شهدت جلسات غرفة الجنح التلبسية بابتدائية الجديدة، أخيرا، وقائع مثيرة وغريبة تركت وقعها على الحضور، من هيأة قضائية يترأسها القاضي خالد سلكان ومستشاراه وممثل للنيابة العامة وكاتب ضبط ومحامون ضمنهم آخرون متمرنون وعائلات المعتقلين والمتقاضون وحضور اعتاد متابعة قضايا جنحية بالمحكمة ذاتها. بمحكمة القطب الجنحي بالجديدة، لا تخلو قاعة جلسات الملفات التلبسية من وقائع وأحداث تشكل كواليس تكسر صورة المكان الذي يحظى بالوقار والاحترام لدى كل من توجه إليه سواء كان متقاضيا، أو متهما. الساعة الواحدة زوالا بالقاعة نفسها من محكمة القطب الجنحي بالجديدة، من الأربعاء الماضي، شرع رئيس الجلسة في الإعلان عن أرقام الملفات المعروضة أمامه للبت فيها، مناديا في الوقت نفسه على أسماء المتهمين الذين يوجدون في حالة اعتقال، وكذا أسماء هيأة الدفاع التي تنوب عنهم وعن الضحايا، ومنح الأسبقية للملفات غير الجاهزة. تم تأجيل مجموعة من الملفات إلى تواريخ لاحقة لأسباب تتعلق بعدم الجاهزية، أو لإعداد الدفاع أو استدعاء مصرحي المحاضر وغيرها، كما تقرر تأجيل ملف متابع خلاله متهم لم يحضر للجلسة بسبب مرضه. حكمة رئيس الهيأة في الوقت الذي كان فيه رئيس الجلسة يناقش مجموعة من الملفات الجاهزة، التي تتضمن جنحا مختلفة، أمام حضور عائلات ن المتقاضين والمتهمين المتابعين في حالة سراح في المقاعد المخصصة للحضور، شهدت قاعة الجلسات واقعة ذات بعد اجتماعي حيث حضر الجانب الإنساني للقضاة، الذين رغم هيبتهم المرتبطة بمنصبهم الحساس وما ترسخ في أذهان عامة الناس أنهم مصدر الأحكام السالبة للحرية، فإنهم يحرصون على تتويج مهامهم الجسيمة وحسهم الإنساني وتقديم الموعظة حتى لا تتكرر الأخطاء نفسها المؤدية للمحاكمة، خاصة حين يمثل أمام هيأة الحكم متهم أو متهمة حديث العهد بسن الرشد القانوني وعديم السوابق القضائية. ومن خلال متابعة "الصباح" لجلسة المحاكمات بالمحكمة ذاتها، اختار القاضي خالد سلكان الذي ترأس الجلسة، ومستشاراه محمد صبحى، وحنان البكار، وهو بصدد مناقشة الملفات الجاهزة والموضوعة بين يديه، تغليب صوت الحكمة في أحكام الإدانة، التي تتعلق بملف تورطت خلاله شابة تبلغ من العمر18سنة تعود أحداثه قبل شهر رمضان، كانت توجد رهن الاعتقال الاحتياطي بالسجن المحلي سيدي موسى بالجديدة، بعد متابعتها في حالة اعتقال من قبل وكيل الملك بجنح، الابتزاز والخيانة الزوجية والمشاركة فيها والسرقة والتبليغ عن جريمة تعلم بعدم حدوثها. وخلال مثولها أمام هيأة الحكم انهارت بداية بالبكاء، إذ طالبها الرئيس بالاعتراف بجرمها، وأشعرها أن الطرف المشتكي تنازل عن متابعتها أمام النيابة العامة المختصة وتقدم بتنازل مصادق عليه، قبل أن يساهم في التهذيب وإسداء النصح لها لتصحيح الأخطاء الناتجة عن التقصير في تربيتها. وخاطبها بالجملة التالية "سيري ديري عقلك"، وبعد مناقشة القضية ومرافعة ممثل الحق العام، ودفاعها الذي التمس منحها ظروف التخفيف، تم منحها الكلمة الأخيرة، إذ التمست المتهمة الشابة الصفح من المحكمة ومن الطرف المشتكي، بعدما أكدت أنها لن تكرر الجرم نفسه وأن هذا الاعتقال سيكون درسا مهما في حياتها، لأنها كانت تتعاطى للدعارة بالشارع، بعدما تمكنت من استدراج سائق سيارة ومارست معه الجنس داخلها بمقابل مادي، قبل أن تعمد إلى تصويره بهاتفها وتشرع في ابتزازه ماديا، الأمر الذي دفع صاحب السيارة إلى الاستيلاء على هاتفها، لتتوجه بعد ذلك للديمومة بمفوضية أزمور، وتقدم شكاية تتعلق بسرقة هاتفها، وتعميقا للبحث تمكنت العناصر الأمنية من الوصول للحقيقة ومتابعتها في حالة اعتقال. وبعد التأمل قررت هيأة المحكمة الحكم عليها بأربعة أشهر حبسا موقوف التنفيذ، لتغادر أسوار السجن المحلي بالجديدة بعد قضائها عدة أيام داخلها. ملفات كثيرة أمام الهيأة لا مجال للاستراحة أثناء الجلسة بسبب كثرة الملفات المعروضة أمام القضاة، الذين لا يضطرون إلى رفعها إلا للضرورة القصوى، أو المداولة في اتخاذ قرارات حاسمة تتعلق بملفات معروضة وجاهزة للنطق قبل إصدار الأحكام. وخلال الجلسة ذاتها مثل ستة متهمين متابعين في حالة اعتقال بجنح ترويج وحيازة المخدرات، إذ ناقشت الهيأة ثلاثة ملفات كانت جاهزة، تمت خلالها متابعة جانحين من ذوي السوابق القضائية في ميدان المخدرات، فيما تم تأجيل ثلاثة ملفات أخرى تتعلق بالجنحة نفسها لإعداد الدفاع، وخلال مناقشة الملفات الجاهزة واجههم رئيس الهيأة بالمتابعة وكذا المحجوز، حيث اعترف أغلبهم بالتهم المنسوبة إليهم، وبتحوزهم لكميات مختلفة من الشيرا والكيف، قبل أن تقرر المحكمة مؤاخذتهم والحكم عليهم بعقوبات تتناسب وخطورة الفعل الجرمي المرتكب. ومن بين الملفات المعروضة قضايا إصدار شيكات بدون مؤونة، حيث مثل متهمان متابعان في حالة اعتقال من قبل قاضي التحقيق، ورغم منح المتابعين فرصة من قبل رئيس الهيأة لتأجيل الملف لإيجاد تسوية مع الطرف المشتكي وأداء ما بذمتهم، إلا أن أغلبهم يبدون رغبتهم في مناقشة الملف والنطق بالحكم لعدم قدرتهم على أداء قيمة الشيك المسحوب. أحمد سكاب (الجديدة)