يقول المثل عند أهل الشام "طباخ السم بِيذوقه"، ومعناه أن طباخ السم لا بد أن ينال جزاء فعله، فمهما كانت عملية طبخ السم متقنة ومحاطة بالسرية لإبراء ذمة الطباخ من الجريمة، فإن الأيام كفيلة بفضحه. "طباخ السم يذوقه"، ينطبق تماما على النظام الجزائري، الذي ظل يحترف التآمر، لكنه في النهاية يقع ضحية مكائده، فمنذ عقود، تبنت الجزائر سياسة معادية تجاه المغرب، مستخدمة كل الوسائل الممكنة لمحاولة عرقلته، بدءا من دعمها اللامحدود للانفصاليين، مرورا بالمحاولات المتكررة لشيطنة المغرب في المحافل الدولية، وصولا إلى اتخاذ قرارات انفعالية لم تكن سوى ضربات مرتدة عليها. كانت أولى هذه السياسات التصعيدية إغلاق المجال الجوي الجزائري أمام الطائرات المغربية، في خطوة كان يعتقد أنها ستضر المغرب اقتصاديا وسياحيا، لكنها في الواقع لم تؤثر عليه بأي شكل يذكر، بينما أفقدت الجزائر مصدرا مهما من عوائد العبور الجوي. أما القرار الأكثر غرابة، فكان وقف أنبوب الغاز المار عبر المغرب، وهي خطوة بدت في ظاهرها وسيلة للضغط على الرباط، لكنها سرعان ما تحولت إلى خسارة اقتصادية فادحة للجزائر نفسها، إذ فقدت سوقا إستراتيجية، بينما نجح المغرب في تأمين حاجياته من الطاقة عبر عقود جديدة، بل تحول إلى قطب واعد في مجال الطاقات المتجددة، وهي رؤية مستقبلية فتحت أمام المغرب شراكات دولية. على المستوى الدبلوماسي، كان السقوط أكثر وضوحا، فرغم ملايير الدولارات التي أنفقتها الجزائر على دبلوماسيتها المناوئة للمغرب، إلا أن الحصيلة كانت كارثية ضدها، حيث توسعت دائرة الاعترافات بمغربية الصحراء، وفتحت عشرات الدول قنصليات في العيون والداخلة، في وقت فشلت فيه الجزائر في حشد أي دعم جدي لأطروحتها الانفصالية. أما محاولاتها للتأثير على دول الجوار، فقد كانت عبثية، كما هو الحال مع موريتانيا، التي حافظت على علاقات متينة مع المغرب، رغم محاولات التشويش المستمرة من الجزائر. كل هذه الإخفاقات لم تكن نتيجة سوء تقدير فحسب، بل تعكس عمق الأزمة التي يعيشها النظام الجزائري، الذي بات يتصرف وفق عقلية انتقامية أكثر من أنه فاعل سياسي، ففي الوقت الذي يحقق فيه المغرب اختراقات دبلوماسية واقتصادية وازنة، ما زالت الجزائر أسيرة صراعاتها الداخلية. لقد أثبت المغرب أنه قادر على تحويل التحديات إلى فرص، وأن المؤامرات التي تحاك ضده لا تزيده إلا قوة وصلابة. وبينما يواصل النظام الجزائري السير في طريق مسدود، يواصل المغرب بناء مستقبله بثبات، مؤكدا أن الشرعية والقوة الناعمة والانفتاح على العالم هي الأسس الحقيقية لبناء الدول، وليست المكائد والمناورات الفاشلة. للتفاعل مع هذه الزاوية: mayougal@assabah.press.ma