يعد حفظ السلام في العالم والوحدة الترابية للدول، من أولويات السياسة الخارجية للمغرب، إذ يحفل تاريخ البعثات الدولية لحفظ السلام نحو خطوط الهدنة في مجموعة من البلدان، التي شهدت نزاعات مسلحة، بمشاركات لافتة لوحدات من الجيش المغربي.ويعود تاريخ أول مشاركة مغربية من ذلك النوع، إلى 1960، بالمشاركة في عملية الأمم المتحدة لحماية الوحدة الترابية للكونغو، تلتها أخرى، مع منظمة حلف شمال الأطلسي في كوسوفو والاتحاد الأوربي في البوسنة والهرسك.وتشير إحصائيات إلى أن عدد الجنود المغاربة المنتشرين في جبهات حفظ السلام، يقترب من 2000 جندي، وهو العدد الذي يضعه في الرتبة الثامنة عشرة عالميا، والثالثة عربيا والثامنة إفريقيا.وليس هذا التصنيف، وحده، ما يعكس تكريس القوات المسلحة الملكية، نفسها فاعلا أمميا، لحفظ السلام، إنما، حتى الميداليات التي حصلت عليها، ومنها تلك التي حصلت عليها التجريدة المغربية بالكوت ديفوار في ماي 2006 ونونبر 2008، وفي الكونغو الديمقراطية، حيث يوجد جنود مغاربة ضمن بعثة مراقبي الأمم المتحدة.وفي شتنبر الماضي، جاء اعتراف آخر من بان كي مون، الأمين العام للأمم المتحدة، بتنويهه بمبادرات المغرب لفائدة السلام والاستقرار والانسجام بالعديد من البلدان الإفريقية.ويبرز السعي المغربي الدائم، إلى الحضور في مختلف مناطق العالم للمساعدة على إحلال السلام العالمي تحت راية الأمم المتحدة، إيمانه وتجسيده لمنطق تغليب الحوار والحل السلمي على خيار اللجوء الى استعمال القوة.هذا التوجه، عبر عنه الملك محمد السادس، في ماي 2014، فقال في رسالة وجهها إلى القوات المسلحة الملكية، لمناسبة ذكرى تأسيسها، إن "استمرار وجود القوات المغربية على الساحة الإفريقية، ضمن عمليات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في الكونغو الديموقراطية وساحل العاج وإفريقيا الوسطى، يكرس موقفنا الثابت وصدقية انخراط بلادنا في دعم الأمن والسلام الدوليين".وزيادة على المشاركة المغربية في عملية الأمم المتحدة في الكونغو من يوليوز 1960 إلى يونيو 1964، التي جاءت عقب الفوضى التي تلت حصول ذلك البلد على استقلاله، شارك المغرب في بعثة إلى الصومال من أبريل 1992 إلى مارس 1995، لاحتواء فصول الحرب الأهلية في أنحاء البلد.وساهم المغرب أيضا في جهود بعثة الأمم المتحدة للتحقيق في أنغولا، من 1991 إلى 1998، وكانت المهمة الأساسية، تتمثل في الإشراف على انسحاب القوات الكوبية من أنغولا، وتوفير ظروف المصالحة الوطنية وتسهيل المساعدة الإنسانية ومراقبة مسلسل الانتخابات.ويؤكد محمد بوبوش، الباحث في العلاقات الدولية، أنه مقابل المشاركات السلمية، يمتنع المغرب عن الزج بجيوشه في العديد من بؤر التوتر، دعما لطرف ضد آخر، وحتى إذا اضطر، فهو يقـوم بذلك، بشكــل غير مباشر، وتماشيا مع مبدأ الحياد وعدم التـــدخل في النزاعات الإقليمية والـــدولية، إلا في إطار الشرعية الدولية.م.خ