مسؤولية الناخبين مضاعفة

الغالي قال إن الانتخابات فرصة لتوسيع دائرة المواطنة الإيجابية وصف محمد الغالي، أستاذ العلوم السياسية جامعة القاضي عياض بمراكش، انتخابات اليوم بالمرحلة التاريخية والمؤسسة لسياسات عمومية ترابية من خلال افراز النخب التي ستتولى تفعيل مقتضيات دستور، لكن ذلك لن يتحقق دون استيفائها شرط الشفافية التي تعني الاتاحة والولوج المتكافئ لمختلف المتنافسين في الانتخابات، سواء هيآت سياسية أو هيآت مستقلة الى المعلومات والاستفادة من الإمكانات المخصصة على قدم المساواة دون تمييز، بالإضافة إلى شرط النزاهة التي تعني التحرر من كل الأفعال التي يمكن أن تستعمل أساليب غير قانونية أو أخلاقية في التاثير على إرادة الناخبين أو المرشحين أو التاثير على السلطة مثل استعمال التزوير أو الوشاية الكاذبة أو غيرها من السلوكات المعيبة أو المنحرفة بحسب التوصيف القانوني والأخلاقي. < ماذا تمثل انتخابات اليوم في ظل دستور 2011؟< تشكل هذه الانتخابات مرحلة تاريخية مؤسسة لسياسات عمومية ترابية من خلال افراز النخب التي ستتولى تفعيل مقتضيات دستور 2011 والقوانين التنظيمية ذات الصلة منها القانون التنظيمي رقم 14/111 المتعلق بالجهات و القانون التنظيمي رقم 14/112 المتعلق بالعمالات والأقاليم و القانون التنظيمي رقم 14/113 المتعلق بالجماعات، فالتصويت يوم 04 شتنبر يشكل طريقة عامة للمشاركة في عملية تدبير الشأن العام من طرف المواطنات و المواطنين، في اطار قواعد ومبادئ نظرية السيادة الوطنية، بالنظر إلى أن الانتخاب عملية مركبة تتداخل فيها مجموعة من المراحل والعمليات الدقيقة تبتدئ من وضع الشروط المتعلقة بالأهلية الانتخابية، و التقييد في اللوائح الانتخابية، ووضع اللوائح الانتخابية العامة ومراجعتها والطعون المتعلقة بها، بطائق الناخبين، شروط الأهلية للترشح وموانعه، وإيداع وتسجيل الترشيحات، والحملة الانتخابية، وأوراق التصويت، كيفيات التصويت، وفرز وإحصاء الأصوات وإعلان النتائج ثم المنازعات الانتخابية، وهو ما يتطلب تعبئة ينخرط فيها الجميع بكل التزام ومسؤولية بناء على مبادئ الشفافية والنزاهة التي تضمن تكافؤا للفرص بين مختلف المترشحين المتنافسين. < تعتبر مسألة شفافية ونزاهة العملية الانتخابية لـ 04 شتنبر عاملين أساسيين في قياس مدى مصداقية مسلسل الجيل الثالث من الإصلاحات التي دشنتها المملكة في عهد الملك محمد السادس، هل لك أن تقربنا من الضمانات القانونية في هذا المجال؟< تكمن هذه الضمانات فيما نص عليه الفصل 11 من دستور 2011 من خلال مجموعة من المبادئ، منها أن الانتخابات الحرة والنزيهة والشفافة هي أساس مشروعية التمثيل الديمقراطي، وأن السلطات العمومية ملزمة بالحياد التام إزاء المترشحين، وبعدم التمييز بينهم، وأن القانون يحدد القواعد التي تضمن الاستفادة، على نحو منصف، من وسائل الإعلام العمومية، والممارسة الكاملة للحريات والحقوق الأساسية، المرتبطة بالحملات الانتخابية، وبعمليات التصويت. وتسهر السلطات المختصة على تنظيم الانتخابات على تطبيقها، بالإضافة إلى شروط وكيفيات الملاحظة المستقلة والمحايدة للانتخابات، طبقا للمعايير المتعارف عليها دوليا.كما تم التنصيص على أن كل شخص خالف المقتضيات والقواعد المتعلقة بنزاهة وصدق وشفافية العمليات الانتخابية، يعاقب على ذلك بمقتضى القانون، وأن على السلطات العمومية أن تتخذ الوسائل الكفيلة بالنهوض بمشاركة المواطنات والمواطنين في الانتخابات. < هل لك أن تشرح لنا المقصود بشفافية الانتخابات ونزاهتها وتنافسيتها وكونها حرة، ويلتزم من خلالها الجميع بالحياد وبنفس المسافة بين مختلف المترشحين ؟< الشفافية تعني الإتاحة، والولوج المتكافئ لمختلف المتنافسين في الانتخابات، سواء هيآت سياسية أو هيآت مستقلة الى المعلومات والاستفادة من الإمكانات المخصصة على قدم المساواة دون أي تمييز غير قانوني يمكن أن يمس بمبدأ تكافؤ الفرص ويرجح كفة جهة على حساب أخرى، وأما النزاهة فتتعلق بسلوك في الممارسة والفعل متحرر من كل الأفعال التي يمكن أن تستعمل أساليب غير قانونية أو أخلاقية في التأثير على إرادة الناخبين أو المرشحين أو التاثير على السلطة مثل استعمال التزوير أو الوشاية الكاذبة أو غيرها من السلوكات المعيبة أو المنحرفة بحسب التوصيف القانوني والأخلاقي..ووصف الانتخابات بالحرة، يعني خضوعها لشرط أساسي يمكن من قياس درجة تحرر الناخبين والناخبات، والمرشحين والمرشحات من كل ضغط أو تأثير يكون سببا في عدم التعبير عن إرادتهم بكل حرية واختيار، ويقصد بالحياد الوقوف بالمسافة نفسها بين مختلف المترشحين والمترشحات، وعدم التدخل لصالح طرف على حساب طرف آخر.أما المصداقية، فتتجسد في الإخلاص في التعامل والالتزام والجدية فيه، مما يساعد على بناء الثقة وترسيخها، تتعلق التنافسية بعملية تهدف الى تحقيق المفاضلة بين مختلف العروض الانتخابية على مستوى البرامج السياسية أو الانتخابية من أجل تحقيق استمالة صوت الناخبين اليها، وتتحقق التنافسية على مستوى البرامج بضمان مناخ تسود فيه الحرية والاستقلالية. < تشكل الانتخابات محطة أساسية في مسلسل تفعيل الجهوية المتقدمة خاصة من جانب إفراز النخب التي ستتولى مباشرة مسؤولية التدبير، هل لك أن تضع الناخبين أمام مسؤولياتهم في حسن استغلال هذه الفرصة وإعطاء قيمة لصوتهم ؟< أذكر في هذا السياق بخلاصة أساسية تضمنها تقرير اللجنة الملكية للجهوية الموسعة والمتقدمة، مفادها أن أكبر عائق يمكن أن يجده اختيار تفعيل الجهوية المتقدمة يكمن في الخصاص المسجل على مستوى النخب الكفؤة والملتزمة والمسؤولة، وعليه فمسؤولية الناخبين مضاعفة في هذا السياق على اعتبار أننا سنكون أمام أول جيل من النخب التي سيفرزها اقتراع اليوم لتفعيل أول مقتضيات دستورية متقدمة في مجال السياسات العمومية الترابية كتوجه جديد في طريقة تدبير الدولة لقضايا وانتظارات المواطنات والمواطنين والسكان ولا أدل على اهمية افراز نخب شفافة نزيهة وكفؤة ما جاء على لسان جلالة الملك في خطاب 20 غشت 2015 بقوله: .. فان جعلتم على رؤوسكم فاسدين في مدنكم وقراكم فلا تقبل منكم الشكايات وأنتم المسؤولون على تدهور حقوقكم وحق بلدكم عليكم < تعتبر مسألة الانضباط الحزبي وعامل تدبير التزكيات منطلقين أساسيين في تيسير مخرجات فعالة وناجعة كيف تقيمون أداء الدولة والأحزاب في هذا الموضوع ؟< تعتبر الأحزاب عماد أي نظام ديمقراطي، مما يعني أن خضوعها للتنظيم والتأطير وحسن السير العادي عوامل أساسية ومحددة لضمان عمل حزبي يتصف بالالتزام والمسؤولية والوضوح وهو ما حاول الفصل (7) من دستور 2011 التأسيس له، لكن الذي كشفته الممارسة الحزبية والسياسية أن الأحزاب السياسية كانت تعاني ظاهرة الترحال السياسي التي أسقطت الأحزاب في أسر اللوبيات الانتخابية، مما قاد الى التأثير بشكل سلبي على حسن السير العادي للمؤسسات الدستورية خاصة مجلسي البرلمان ومجالس الجماعات الترابية، فسيرا على نهج ربط المسؤولية بالمساءلة والمحاسبة كان لازما اتخاذ مجموعة من التدابير القانونية والعملية، فمن حيث التدابير القانونية، كان أول إجراء من خلال القانون رقم 04/36 المتعلق بالأحزاب السياسية الذي تم اعتماده ودخل حيز التطبيق سنة 2005 اذ نص في المادة (5) منه على أنه للمغاربة ذكورا و إناثا البالغين سن الرشد أن ينخرطوا بكل حرية في أي حزب سياسي مكون بصفة قانونية، ولا يمكن لشخص يتوفر على انتداب انتخابي ساري المفعول في إحدى غرفتي البرلمان تم انتخابه فيها بتزكية من حزب سياسي قائم أن ينخرط في حزب سياسي آخر إلا بعد انتهاء المرسوم المحدد، حسب الحالة، لتاريخ الانتخابات التشريعية العامة الخاصة بمجلس النواب أو بمجلس المستشارين بالنسبة إلى أعضاء البرلمان المؤهلين للترشح لهذه الانتخابات. لكن الممارسة اثبتت بأن تطبيق هذه المادة لم يكن فعالا على اعتبار أن ظاهرة الترحال الحزبي ظلت سائدة داخل مجلسي البرلمان، وفي مجالس الجماعات الترابية.ياسين قطيب رقم في معادلة الأمن القومي < الى أي حد تبني الجهوية المتقدمة يمكن أن يشكل خيارا إستراتيجيا في معادلة الأمن القومي المغربي ؟< تشكل الجهوية المتقدمة نظاما في التدبير يعتمد على الاعتراف بالخصوصيات المجالية وتثمينها، مما يعني اعتماد أسلوب في العمل يعمل على جعل السكان جزءا من المشاريع التي تنجز من أجلهم، وهذا المنطلق يساعد على جعل السكان مشاركين ومنخرطين، في إطار قواعد الديمقراطية التشاركية التي أسس لها دستور 2011 في المواد 12، 13، 14، 15، و 139، فمنهجية الإشراك الفعلي للسكان في مسلسل القرار المحلي والإقليمي والجهوي تعتبر عاملا أساسيا في توطيد أواصر التلاحم والتضامن والاندماج بين ابناء الوحدة الترابية، وهي عوامل أساسية في توفير شروط الاستقرار وبالتالي الإحساس بالسكينة والطمأنينة في إطار عقيدة المصير المشترك، فالحكامة الجيدة لا تتحقق إلا إذا كانت لصانعي القرار القدرة على جعل السكان أكثر انخراطا وأكثر التزاما في نطاق الوحدة الترابية التي ينتمون إليها، فالحلقة الصعبة في معادلة الأمن القومي عندما تصبح العلاقة بين السكان وصانعي القرار علاقة انفصام تتجسد من خلال تولد الإحساس بان كل ما يتخذه و ينجزه السياسيون صانعو القرار من أجل السكان ومن دون إشراكهم فيه يخلق شعورا مضادا لديهم يتجسد في كون ما ينجز اعتقادا بأنه لفائدتها هو ضدها. فزرع الإحساس بالانخراط وتولد الشعور بالالتزام من قبل الدولة هو مؤشر ومدخل أساسي لسيادة ثقافة المواطنة الإيجابية المؤسسة على ثنائية الحق/الواجب، والتي تشكل صمام أمان في تحقيق السلم الاجتماعي. في سطور > مواليد خنيفرة 1972> متزوج وأب لثلاثة أطفال> أستاذ العلوم السياسية والقانون الدستوري بجامعة القاضي عياض (مراكش)> خبير دولي في مجال السياسات العمومية> مستشار لدى عدد من المنظمات العالمية والإقليمية

مسؤولية الناخبين مضاعفة

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

"بام" وضع مئات الشكايات الانتخابية

ليلى الجزائرية تتذكر

مقالات ذات صلة