أوراش التعليم العالي

تعاني الجامعات المغربية بكل أنواعها، ضعفا على مستوى البحث العلمي، الذي ظهر بشكل جلي على مدى عقود من الزمن، خاصة بعد بروز ظواهر مسيئة خربت التعليم الجامعي. ويأتي على رأس الظواهر المشينة الجنس مقابل النقط، وشراء كتب الأساتذة مقابل النقط، وسرقة الأبحاث العلمية للانتقال من شعبة إلى أخرى، لنيل شهادة الدكتوراه، علاوة على أزمة كليات الطب والصيدلة وفشل الإصلاح، واستمرار الهدر الجامعي، وخلل الهندسة اللغوية. واستلم عز الدين الميداوي، منصبه الوزاري في التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار من سلفه عبد اللطيف الميراوي، الذي حاول جاهدا إنجاز إصلاح لمنظومة التعليم العالي، تطويرا لإصلاحات أسلافه، وتعثر في بعض منها، وغير أخرى، عبر إلغاء الأنوية الجامعية وتعويضها بالأقطاب الجامعية. ولم يتوقف الميراوي عن إرسال لجان تفتيش لملاحقة الأساتذة المراهقين الذين يستغلون الطالبات لأجل علاقة عابرة مقابل النجاح، أو بيع الكتاب لأجل النفخ في النقط، أو السماح بسرقة الأبحاث العلمية. ورغم أن الميراوي حاول قدر المستطاع تطوير منظومة التعليم العالي، إلا أنه كرر على مسامع البرلمانيين، كما أسلافه، استمرار معضلتين، الأولى تتعلق بعدم تعميم المنح الجامعية لكافة الطلبة، إذ أن أقل من نصف الطلبة من يحصل على المنحة الجامعية الضعيفة أصلا، والثانية في غياب الأحياء الجامعية لتوفير السكن الذي يساعد على التحصيل العلمي. وغياب المنح والأحياء الجامعية، أدى إلى تشجيع الهدر الجامعي الذي يكلف 300 مليار سنتيم، جراء صرف الأموال على تعليم الطلبة الذين يغادرون الدراسة بنسبة تقارب النصف، والتي سجلت وفق دراسة أعدتها مصالح وزارة التعليم على عهد سعيد أمزازي، الوزير الأسبق، في47.2 في المائة، من الطلبة الذين ينقطعون عن الدراسات الجامعية بدون الحصول على أي شهادة، ما يعني 400 ألف تقريبا بحكم أن عدد الذين ولوجوا التعليم الجامعي أثناء إجراء الدراسة تجاوزعددهم 950 ألف طالب، ويتجاوز حاليا مليونا و200 ألف. ولم تتكلل سياسة الوزراء بالنجاح في مجال تحقيق الانتقال اللغوي، إذ أن نسبة كبيرة من التلاميذ الذين درسوا في الابتدائي إلى الباكلوريا، العلوم الطبيعية والرياضيات والفيزياء باللغة العربية، لم يعد بمقدورهم مواصلة الدراسة الجامعية باللغة الفرنسية، لذلك يغيرون من التوجيه الدراسي من العلمي إلى القانون أو الآداب، ومن ثم يغادرون الدراسة في منتصف الطريق، لذلك حاول الوزير أمزازي وبعده الميراوي تدارك هذا الأمر بتكثيف عمليات تعلم اللغات ومع ذلك استمر الخلل حاليا. وحتى تغيير سنوات الدراسة، لا تأثير له بجعل الإجازة في حدود 3 سنوات، عوض 4 سنوات، التي تاه في التخطيط لها وزراء ولم يؤكدوا أو ينفوا صحة التعلم عبر السنوات، وهو المشكل الذي يعد من بين أسباب كثيرة استدعت إعفاء الميراوي من منصبه الوزاري، بعد أزمة إضراب طلبة كليات الطب والصيدلة لمدة سنة، لأن أغلبهم يريد الهجرة إلى الخارج بسبب ضعف الأجور، إذ أن الطبيب هو مركز اجتماعي، قبل أن يكون عملا مهنيا، ولو منحوا له 15 ألف درهم شهريا، و3 ساعات للاشتغال في القطاع الخاص يوميا، كي تصل أجرته إلى 30 ألف درهم لما قرر الهجرة إلى الخارج. ووضع خالد آيت الطالب، وزير الصحة والحماية الاجتماعية، تصورا إصلاحيا لتشجيع الأطر الطبية على الاشتغال في الجهات التي تكونت فيها، لعلاج كل المغاربة بمن فيهم القاطنون في القرى والجبال، ونسق عملية الإصلاح مع الميراوي في كليات الطب والصيدلة وطب الأسنان، ولم تكلل بالنجاح، لأن أغلبية الأطباء يرفضون علاج المرضى بالمناطق النائية، ويسعون إلى الاشتغال في القطاع الخاص الموجود بالمدن والمدر للأرباح التي قد تتجاوز 50 ألف درهم شهريا. وأدرجت نتائج التصنيف العالمي للجامعات في 2023، سبع جامعات مغربية ضمن أحسن 1500 جامعة تنتمي إلى 104 دول، من أصل 25 ألف جامعة عبر العالم، ما يعني وجود تأخر في مسار اللحاق الدولي بجودة الجامعات، علاوة على ضعف براءة الاختراع، وغياب التنسيق بين الجامعات في اقتناء المعدات الديداكتيكية، والتنسيق مع المقاولات، إذ باستثناء المعاهد العمومية والجامعات الخاصة لا يوجد جسر بين الجامعة والمقاولة إلا من بعض الدراسات القليلة جدا. ومطلوب من الحكومة وليس الوزير مراجعة سياسة التعليم العمومي بصفة شمولية لتجنب ارتكاب الأخطاء نفسها. أحمد الأرقام

أوراش التعليم العالي

محو صورة الجنس مقابل النقط وسرقة الأبحاث وتجاوز أزمة كليات الطب الإرث الثقيل

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

جريدة الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

قالوا

الرجاء في ورطة بسبب مشروع التكوين

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات