سوق “الجميعة”… وجهة الباحثين عن قوى الغيب

״شوافة״ يستعينون بوسيطات لجلب الزبائن والطلب يتركز على خدمات ״فك العكس״ و״حجابات القبول״ لا تكتمل زيارة سوق «الجميعة» الشعبي في البيضاء، دون المرور بزنقة «العراكات» الشهيرة. رهبة ورجفة تتملكان الزائر بمجرد النظر إلى معلقات الدكاكين المصطفة بانتظام فوق السوق المذكور. جلود أفاعي وزواحف، وكذا فراء ثعالب وذئاب، إلى جانب قنافذ ووطاويط، وأجسام حيوانات أخرى محنطة اختفت معالمها، بسبب الشمس وظروف التخزين. وأمام الدكاكين تنتصب مجموعات صغيرة من النسوة، اللائي يستوقفن المارة بجمل معسولة، ويعرضن عليهم النقش بالحناء وخدمات أخرى، لا يتجاوب معها إلا من قصد الزقاق لغاية البحث عن مساعدة من قوى الغيب، إذ تعمل هؤلاء النسوة وسيطات لدى "شوافين" وسحرة، يعتقد فيهم بقدرات غريبة على "فك العكس" وقراءة الطالع وإبطال السحر الأسود، وفي هذا فليتنافس المتنافسون، فلكل وسيطة عمولتها عن كل موعد أو لقاء ترتبه بين الزبون و"الفقيه". لوحات صغيرة مثبتة على واجهات الدكاكين، تحوي إعلانات عن بيع أعشاب طبية، تداوي جميع الأمراض تقريبا بـ"البركة"، إلا أن واقع الأمر يشير إلى عمل هذه المحلات ممونين لفائدة "شوافين" و"شوافات" يمارسون أنشطتهم في أزقة غير بعيدة عن السوق، تتركز أغلبها في درب السلطان ودرب البلدية. سناء أم عازب، قررت الانخراط في هذه التجارة، التي تشهد رواجا استثنائيا بحلول ليلة السابع والعشرين من رمضان، موعد يصادف حسب المعتقد السائد ليلة القدر، إذ تعمل الشابة العشرينية على اقتناص الزبونات على وجه الخصوص، وتحيلهن على من تشتغل لفائدته، والذي تفضل تسميته بـ"الحاج إدريس". تحكي الأم التي تحاول حماية طفلها عبثا من لفحات أشعة الشمس، أن أغلب الحالات التي تصادفها في زقاق "العراكات"، تطلب "فك العكس" وطرد العين و"حجابات" القبول، وترشدهن إلى مشغلها مقابل عمولة يومية لا تتجاوز 100 درهم. تختلف الأسعار حسب نوعية الخدمة المقدمة، فالأسعار عند "الحاج إدريس" تعتبر الأرخص مقارنة مع أمثاله في هذه التجارة، إذ يعرض 20 درهما لـ"فك العكس"، إضافة إلى 20 درهما أخرى لقاء حفنة صغيرة من الرصاص المنصهر "اللدون"، فيما يصل سعر كشف الطالع عبر تقنية "هز الخط" إلى 30 درهما، في الوقت الذي يتراوح سعر "حجاب" القبول بين 150 درهما و250، علما أن أسعار الخدمات نفسها تصل إلى آلاف الدراهم لدى "شوافين" و"فقهاء" مشهورين، ذلك أن سعر خدمات السحر الأسود يمكن أن يصل إلى ملايين السنتيمات، فذاك "مخ الضبع" الذي يستخدم لتطويع الرجال، أو "لسان الحمار" الذي يستعمل للغاية نفسها، يكثر الإقبال عليهما خلال ليالي "العواشر"، ويتراوح سعرهما بين ألفي درهم إلى خمسة آلاف. وبعيدا عن السحر الأبيض والأسود، ينتصب تجار أعشاب طبية حقيقيون، يعرضون خدماتهم في سوق "العراكة" ويحاولون تحسين سمعة لطخها السحر والشعوذة. حسن، عشاب قديم في السوق ورث المهنة عن أبيه، ينعي بحرقة حال التجار الذين تضررت مصالحهم بسبب الممارسات الشاذة لبعض الدخلاء على مهنته، حسب تعبيره، موضحا أن العشابة يساعدون شريحة واسعة من المجتمع لتلقي العلاج بسعر منخفض، إذ يعمدون إلى مد المرضى بأعشاب نافعة تداوي مجموعة من الأمراض، في مواجهة مخاطر الأدوية الاصطناعية وآثارها الجانبية على سلامة الجسم. وأشار الشاب الملتحي إلى أنه يقدم النصح إلى زبنائه بزيارة الطبيب في بعض الحالات، مؤكدا أن العلاج يعتمد على النية الحسنة والبركة الإلهية لضمان نجاعته، ذلك أن المرض دائما ما يكون ابتلاء من الله وامتحانا لعبده. ويتم تداول حوالي خمسة آلاف نوع من الأعشاب في زقاق "العراكات"، إلا أن اللجوء إلى العشاب لا يكون دائما لغاية التداوي من مرض عضوي، إذ يحكي حسن كيف يقصده زبناء من أجل الاستشارة حول مشاكل شخصية، ويقوم بإرشادهم إلى من وصفهم بـ"الفقهاء الحقيقيين" من أجل الرقية الشرعية، والعلاج بالقرآن الكريم والأدعية الحسنة. بدر الدين عتيقي

سوق “الجميعة”… وجهة الباحثين عن قوى الغيب

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

استعمال أعضاء الموتى... كل شيء مباح

الرجاء يواصل البحث عن مدافع أوسط

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات