رغم أن القانون رقم 08.09، المتعلق بحماية الأشخاص الذاتيين، فرض إجراءات تحمي الحريات الفردية والجماعية، على اعتبار أن التطور التكنولوجي والمعلومياتي لا يجب أن يكون أداة لإفشاء أسرار الحياة الخاصة للمواطنين، فإن الواقع يفيد غير ذلك، وكم من مرة يتفاجأ المرء بمعطيات خاصة متاحة للعلن بشكل غير مفهوم، ومسربة بطريقة غير قانونية في انتهاك حقيقي للحياة الشخصية. قانون حماية المعطيات الشخصية أدرك المخاطر التي قد تنجم عن استعمال المعلومات الشخصية أو تفويتها إلى طرف ثالث، دون الحصول على إذن صاحبها مما يشكل مسا بالحرية الشخصية، التي تنتهك، في ظل العولمة والتطور التكنولوجي، الشيء الذي تطلب تدخل المشرع للوقاية من التعسف في استعمالها المضر بالحياة الشخصية للأفراد، من خلال تأطير كيفية استخدام وتدبير هذه المعطيات، وتقنين معايير وشروط موضوعية، لتعيين واختيار أعضاء الهيأة المختصة في هذا المجال، بما يكفل استقلالها وتجردها في أدائها لمهامها. وإذا كانت المعطيات ذات الطابع الشخصي هي كل معلومة تتعلق بشخص طبيعي محددة هويته أو غير محددة، فإن حمايتها يعتبر من صميم سلامة الأمن المادي والمعنوي لأي شخص. ويفرض الفصل 23 من القانون نفسه، على المسؤول عن المعالجة القيام بالإجراءات التقنية والتنظيمية الملائمة لحماية المعطيات ذات الطابع الشخصي من الإتلاف العرضي أو غير المشروع، أو الإذاعة أو الولوج غير المرخص، خصوصا عندما تستوجب المعالجة إرسال معطيات عبر شبكة معينة، وكذا حمايتها من أي شكل من أشكال المعالجة غير المشروعة، ويعاقب الفصل 58 من القانون ذاته بالحبس من ثلاثة أشهر إلى سنة وبغرامة من 20 ألف درهم إلى 200 ألف أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط، كل من قام أو عمل على القيام بمعالجة معطيات ذات طابع شخصي دون إنجاز الإجراءات الهادفة إلى حماية أمن المعطيات. غير أن السؤال الذي يفرض نفسه في هذا الصدد هو: هل يتم تفعيل هذا القانون بالشكل المطلوب والحزم المضمن فيه، على اعتبار أن واقع الحال يفيد غير ذلك؟ فالمعلومات الشخصية للأشخاص ما زالت تنتهك بصفة مستمرة، أمام انعدام التطبيق الفعلي للقانون الجديد، فالمواطن ما زال عرضة لعمليات الانتهاك لمعلوماته الشخصية، إذ هناك عدة شركات ومؤسسات تتاجر بتلك المعلومات دون حسيب ولا رقيب، ويرجع البعض ذلك إلى عدم وعي المواطن بحقوقه، التي يكفلها له القانون، الذي لا يعذر أحد بجهله، والجهل هنا تساهم فيه جهات مفروض فيها توعية المواطن بحقوقه وواجباته. للتفاعل مع هذه الزاوية: mayougal@assabah.press.ma