بقلم: فيل هوغان* بين المغرب والاتحاد الأوربي شراكة متميزة تمكن الطرفين من التعاون في العديد من المجالات. ويستفيد المغرب من وضع متقدم منذ 2008، وهو حاليا بصدد التفاوض بشأن اتفاق تبادل حر شامل ومعمق. هذا الاتفاق يروم الاندماج الاقتصادي للمغرب من خلال تقريبه من السوق الداخلية للاتحاد الأوربي. وفي إطار هذه الشراكة، لطالما اتسم التبادل التجاري بين الطرفين بحركية مستمرة، حيث يظل الاتحاد الأوربي أكبر شريك للمغرب في مجال تجارة السلع بواقع 29,25 مليار أورو سنة 2014.بيد أن صادرات المغرب من المنتجات الفلاحية والمنتجات الفلاحية المصنعة تمثل 14 في المائة من مجموع صادرات المملكة نحو الاتحاد الأوربي. وقد مكن الاتفاق الثنائي المُعدّل الذي دخل حيز التنفيذ في فاتح اكتوبر 2012 من تعميق العلاقات بين الاتحاد الأوربي والمغرب على نحو ملموس وعملي. ونجح المغرب في الرفع من صادراته نحو الاتحاد، خاصة في قطاع الخضر والفواكه، وهي منتجات تتمتع بسمعتهاالجيدة ليس على مستوى الاتحاد الأوربي فحسب، بل على المستوى العالمي كذلك. ومن ثم، فأنا مُوقِن بأن هذا الاتفاق مفيد من الناحيتين التجارية والتنموية، ومن شأنه إحداث فرص الاستثمار والشغل في المناطق القروية.وفي هذا الإطار، يظل تطوير الفلاحة المستدامة والقادرة على التنافس في المناطق القروية من أهم الأولويات التي وضعتها بصفتي المفوض الأوربي المكلف بالفلاحة والتنمية القروية. إنها إحدى أولويات التعاون الثنائي بين الاتحاد الأوربي والمغرب منذ 30 سنة، وهي أولوية نقوم بتطويرها بشكل مشترك على المستويات الاجتماعية والاقتصادية والبيئية.ففي الفترة الممتدة ما بين 1976 و2010، تجاوزت القيمة الإجمالية للمنح التي خصصها الاتحاد الأوربي لدعم قطاعات الفلاحة والتنمية القروية في المغرب 700 مليون أورو، منها 236 مليون أورو إضافية، تم صرفها ما بين 2011 و2015. ويرمي هذا التعاون إلى تحقيق العديد من الأهداف، نذكر منها محاربة الفقر وتحقيق الأمن الغذائي وتقليص الهجرة القروية وتحسين قدرة الفلاحة المغربية على المنافسة، وذلك من أجل تعزيز حضورها في أسواق التصدير وتخفيف الأثر البيئي العام عليها وتحسين قدرتها على مواجهة التغير المناخي.إلى ذلك، يهدف تعاوننا إلى الرفع من القيمة المضافة للمنتجات المحلية، ومن خبرة الفلاحين المحليين. وفي هذا الصدد، نشير إلى أن انتهاء المفاوضات حول الاتفاق المتعلق بحماية المؤشرات الجغرافية للطرفين يُعد خطوة إيجابية. وسيساهم هذا الاتفاق في تعزيز المنتجات الجيدة، مما سيعود بالنفع على قطاعي الفلاحة والصناعة سواء في المغرب أو الاتحاد الأوربي. ومن جانب آخر، فبفضل هذا الاتفاق سيتمكن المستهلكون من تكوين فكرة واضحة عن مصدر المنتجات واختيارها بشكل مُتبصّر، كما سيمكن المنتجين المحليين من الرفع من مداخيلهم. وعلاوة على ذلك، من شأن الاتفاق حول المؤشرات الجغرافية أن يُشجع كلا من المغرب والاتحاد الأوربي على مواصلة المفاوضات المتعلقة بالاتفاق الحر الشامل والمعمق. تُؤدي الفلاحة دوراً مهماً للغاية في اقتصاديات كل من الاتحاد الأوربي والمغرب، الذي أصبح فاعلا مهما على الساحة الفلاحية العالمية. وفي هذا السياق، يعتبر المعرض الدولي للفلاحة بمكناس واجهة جيدة للتعريف بالفلاحة المغربية. والاتحاد الأوربي فخور بأن كان ضيف شرف الدورة السابقة للمعرض الدولي للفلاحة بمكناس الذي يعقد هذه السنة دورته العاشرة حول موضوع "الفلاحة والأنظمة الغذائية". والجدير بالذكر أن هذا الموضوع الشامل يسترعي باهتمام الاتحاد الأوربي لأن رفاه ونمو قطاعي الفلاحة والأغذية يساهمان بشكل محوري في رفع التحديات العالمية المستعجلة من خلال خلق الثروة في العالم القروي والتخفيف من حدة الفقر وضمان الأمن الغذائي.وفي شتنبر من هذه السنة، سيختتم المجتمع الدولي أهداف التنمية المستدامة التي طال انتظارها والتي ستمهد الطريق نحو تحقيق التحول الاقتصادي للقطاعين الفلاحي والغذائي. ولهذا الغرض، نحتاج إلى الرفع من المداخيل الفلاحية، وإنتاج ما يكفي من الأغذية لتغطية حاجيات أزيد من 9 ملايير شخص على نحو مستدام، وذلك بحلول 2050. كما أننا في حاجة إلى تعبئة القطاع الخاص والاستثمار بشكل مسؤول في الفلاحة، ودعم الميزانيات الوطنية والجهات المانحة. وإجمالا، يمكن القول إن لدى المغرب والاتحاد الأوربي الخبرة والسياسات الكفيلة برفع هذه التحديات. أتمنى للمعرض الدولي للفلاحة بمكناس لسنة 2015 كامل النجاح وأدعوكم لزيارة رواق الاتحاد الأوربي وحضور أنشطته.*المفوض الأوربي المكلف بالفلاحة والتنمية القروية