أسرادي ابن أحد رموز وشعراء النظم الأمازيغي اختار «الكلاشات» طريقا لاكتساح «السوشل ميديا» لا يمكن لابن الوز إلا أن يكون عواما، ولو غير مكان وطبيعة سباحته يتقنها بحثا عن ذاته ولو في صورة مخالفة لأصل يتشبع بأدق تفاصيله ليرسم خارطة طريق نجاحه ولو بعيدا عنه أو بشكل مغاير له. وذاك ما ينطبق على جواد أسرادي، نجل إدريس، أحد أبرز رموز وشعراء النظم والشعر الأمازيغي، ويعتبر عمودا من أعمدته. لم يسر جواد في طريق أبيه الروحي، واحدا من رواد المحاورة والنظم في الشعر الأمازيغي واشتهر بقدرته الفائقة على ارتجال وإبداع الصور الشعرية، وكرم في تظاهرات محلية وإقليمية وجهوية ووطنية، إحداها من المعهد العالي للثقافة الأمازيغية وأخرى في مهرجان التفاح بإيموزار كندر بصفرو المتحدر منها. غير الشاب اتجاهه الإبداعي، ونحا إلى فن الراب بحثا عن ذاته وطريقا سالكا لنجاح حقق جزءا منه، لكنه اشترك مع والده المحبوب في تملك خيوط الشعر الأمازيغي وأدواته وإجادة خياطة الكلمات بشكل مثير يجلب اهتمام متلق يجد كثير الشبه في تجربتهما، ولو أن الأب هرم والابن يبني تدريجيا أساس مستقبله الفني. تأثرا معا بطبيعة وجمال آيت سغروشن الملهمين، وشكلا جزءا من ذاتيهما التوقيت إلى الإبداعي، كلا منهما في مجال تخصصه. الأب يخيط الكلمات وينظمها في محاورات انتشرت سريعا واقعا وإلكترونيا، والابن يرسم لوحات فنية بكلمات نابعة من أعماق شاب متطلع لما هو أفضل مما عليه وموطنه، حالما بما يحلم به كل الشباب. بدأ الابن مبكرا في نظم الكلمات سيرا على نهج والده، وأحسن تركيبها على مقاس مختلف مزج فيه بين الهوية الأمازيغية الأصيلة المتأصلة وموسيقى الراب اختارها التي وسيلة وأداة، لينطلق في رحلة البحث عن ذاته وشهرة تحققت بسرعة وحجم تداول ما أبدعه، في "السوشل ميديا" وبأرقام لم يحققها بعض "الرابورات". يشتهر جواد أسرادي بصفحات التواصل الاجتماعي، باسم "بوز فلو" ونمطه الجريء في التطرق للقضايا الاجتماعية المؤرقة لكل شاب من جيله، وبكلمات تشتم منها رائحة إرث الصوت والكلمة الأمازيغية الجاسة لنبض مجتمع حالم بالأفضل، غير راض عن حاضره في تطلعه لغد مشرق تنمحي فيه كل العيوب والإعاقات المجتمعية. ما يقدمه جواد ابن إيموزار البالغ من العمر 29 سنة، في فن "الراب"، مختلفا عن كثير زملائه، لم ينح منحاهم بإقحام كلمات خادشة لنقاء المسامع، وانتقى كل كلمة بإتقان وعمق، معبرا عن واقعه بشكل أقرب للسريالية ليشكل قيمة مضافة لفن منتشر بشكل كبير وسط صفوف شباب كل اختار طريقه الخاصة لإبداعه. "ولد السيانز" و"فيلسوف الراب المغربي" لقبان يطلقهما البعض على جواد أو "بوز فلو"، وحجتهم صعوبة فهم كلمات نسبة مهمة من "طراكات" من أول استماع لها، بعدما نشرها بقناته على "يوتوب" وتداولها عشاقه في صفحات أخرى لمواقع التواصل الاجتماعي، قد تبدو في ظاهرها غير ما يراد من معناها والخفي من رسائلها. "ولد السيانز" اشتهر كثيرا ب3 "طراكات" تحمل عناوين مختلفة عن لويزا والأب نويل وماندرين، وبها عرف قبل توالي إبداعاته المثيرة التي حصدت ملايين المشاهدات وتداولها متابعوه على نطاق افتراضي واسع، سيرا على نهج أبيه الروحي في بناء ذاته وتلمس طريق النجاح في إبداع عصري مفعم بأصوله الأمازيغية. يسري دم الإبداع بشرايين الشاب وبفضله فرض شخصيته المختلفة وصنع لنفسه اسما يكبر تدريجيا. منذ الصغر وبالضبط في 2009، اختار الراب طريقا للإبداع وبناء شخصيته ورسم خارطة طريق نجاحه، فأنشأ لأول مرة مجموعة سماها "حالفين" رفقة صديقه سفيان، قبل أن يتجه إلى نشر "طراكات" أبدعها بعد 4 سنوات من ذلك. في تلك الفترة كان الشاب "كيخدم لراسو وكيدير الراب غير باش يسقي ودنيه" بتعبير ورقة عنه، قبل أن يفترق عن المجموعة بعد 6 سنوات من إنشائها، ليقرر العمل بمفرده مدشنا مسيرته الجديدة ب"كلاشات"، قبل أن يتوسع انتشار ما أبدعه لحد تربعه على عرش "الطوندونس". حميد الأبيض (فاس)