأة دخل منصف بلخياط، القيادي في حزب الحمامة الزرقاء، فشمت صديقتنا رائحة القرابة، واستأنست بقدومه، كما انتابتها قشعريرة الله وحده يعلم أنها كادت أن تعصف بقلبها الصغير... فهي مرهفة الأحاسيس وليست مثل سياسيينا.انتبهت "حمامة النافورة" أن وميض آلات تصوير الصحافيين يبرق في وجه منصف بلخياط، فأصابها الوجل، فهو لم يبتسم، مثل بني جنسها، بل ظل يطوف في الأرجاء، ويقبل الأصدقاء، ولا يفارق ظل مصطفى الباكوري، الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة، فالعلاقة بين الجرار والطيور قديمة.. ألا يطعم التراكتور أثناء حرث الحقول كل أنواع الطيور بدودة الأرض!ظلت "حمامة النافورة" تتجول داخل الفضاء، و ترسل الأخبار "الطازجة" لصديقاتها وقريباتها المتسمرات أمام النافورة، في غفلة من عيون المارة.صعدت الحمامة درج الولاية، زحفا مرة أخرى، وهي تقتفي أثر منصف بلخياط، وهالها الحشد الكبير من الحاضرين والأعداء، فرأيت بعينيها العسليتين كمائن وفخاخا، فتجنبتها، وامتنعت عن الشرب والأكل مرة أخرى حتى لا "تتشارك الطعام مع بني الإنسان".بدأ التصويت على رئيس الجهة، فرفعت الحمائم الزرقاء الإنسية يدها دعما لمرشح المصباح، في حين امتنع صديقها بلخياط عن رفع يديه إعلانا منه لدعم زعيم التراكتور.. وهنا قامت الدنيا ولم تقعد داخل القاعة، وعلا الصخب، فاضطرت الحمامة المرهفة الأحاسيس إلى التحليق عاليا في القاعة حتى لا تصيبها شظايا الاتهامات وقذائف السب.وقفت الحمامة في أعلى شرفة بقاعة الجلسات إلى جانب كاميرا مجهولة تنقل التفاصيل الدقيقة، فسمعت ما لا يخطر على خيالها، فهي لأول مرة في حياتها القصيرة تعاين "حمامتين" زرقاوين متخاصمتين، وشاهدت "حمام" من أصل يصف صديقها من "آنفا" بالكذاب، في حين ظل الأخير يتشبث بحقه في مجاراة التراكتور الذي آمنه من خوف وأطعمه من جوع.خارج مقر الولاية أصيبت حمائم النافورة بالذهول، منذ وصول تقرير مبعوثتهن الخاصة إلى بلخياط، فانتحرت بعضهن برمي أنفسها تحت عجلات الترامواي غما، وغادرت أخريات النافورة إلى أخرى لا رائحة للسياسيين فيها.. أما أكبرهن سنا، فقد استلقين أرضا من شدة الضحك لعلمهن أن الحمائم الإنسية تتخاصم جهارا وتتصالح حين يسدل الليل ستاره... ولنا في الحمائم عبر. (*) موقع في الواجهة www.filwajiha.com