بقلم: صلاح الدين شنقيط عقد جلالة الملك جلسة عمل لمناقشة مخرجات المسلسل التشاوري حول مراجعة مدونة الأسرة، بعد تلقي جلالته المقترحات، التي تم رفعها من قبل الهيأة المكلفة بمراجعة المدونة، وبعد إبداء المجلس العلمي الأعلى لفتواه، بخصوص القضايا الشرعية المحالة إليه من قبل جلالته. ويحمل عقد جلالته لهذه الجلسة دلالات رمزية كبيرة، إذ أنه لأول مرة يتم عقد جلسة عمل ملكية، بخصوص قضية تخرج عن مواضيع السياسات العمومية، كما أن توقيتها، خلال العطلة الاستشفائية لجلالة الملك، يعطي الدليل على أهمية هذا الموضوع والرهانات المتعددة المرتبطة به. وخلال هذه الجلسة، سيتم الاستماع إلى عرضين، قدمهما وزيرا العدل والأوقاف، ليس بصفتهما عضوين في الحكومة، ولكن بصفتهما، عضوا بالهيأة المكلفة بمراجعة مدونة الأسرة بالنسبة للأول، وعضوية المجلس العلمي الأعلى بالنسبة للثاني، وقد صدر في أعقاب هذه الجلسة، بلاغ للديوان الملكي في الموضوع. يمكن أن نقدم أهم مضامينه كالآتي: اعتبار موضوع الأسرة، مجالا دائما للبحث والتفكير الفقهي، وغير مرتبط بلحظات إصلاحية فقط، ويتطلب التهييئ الفقهي والعمل الاجتهادي المستمر "دعا جلالة الملك أمير المؤمنين، المجلس العلمي الأعلى، إلى مواصلة التفكير واعتماد الاجتهاد البناء في موضوع الأسرة، عبر إحداث إطار مناسب ضمن هيكلته، لتعميق البحث في الإشكالات الفقهية التي تطرحها التطورات المحيطة بالأسرة المغربية، وما تتطلبه من أجوبة تجديدية تساير متطلبات العصر". تركيز جلالته على التواصل بخصوص مقترحات المراجعة، لأنها تهم الأسرة المغربية "ولتوضيح المضامين الرئيسية لمراجعة مدونة الأسرة، فقد كلف جلالته، خلال هذه الجلسة، رئيس الحكومة والوزراء، بالتواصل مع الرأي العام، وإحاطته علما بمستجدات هذه المراجعة، والتي ستسهر الحكومة، داخل آجال معقولة، على حسن بلورتها وصياغتها في مبادرة تشريعية، طبقا للأحكام الدستورية ذات الصلة". تأطير جلالته للمرحلة المقبلة، والتي ستمر من مرحلتين، مرحلة إعداد المبادرة التشريعية، وإيداع هذه المبادرة ومناقشتها والتصويت عليها بمجلسي البرلمان "وبخصوص المبادرة التشريعية لمراجعة مدونة الأسرة، وما سيليها من مناقشة وتصويت بمجلسي البرلمان، فقد ذ كر جلالته، بالمرجعيات والمرتكزات التي ستؤطرها، والمتضمنة في الرسالة الملكية السامية المذكورة، ويتعلق الأمر بمبادئ العدل والمساواة والتضامن والانسجام، النابعة من ديننا الإسلامي الحنيف، وكذا القيم الكونية المنبثقة من الاتفاقيات الدولية التي صادق عليها المغرب". كما أكد جلالة الملك على ضرورة استحضار إرادة الإصلاح والانفتاح على التطور التي ينشدها جلالته، من خلال إطلاق هذه المبادرة الإصلاحية الواعدة، بعد مرور عشرين سنة على تطبيق مدونة الأسرة، وضمان الحماية الحقوقية والاجتماعية والاقتصادية للأسرة، والنظر إلى مضامين المراجعة في تكامليتها، وأنها لا تنتصر لفئة دون أخرى، بل تهم الأسرة المغربية، التي تشكل "الخلية الأساسية للمجتمع"، وهو ما يتطلب الحرص على بلورة كل ما تقدم، في قواعد قانونية واضحة ومفهومة، لتجاوز تضارب القراءات القضائية، وحالات تنازع تأويلها". تدعيم مراجعة مدونة الأسرة، بدعامات وبنية استقبالية ملائمة "كما لفت جلالته، الانتباه إلى ضرورة العناية بكل المداخل الأخرى المدعمة والمعززة لمراجعة مدونة الأسرة، سواء عبر تدعيم تجربة قضاء الأسرة، ومراجعة النصوص التشريعية والتنظيمية ذات الصلة، في ضوء الأحكام الدستورية الجديدة، وإعداد برامج توعوية تمكن المواطنات والمواطنين من الولوج إلى القانون، ومن استيعاب أكبر لحقوقهم وواجباتهم". برلماني