قال الدكتور محسن بنزاكور، أستاذ باحث في علم النفس الاجتماعي، إن ظاهرة التحاق النساء بداعش، لا يمكن الحكم عليها من منطق الدين الإسلامي، لأن التطرف ليس له جنس وليس مرتبطا بدين معين، بل كل الديانات والمذاهب تعرف التطرف، بغض النظر عن أسباب التحاق النساء بالتنظيم الإرهابي «داعش»، مشيرا إلى أن هذا الموضوع مرتبط بالحملة التي تتحدث عن الجهاد الجنسي.وبخصوص دوافع التحاق النساء بالتنظيم الإرهابي «داعش» أوضح بنزاكور في حديث «للصباح» « ليس كل من تلتحق بداعش دافعها الجهاد الجنسي أو ما يسمى جهاد النكاح، وليس كذلك معناه أنهن يفلتن منه حسب الأخبار التي تتداول في وسائل الإعلام، وإنما هناك دوافع كثيرة، من بينها : وجود قناعة عند بعض المتطرفات فكريا خصوصا بعد عملية غسل الدماغ، تتمثل في ضرورة المساهمة في ما يسمى مساعدة جنسية ونفسية للمجاهدين حتى تستمر الحرب، أو هروب من مشاكل ذاتية، خصوصا أن المجتمعات الحالية عرفت ما يسمى بشرخ بين الأجيال».وأضاف المتحدث نفسه أن «جريمة التحاق النساء بتنظيم داعش، لا يتحمل فيها الأنترنيت المسؤولية الكبرى لوحده، ومواقع التواصل الاجتماعي، بل يجب أن نحمل المسؤولية فيها للعلاقة التي أصبحت تربط بين الأجيال والتي تتميز بالشرخ كما أسلفت الذكر، خصوصا في ظل التباعد والتنافر بفعل إيجاد بديل آخر والذي يتجلى في الأنترنيت، ففي البيوت المغربية أصبح الطفل يقضي ساعات طويلة مع الحاسوب، أكثر مما يقضيه رفقة والديه، عكس المناعة الفكرية التي كنا نتمتع بها في الماضي، عن طريق التنشئة الاجتماعية فالمدرسة والإعلام غير كافيين لتحقيق ذلك، بل الدور الاساسي يلعبه الوالدان اللذان يكونان القدوة لأطفالهما، حيث كانت الأسر المغربية تجتمع على مائدة واحدة وتتناقش في ما بينها في مواضيع الساعة وحول المبادئ التي يتمتع بها المجتمع المغربي، وهو ما كان يجعلها فرصة لإغناء النقاش وتبادل الأفكار وتربية للأجيال، و يشكل حصانة ضد التطرف».وتابع بنزاكور «اليوم أصبح هناك فراغ، وعندما يكون الفراغ يحل مكانه الأنترنيت الذي تلعب فيه المواقع الجهادية دورا في الإقناع بالدخول إلى عالم الإرهاب، عبر استغلال التقنيات المتطورة للتكنولوجيا من مواقع التواصل الاجتماعي والفيديو وهو ما يجعل عملية الإقناع بالانضمام للحركات المتطرفة أمرا سهلا».وأكد الأستاذ الباحث في علم النفس الاجتماعي، أن التحاق النساء بداعش ليس بدافع المال والجنس فقط، وإنما كذلك البعد الذي يتناول به الدين اليوم في المجتمع المغربي، يجعل المرأة أمام مجموعة من التناقضات، وبالتالي يجعلها تبحث أين هو هذا الإسلام الحقيقي، هل هو الإسلام الرسمي أو إسلام المساجد أو المرتبط بالأنترنيت، أو الذي يوجد بالبيت، وبالتالي تعيش مرحلة الشكوك الكبرى، وعندما لا تجد أجوبة شافية وسلوكا شافيا تميل للتطرف.واعتبر بنزاكور أن المسؤول عن الوضع الحالي، هو الظرفية التي يمر منها العالم العربي والإسلامي من تقهقر حضاري، فنحن نعيش مرحلة ضعف عكس ما يعيشه العالم الغربي من تقدم وقوة، «أما في ما يخص مسؤولية الإعلام فيمكن الإشارة إليها، عن طريق ما تفعله بعض الفضائيات العربية الشهيرة، من تحليلات وتعاليق المقدمين والمذيعين فيها، و»هنا نتساءل هل من خلال التحليل أفتح فكر الطفل أو المراهق لكي يستقيم ولا يلجأ إلى التطرف أم أنني أحرضه على التطرف»، وهذا ما تفعله بعض المنابر الإعلامية في العالم العربي، إذ كل تحليلاتها تصب في خانة الغضب، وإذا كان المشاهد سواء كان مراهقا أو راشدا يتابعها صباحا ومساء فإنه بلا شك سيصبح عرضة للفكر المتطرف وهو ما سيؤدي به لأن يصبح ضحية للتنظيمات المتطرفة ومن أبرزها داعش».وشدد الأستاذ الباحث، على أن التطرف الجديد عامة خصوصا في صفوف النساء، ليس مسؤولية وسائل الإعلام وحدها، بل جاء نتيجة غياب الرأي والرأي الآخر في مجتمعنا، وانعدام التحليل العلمي الرزين، وأيضا غياب التوازن الفكري عن طريق المناظرات في القضايا الحساسة والإنصات لكل الآراء، «الثقافة المغربية اليوم أصبحت فارغة على مستوى المضمون. صحيح هناك مهرجانات كثيرة وصالونات للنقاش، لكن ما فحواها؟، ما هو الإنسان الذي نرغب في بنائه؟ نموذج مواطن حقيقي لديه مشاريع يرغب في تحقيقها أم إنسان فارغ الأفكار؟، الإنسان الذي لا يحقق ذاته ولا يعمل ولا يفكر سيعيش مرحلة فراغ، وهو ما سيؤدي به إلى التطرف، وهذا ما حصل في صفوف النساء مما جعلهن يخترن الالتحاق بالتنظيم الإرهابي «داعش»، وبالتالي يمكن التأكيد على أن هناك أزمة شمولية هي التي وراء التطرف سواء على مستوى الاقتصاد أوالرياضة أوالثقافة أوالتربية».محمد بها (صحافي متدرب)