فــــرق تــــوارت بــأفــــــول مــــســــيـــــريــــــن وفـــــروا لــــهـــــــا الـــمـــــــال والــنـــــفــــــــوذ ارتبطت أندية وطنية بشخصيات سياسية لعقود مضت لها علاقة بالأمن والسلطة والجيش، ولما اختفت تلك الشخصيات أفل نجم تلك الأندية. ومن أبرز هذه الأندية الكوكب المراكشي الذي ارتبط بمحمد المديوري، الحارس الشخصي للملك الراحل الحسن الثاني، ونهضة سطات، الذي كان تحت سيطرة إدريس البصري، وزير الداخلية الأسبق، واتحاد طنجة الذي كان يرأسه عبد السلام أربعين، والجنرال محمد الدليمي، الذي سير اتحاد سيدي قاسم. الدليمي يحكم قبضته على سيدي قاسم عاش اتحاد سيدي قاسم أزهى فتراته في الساحة الكروية الوطنية أيام كان يشرف عليه الجنرال محمد الدليمي، بعد أن كان رئيسا له منذ 1969 ولم يفارق هذا المنصب إلا عند وفاته في 22 يناير 1983.وكان اتحاد سيدي قاسم يضرب له ألف حساب أثناء مواجهته لأقوى الأندية الوطنية، إذ أن هذا الفريق، الذي تم تأسيسه سنة 1927، ولم يفز بأي لقب للبطولة وكأس العرش، ظل قريبا من تحقيق أول لقب لكأس العرش موسم 1974 - 1975، وكذلك موسم 1976 - 1980، كما أنه خاض في فترة الدليمي نهائي كأس المغرب الكبير، إلا أنه لم يتمكن من الظفر به.وما يعرف عن فترة قيادة الدليمي للفريق القاسمي، أنه لم يعاني يوما من الناحية المادية، إذ كان الجنرال يوفر له جميع المتطلبات بما في ذلك تساهل الحكام، ويضع أمام المسيرين الذين كانوا ينوبون عنه في تدبير الشأن اليومي للفريق، بالنظر إلى التزاماته المهنية، جميع الإمكانيات المالية والبشرية.وكان لاعبو اتحاد سيدي قاسم من المحظوظين مقارنة بزملائهم بباقي الأندية الوطنية، إذ كانت أبواب التوظيف في الأمن والداخلية مفتوحة في أوجههم، غير أنه منذ وفاة الدليمي اندحر هذا الفريق بشكل كبير، بعد أن غادر القسم الوطني الأول، ولعب لسنوات عدة بالقسم الثاني قبل أن ينزل إلى أندية الهواة. نهضة سطات عاش المجد مع البصري إن الوضعية التي يعيشها نهضة سطات حاليا شبيهة إلى حد كبير بالوضعية التي عاشها اتحاد سيدي قاسم، بعد أن قذفت المشاكل والصراعات السياسية بهذا النادي إلى أندية الهواة، بمجرد وفاة إدريس البصري، وزير الداخلية الأسبق.ومن حسنات البصري على نهضة سطات، أنه كان من الأندية القليلة التي استفادت من عملية الاحتضان، التي شكلت منعرجا مهما في تاريخ الكرة المغربية، علما أنه لم يكن معروفا ضمن الأندية القوية في المملكة، واستطاع بفضل علاقات البصري النافذة بأهم المؤسسات الاقتصادية الوطنية، أن يوفر دعما مهما للفريق. وكان لاعبو نهضة سطات من أحسن اللاعبين على الصعيد الوطني، بالنظر إلى الامتيازات التي كانوا يظفرون بها، وكانوا يعرفون استقرارا مهنيا واجتماعيا كبيرا، سيما أن البصري كان يوفر لهم وظائف بالمؤسسات المذكورة، من أبرزها الخطوط الملكية المغربية.ورغم أن نهضة سطات لم يفز بأي لقب في عهد البصري، إلا أنه كان يعد من الأندية الوطنية الأكثر استقرارا، بالنظر إلى حجم الموارد المالية التي جلبها البصري، الذي كان دائم الاستفسار عن الفريق ونتائجه، وعن أحوال اللاعبين ومشاكلهم، غير أن هذه المكتسبات سرعان ما افتقدها الفريق بمجرد ابتعاد البصري عن منصبه السياسي، وزادت معاناته بعد وفاته، فخسر موارده ومكانته مع أندية القسم الأول والثاني بعد ذلك، لينزل إلى قسم الهواة. المديوري قائد ثورة الكوكب قاد محمد المديوري، رئيس الأمن الخاص للملك الراحل الحسن الثاني، ثورة حقيقية بفريق الكوكب المراكشي، إذ منذ توليه رئاسة الفريق، بعد تجربة قصيرة بالدفاع الحسني الجديدي، تمكن من جلب العديد من المكتسبات المالية والإدارية للفريق.وكان الكوكب من بين الفرق المحظوظة، بعد استفادته من نفوذ المديوري الذي تمكن في ظرف سنوات قليلة من تهييء بنية تحتية مهمة للفريق، إذ استطاع أن يجهز الملعب بالعشب والإنارة، واستقطب شراكات مهمة مع مؤسسات اقتصادية، إلى درجة أنه كان من بين الأندية الأولى في المغرب التي استفادت من اللوحات الإشهارية.كما كان الكوكب المراكشي في عهد المديوري من الأندية التي أسست نظاما كرويا حديثا، من خلال اعتماد الاحتراف وامتلاك محلات تجارية وعقارات وعقد شراكات مع مؤسسات تجارية.وفي عهد المديوري، الذي انطلق سنة 1984، تمكن الفريق من الظفر بالعديد من الألقاب أبرزها البطولة الوطنية لموسم 1991 - 1992، وأربع كؤوس عرش وكأس الكونفدرالية الإفريقية سنة 1996، علما أن المديوري جاء بفكر تسيير النادي بعقلية مقاولاتية، وهو ما فتح آفاق النادي على العديد من الشراكات مع مؤسسات عمومية، وكان دائما ما يعبد المديوري الطريق للفريق في تحقيق مشروعه الاحترافي.غير أن هذه الإنجازات التي تحققت في عهد المديوري سرعان ما بدأت في الزوال، بعد أن ابتعد المديوري عن منصبه، وعاد الفريق إلى وضعه السابق، بل عانى كثيرا في القسم الوطني الثاني، قبل أن يعود إلى القسم الأول، فكان أكثر حظا من نهضة سطات واتحاد سيدي قاسم. اتحاد طنجة يقضي فترته الذهبية مع أربعين ارتبطت الفترة الذهبية لاتحاد طنجة بعبد السلام أربعين، الرئيس الأسبق للفريق، الذي تمكن من الصعود به إلى القسم الأول سنة 1987، بعد أن كان حديث العهد في التأسيس.وما ميز فترة ترؤس القيادي السابق في حزب الاستقلال لاتحاد طنجة، أن الفريق كان يضرب له ألف حساب، وكانت مدرجات ملعب مرشان تعج بالمناصرين، لأنه كان يلعب في صفوفه ألمع اللاعبين، كما أنه من الأندية التي عاشت استقرارا ماليا وإداريا منذ نهاية الثمانيات وبداية التسعينات، سيما أن أربعين كان يوفر للفريق جميع متطلباته المالية، سواء من ماله الخاص أم من أعيان المدينة.واستطاع أربعين أن يصل بفريق اتحاد طنجة إلى الرتبة الثانية وراء الوداد الرياضي في موسم 1989 - 1990، إذ حسم الفريق البيضاوي اللقب بفارق الأهداف عن الفريق الطنجي، بعدما تساويا في النقط، كما احتل الرتبة الثالثة في الموسم الموالي، وكان من المسيرين الذين دافعوا عن مواقف النادي أمام المسؤولين المحليين بالمدينة والجامعة.ورغم الانتقادات التي كان يواجهها أربعين من العديد من أنصار الفريق، إلا أن الجميع يعترفون أن فترته شكلت أزهى مرحلة في تاريخ اتحاد طنجة منذ تأسيسه، ويحنون إلى زمن كان الفريق له شأن كبير بالكرة الوطنية.صلاح الدين محسن