فقدان السيادة الغذائية… القصة الكاملة

سجل حضور قوي في الآونة الأخيرة لمصطلحات السيادة والأمن الغذائي، في الخطاب الرسمي للدولة، بعد الشعور بتهاوي سلاسل إنتاج مجموعة من المواد الغذائية الأساسية، ليصبح الأمر صداعا حادا لمؤسسات الدولة. وبالقيام بعملية جرد بسيطة للمواد الأساسية التي فقدنا فيها السيادة في السنوات الثلاث الأخيرة، نجد اللحوم الحمراء وحليب الأبقار، وأغنام عيد الأضحى، إضافة إلى الزيتون وزيته، والعسل، ناهيك عن الحبوب من قمح وشعير، والأعلاف المخصصة للأبقار والدواجن. وتختلف قصة فقدان الأمن الغذائي من منتوج لآخر، إلا أن هناك نقاطا مشتركة سرعت بتهاوي الإنتاج، وبداية مع لحوم الأبقار والحليب، فإن قصتها تبدأ من مطلع 2020، عندما أغلقت كل المرافق، ووجد منتجو اللحوم والحليب أنفسهم أمام أزمة خانقة، إذ توقفت المطاعم والمقاهي والأعراس وغيرها، عن طلب هذا المنتوج، ما تسبب في خسائر كبيرة للفلاحين. وتوقف الفلاحون عن الاستثمار في قطاع الحليب، نتيجة تهاوي الأسعار وفائض الإنتاج، كما أن جزءا كبيرا توقف عن تلقيح الأبقار، وشرعت فئة أخرى في بيع العجلات والأبقار المنتجة للحليب، من أجل تقليص كلفتها، ما أدى تدريجيا إلى تراجع كبير في القطيع الوطني، نتجت عنه أزمة حادة في الحليب واللحوم بعد سنة أو سنة ونصف. وفي ما يخص أغنام عيد الأضحى، فإن قصتها تختلف نوعا ما، إذ يعتبر الجفاف عاملا حاسما في تراجع القطيع الوطني، إذ تقلصت المساحات المزروعة بسبب نقص المياه، وتم تعويض بعض الزراعات، كما تراجعت مساحات الغطاء النباتي، ما أدى إلى تراجع الولادات بشكل مباشر، خاصة أن الأعلاف بلغت مستويات قياسية أدت إلى بيع القطيع دون تجديده، وإلى استيراد الأغنام الإسبانية والرومانية، التي لم تنجح في تغطية الطلب الداخلي. وفي ما يتعلق بالأعلاف، التي كان المغرب ينتج جزءا منها ويستورد جزءا آخر، والحبوب وزيت الزيتون والعسل، فكان الجفاف سببا مباشرا في فقدان السيادة الانتاجية، إذ أن غياب الأمطار لسنوات منع الفلاحين من إنتاج القمح والشعير، الأمر نفسه بالنسبة إلى الزيتون وزيته، إذ أن قررات منع السقي حفاظا على مياه الشرب، أدت إلى إعدام مساحات شاسعة من أشجار الزيتون، الذي لا يستطيع الصمود أمام الجفاف، الأمر نفسه بالنسبة إلى العسل، الذي تعرض لضربة موجعة قبل سنتين، نتيجة الجفاف وعدم إنبات الأزهار التي يتغذى عليها. وفي ما يخص مسؤولية الحكومة، فتتمثل في الخيار الذي ذهبت فيه وزارة الفلاحة منذ مطلع العقد الثاني من القرن الحالي، إذ طبقت فكرة جيدة، مفادها تعويض المزروعات بالأشجار المثمرة، من أجل خلق القيمة المضافة في القطاع الفلاحي، وهو ما حدث، إذ تضاعفت صادرات الفواكه والخضر، لكن بالمقابل فقدنا أهم عنصر في المائدة المغربية، وهو القمح الذي يصنع منه الخبز. وكانت رؤية وزارة الفلاحة، أنه لا يمكن المنافسة مع أمريكا وروسيا وأوكرانيا في إنتاج القمح، بالنظر إلى المساحات الشاسعة التي تتوفر عليها تلك الدول، والزراعة العصرية التي تعتمد عليها، لكن يمكن الاستثمار في الحوامض والبواكر وتصديرها. وخصصت الوزارة مجموعة من برامج الدعم للفلاحين، إلا أن قوة الجفاف والحرب الأوكرانية وتداعيات كورونا، حالت دون الوصول إلى نتائج الدعم، الذي قدم على شكل أعلاف وشعير، ومكافآت مالية على الولادات الجديدة للأبقار، خاصة أن مسار التشاور والمصادقة على الدعم امتد وقتا طويلا، تضرر خلاله مختلف المنتجين، وأصبحوا حذرين، خاصة مع استمرار عوامل الإفلاس. عصام الناصيري

فقدان السيادة الغذائية… القصة الكاملة

تداعيات كورونا والجفاف وخيار التصدير حطمت درع الأمن الغذائي للمملكة

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

جريدة الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

وكالة المنشطات تفاجئ تطوان

لقطات

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات