تقارير المجلس الأعلى رصدت اختلالات صفقات تموين وزارة الصحة لم تشكل صفقة اللقاحين في عهد الاستقلالية ياسمينة بادو،الفضيحة الوحيدة التي كشفت خروقات الصفقات التي تجريها وزارة الصحة، بل وضع قضاة المجلس الأعلى للحسابات اليد على خروقات أخرى، من قبيل ارتفاع عدد "الحصص ذات المتعهد الوحيد" و"الحصص بدون اقتراح". ولاحظ قضاة المجلس نفسه في افتحاص للوزارة، ارتفاع عدد الحصص ذات المتعهد الوحيد وكذلك الحصص التي لا تتوفر على أي اقتراح. إذ تتغير نسبة الحصص ذات المتعهد الوحيد أو بدون أي اقتراح تتغير بين 64 في المائة و88 في المائة، ما يعني أن عدد الحصص التي عرفت منافسة يبقى ضعيفا وبنسب لا تتجاوز في الغالب 21 في المائة. ويمكن تفسير هذه الوضعية، حسب تقرير المجلس ذاته، بوجود نسبة مهمة من الأدوية الواردة في استمارة الطلبات محتكرة من قبل بعض المؤسسات الصيدلية الصناعية. مما يمكن الأخيرة من فرض سعرها والتأثير على فترة توفر هذه الأدوية بالوزارة الوصية، خاصة الأدوية الحيوية. وتمثل المنتجات المحتكرة، يقول التقرير، الثلث بالنسبة إلى المنتجات المتعلقة بالتسيير و54 في المائة بالنسبة إلى منتجات برامج الصحة. ومن غرائب الخروقات التي كشفها التقرير، رفض الوزارة بعض العروض بمبرر أنها مرتفعة الثمن، ثم قبولها في مرحلة لاحقة بأثمنة أكبر من الأولى، غير أن الوزارة هذه المرة تحين معطياتها، وتحدد ثمنا تقديريا مرتفعا لتقترب من الثمن الذي تعرضه الشركة المستفيدة. وكانت صفقتا اللقاحين الفضيحة الأكثر دويا سنة 2010، وهما صفقتان نقلتا قضاة المجلس الأعلى للحسابات لتسليط الضوء على خروقاتهما. وبين تقرير المجلس في هذا الصدد، عدة تجاوزات، تهم عدم احترام القوانين والمساطر الإدارية والتدبيرية والطبية والوبائية، وعدم الأخذ بعين الاعتبار توصيات وتقارير المنظمة العالمية للصحة ومنظمة اليونيسيف، وإهمال المعطيات الوبائية التي تبين أن المغرب لا يدخل ضمن لائحة الدول التي تفوق فيها نسبة وفيات الأطفال دون سن الخامسة خمسين وفاة في الألف، وغيرها من المعطيات التي تبيح للوزارة إجراء صفقتين بسرعة كبيرة، بمبلغ خيالي.كما رصدت تقارير المجلس الأعلى اختلالات صفقات تموين وزارة الصحة من الأدوية والمستلزمات الطبية، إذ مكن الافتحاص الذي أجراه قضاة المجلس، من الوقوف على أن الوزارة تعتمد مساطر لا ترتكز على منهجية ولا على توجيهات محددة سلفا، بل يتم ذلك عن طريق مسطرة تعدها وحدة الصيدلة الاستشفائية التابعة إلى مديرية المستشفيات والعلاجات المتنقلة. ومن بين هذه الاختلالات ذكر التقرير استفراد هذه المديرية، بالدور الرئيسي في إعداد ومعالجة اللائحة الوطنية للأدوية الأساسية. وفي ما يخص الطلبات فإن قسم التموين يستفرد بمعالجة هذه المعلومات لتحديد الطلب السنوي وإطلاق طلبات العروض. ومكن افتحاص هذه المراحل من رصد ملاحظات هامة، ضمنها أن طرق تحديد الكميات مختلفة من مندوبية إلى أخرى. إذ أن بعض المندوبيات تخصص ميزانية لكل مركز صحي ويقوم الأخير باختيار الأدوية والكميات انطلاقا من اللائحة المحلية للأدوية، بينما مندوبيات أخرى تعتمد في تحديد الحاجيات بناء على معطيات تتوفر عليها حول المراكز الصحية دون أن تشارك هذه الأخيرة.ضحى زين الدين