تكبد إجراءات إلغاء الزيادات والذعائر والغرامات وصوائر التحصيل المتعلقة بالرسوم والضرائب والحقوق والمساهمات والأتاوات المستحقة للجهات والأقاليم والعمالات والجماعات، خسائر بملايير الدراهم سنويا، تلقي بظلالها على توقعات الميزانية للسنوات المقبلة. وتنفذ الجماعات الترابية مقتضيات القانون رقم 82-17، الذي «يقنن» هذه الإعفاءات، باعتبارها الطريقة المثلى لتقليص حجم الباقي استخلاصه، علما أن الجماعات الترابية هي التي كانت تطالب، باستمرار، بإيجاد حلول له، وبالتالي تصفية ميزانية الجماعات وتخليصها من هذا الثقل المالي الكبير. وفي هذا الصدد وتطبيقا للقانون، يعطي رؤساء الجماعات الترابية الإذن، سنويا، للإدارات الجبائية للإسراع بإعداد لوائح محينة للملتزمين الذين من المفروض أن يستفيدوا من مقتضيات قانون الإعفاء، في انتظار أن يقوم المحاسبون المكلفون بالتحصيل بتطبيق الإلغاء بالنسبة إلى الديون التي صدرت في شأنها أوامر بالتحصيل في السنوات غير المؤطرة بالقانون نفسه. ويتفاقم الباقي استخلاصه في عدد من الجماعات، بسبب ترهل الإدارات الجبائية وقلة الموارد البشرية وغياب التنظيم والهيكلة وسيادة أساليب الفساد والرشوة، وتواطؤ بعض المحاسبين ورؤساء جماعات مع الملتزمين بالرسوم والضرائب، ما يسمح لهم بالتهرب لعدة سنوات. ويبلغ الباقي استخلاصه أرقاما قياسية، إذ سبق لوزير الداخلية أن تحدث عن رقم 43 مليار درهم، مؤكدا إن الإمكانيات المتوفرة لا تسمح إلا باستخلاص 10 ملايير درهم فقط، بينما تبقى 33 مليارا في حكم المستحيل، لوجود أسباب موضوعية، منها اختفاء الملزمين من عناوينهم، أو لوجود أخطاء في فرض بعض الضرائب. وتعيش الجماعات الترابية، منذ سنوات، على وقع التضخم المرعب للباقي استخلاصه الذي يهيمن على العديد من فصول الميزانية بالجماعات الترابية دون إيجاد الحلول الناجعة له، الشيء الذي جعله يتضخم سنة بعد أخرى، ليتحول إلى كابوس يقض مضجع المسؤولين. ووقفت تقارير المجالس الجهوية للحسابات على هذه الخلاصة، حين أكدت أن العديد من الملزمين بالأداء يحاولون بشتى الطرق التهرب من تسديد ما بذمتهم من ضرائب ورسوم لفائدة الجماعات، من خلال التستر على مداخيل عمليات خاضعة للضريبة، أو الإدلاء بتصريح مزيف ومشوب بتدليس. ويستعمل الملزم الغش عند تحديد الوعاء الضريبي، أو التصريح بمعطيات وبيانات خاطئة وافتعال العسر، إذ يكفي أن يشوب خطأ الاسم والعنوان حتى تصبح عملية مستحيلة، كما أن الأخطاء التي تطول المداخيل نفسها تحول دون استكمال عملية التحصيل، ما يؤدي إلى ارتفاع في حجم الباقي استخلاصه. يضاف إلى ذلك غياب حملات تحسيسية، لحث الملزمين على الأداء وشرح الانعكاسات السلبية لتضخم الباقي استخلاصه على برامج التنمية المحلية، والنفقات الإجبارية للموظفين والنفقات المتعلقة بالتدبير اليومي لدواليب الإدارة. يوسف الساكت