وفاة شخص في ضيافة مشعوذ وآخر يحتجز متزوجة بسبب "الذبيحة" تعتبر الشعوذة والدجل، أقرب الطرق وأسهلها إلى مجال النصب والاحتيال، نظرا للعديد من الأسباب، منها غياب الوعي الثقافي، مما يجعل ضحايا هذه الشبكات ينصاعون بشكل كامل "لترهات" مشعوذين يدعون قدرتهم على فك طلاسم كل الأمراض النفسية منها والجسدية، وفتح أبواب التألق والغنى والسعادة أمام كل من يقصدهم.غير أن الكثير من الضحايا سيما النساء، وجدن أنفسن بين أيدي مشعوذين يعالجوهن بطرق خاصة، تبتدئ بكتابة طلاسم ودهن سوائل على أجساد الضحايا ثم اغتصابهن، أو اشتراط المضاجعة كطريقة لطرد النحس أو الجن من أجساد الضحايا وفك عقدهن، أو استغلالهن جنسيا إرضاء للجن، تاركين لهن جروحا، لتتحول بذلك رحلة البحث عن العلاج إلى مأساة أخرى، تضطر معها أغلب النساء الضحايا، إلى كتم أسرارهن، وعدم البوح بها، خوفا من ردود فعل الأقارب والجيران.بيد أن العديد من حالات "العلاج"، تحولت إلى جرائم، بعدما وجد مشعوذون أجساد ضحاياهم جثثا هامدة، كما وقع بالعديد من مدن المملكة، منها الصويرة وآسفي. رحلات "علاج" تتحول إلى جرائم ! لم تكن كل رحلات "العلاج صوب العديد من المشعوذين والدجالين، سيما بمنطقتي عبدة والشياضمة تنتهي بدون مواجع، إذ غالبا ما تتحول إلى جرائم، تدخل على خطها فرق البحث والتحقيق، وينتهي دجالون ومشعوذون، يدعون القدرة على فك كل المآسي وراء القضبان.فقبل حوالي سنتين، لم يكن "ع.ع" يعتقد أن رحلة البحث عن علاج "للتوكال" ستتحول إلى مأساة، بعدما لفظ أنفاسه الأخيرة، بين يدي مشعوذ، ذاع صيته بمنطقة سميمو، وكان يدعي القدرة على علاج كافة الأمراض وإبطال كافة أنواع السحر، ودرء العين، وغيرها من "الأمراض" التي كان يوهم ضحاياه بقدرته على علاجها، حتى صار وجهة لسكان مجموعة من المدن كالبيضاء ومراكش وآسفي والجديدة وأكادير وغيرها، وتحول منزله إلى محج شبه يومي لعشرات الزوار، دون أن تتحرك المصالح الأمنية والدركية بالمنطقة.وجد الضحية "ع.ع" المزداد سنة 1971، متزوج وأب لطفلين، ذات صيف نفسه بين يدي المشعوذ، الذي أمره بدفع مبلغ 500 درهم، مقابل إنهاء مشكل "التوكال" الذي يعاني منه، وهو ما استجاب له الضحية دون تردد، ليأمر الفقيه، بتناول مواد سائلة قدمها له، وطلب منه، أن يتمدد لقرابة ساعة كاملة، غير أن الضحية تمدد بشكل نهائي، وأسلم الروح لبارئها، ليكتشف المشعوذ أن زبونه لفظ أنفاسه الأخيرة، ورغم ذلك، ظل يمارس عليه العديد من الطقوس، بعدما اعتقد أن هناك جنيا بداخله، هو الذي تسبب في نومه، واستمرت الطقوس حوالي ثلاث ساعات، إلى أن أيقن المشعوذ، أن الضحية لفظ أنفاسه الأخيرة، ليتم إشعار أحد أصدقائه الذي أبلغ عناصر الدرك الملكي، التي انتقلت إلى عين المكان، وأوقفت الفقيه، المشعوذ، على ذمة البحث، في حين تم نقل جثة الضحية إلى مصلحة التشريح الطبي بالمستشفى الإقليمي للصويرة، بناء على تعليمات النيابة العامة.واعترف المشعوذ الموقوف بالمنسوب إليه، مؤكدا أنه دأب على علاج الضحايا من المس بالجن وإبطال السحر وطرد النحس ودرء العين وجلب المحبة والتيسير والقبول وغيرها، وأنه عالج شخصيات نافذة بالدولة، كانت تطلب منه القدوم إلى منازلها، وكان يبيع لهم العديد من المواد التي تستعمل في إبطال السحر، ك "مخ الضبع وبول الحمارة العاقر وبيض النعامة التالفة وروث الجمل الغضبان" وغيرها من المواد.وأقر بخصوص الواقعة، أنه منح الضحية مواد سائلة مصنوعة قصد علاجه من "التوكال"، غير أنه لفظ أنفاسه الأخيرة، في حين أشار التقرير الطبي المنجز من قبل الطبيب الذي قام بالتشريح الطبي إلى أن الضحية تناول مواد سامة، تسببت في وفاته، لتتم إحالة المتهم على أنظار النيابة العامة، التي تابعته من أجل المنسوب إليه.وبآسفي، لم يجد زوج، سوى اللجوء إلى المصالح الأمنية لتخليص زوجته من قبضة الاحتجاز، الذي تعرضت له من قبل أحد المشعوذين قاطن بآسفي ومتحدر من خريبكة، إذ توجهت إليه للعلاج، ليقوم باحتجازها، بعدما أصيبت بغيبوبة.ظلت الزوجة لعدة أيام محتجزة، ما جعل زوجها، يتوجه إلى منزل المشعوذ أكثر من مرة لتخليص زوجته من قبضته، غير أنه أصر على ضرورة إحضاره "الذبيحة" حتى يتسنى للزوجة مغادرة بيته، ما جعل زوج الضحية، يتوجه إلى مصلحة الديمومة بالأمن الإقليمي بآسفي، ليتم الانتقال إلى المنزل المذكور وإيقاف المشعوذ وابنه.محمد العوال (آسفي)