البراءة بعد أشهر من الاعتقال… قاضي التحقيق في الواجهة

المشرع خول إليه وسائل عديدة لإثبات التهم أو نفيها والعديد منها لا يفعل برزت في السنوات الأخيرة العديد من القضايا التي أودع فيها متهمون رهن الاعتقال الاحتياطي بأوامر من قاضي التحقيق، ليقضوا شهورا قبل أن تقرر المحكمة تبرئتهم من التهم الموجهة إليهم بداعي غياب الأدلة الكافية، ليطرح سؤال حول دور مؤسسة قاضي التحقيق في كل هذا الذي يحدث. بالرجوع إلى قانون المسطرة الجنائية نجد أنه ينص في المادة الأولى على أن كل متهم أو مشتبه فيه بارتكاب جريمة يعتبر بريئا إلى أن تثبت إدانته قانونا»... كما اعتبرت في الفقرة الثانية منها «يفسر الشك لفائدة المتهم» ما يعني أن المشرع وقف في صف المتهم أوالمشتبه فيه، غير أن بعض قضاة التحقيق كانت لهم قراءة ثانية وأصبحوا يعتبرون أن المتهم مذنب إلى أن تثبت براءته، وهو ما لمسناه في العديد من القضايا التي أقيمت حولها الدنيا ولم تقعد (ملف الحسيمة، إيزو، الجبلية...) قبل أن تقضي المحكمة بتبرئة أغلب المتابعين.من يتحمل مسؤولية المعاناة التي تعرض لها هؤلاء الأبرياء؟ وأين يكمن الخلل في كل هذا الذي يحدث؟ وهل يستعمل قاضي التحقيق جميع السلطات المخولة له؟بالرجوع إلى القانون المغربي نجد أن الدولة المغربية غير مسؤولة عن الخطأ القضائي، وبالتالي فإن الذين كانوا ضحية هذه الأخطاء ما عليهم سوى أن يصبروا ويحمدوا الله على أن القضاء لم يساير ما جاء في محاضر الضابطة القضائية وقرار الإحالة، ومنحهم البراءة. وفي غياب مسؤولية التعويض يبقى سؤال من يقف وراء ارتكاب هذه الأخطاء (الزج بأبرياء في السجون) قائما؟ أصابع الاتهام توجه هنا إلى مؤسسة قاضي التحقيق، بالنظر إلى أن المشرع خول إليها مجموعة من الآليات من أجل الوصول إلى الحقيقة، بدءا بالتحقيق الإعدادي الذي هو مجموعة من التحريات تستهدف استكمال جمع الحجج، التي في صالح المتابع أو ضده من طرف سلطة قضائية مختصة، يحق لها في نهاية الأمر أن تقرر ما إذا كان مناسبا أو غير مناسب إحالة القضية على المحكمة.وبعده ينتقل القاضي إلى التحقيق التفصيلي وقد خوله المشرع الوقت الكافي من أجل التحقيق مع المتهمين وإجراء مواجهات بينهم، بل خوله حق القيام بإنابة قضائية، وذلك حينما يتعذر عليه القيام بنفسه بإجراء التحقيق في جزء منه، لأسباب قد ترجع إلى كثرة القضايا المحالة عليه، أو ضرورة الانتقال إلى مكان لا يدخل في اختصاصه الترابي.وخول المشرع لقاضي التحقيق العديد من الصلاحيات الأخرى التي من شأنها أن تساعده على الوصول إلى حقيقة الأمور، وتفادي وضع متهمين رهن الاعتقال الاحتياطي، ومن بينها إجراء فحص طبي على المتهم وإخضاعه للعلاج العضوي والنفسي.كما سمحت المادة 134 من قانون المسطرة الجنائية، بالأمر تلقائيا بإجراء فحص طبي على المتهم، وأوجبت عليه إجراء هذا الفحص، إذا لاحظ علامات، أو إمارات تستوجب التأكد بواسطة فحص طبي، ويجوز لقاضي التحقيق أيضا أن يأمر بعرض المتهم على مصلحة التشخيص القضائي للتأكد من هويته. وحتى يكون تحقيق قاضي التحقيق شاملا ومستندا على دلائل وإثباتات قوية، فقد أجاز المشرع لقاضي التحقيق، في إطار جمعه للأدلة، الأمر بالتقاط المكالمات والاتصالات المنجزة بوسائل الاتصال عن بعد، وذلك ضمن المواد (من 108 إلى 116 من قانون المسطرة الجنائية) ويعتبر وسيلة استدلال للحصول على قرائن وأدلة.سلسلة من الإمكانيات والوسائل وضعها المشرع رهن إشارة قاضي التحقيق من أجل القيام ببحث شامل ودقيق عن مدى تورط متهم ما في القضية المتابع فيها أو براءته منها، غير أن الواقع يظهر أن بعض قضاة التحقيق لا يستعملون هذه الوسائل ويكتفون بمحاضر الشرطة القضائية، لتكون النتيجة الزج بأبرياء في السجون. الصديق بوكزول

البراءة بعد أشهر من الاعتقال… قاضي التحقيق في الواجهة

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

البراءة والتعويض عن الاعتقال في القانون المغربي والمقارن

رجال أمن ودركيون توبعوا بالارتشاء وبرأهم القضاء

مقالات ذات صلة