متقاضون تائهون وجلسات عقدت عن بعد والتصعيد مستمر في ثاني يوم من إضرابات المحامين المفتوحة، شهدت جل المحاكم شللا شبه تام، بسبب غياب الدفاع عن جلسات المحاكمة، بعد أن قرر المحامون الاستجابة لقرار جمعية هيآت المحامين بالمغرب، بالتوقف عن العمل إلى إشعار آخر، ما يعني أن التصعيد في ذروته، خاصة في غياب أي بوادر حل من الحكومة التي يحملها المحامون مسؤولية ما آلت إليه الأوضاع، بالنسبة إليهم. وغابت الجبة السوداء للمحامين، صباح أمس (الاثنين)، في جل محاكم الدائرة الاستئنافية بالبيضاء، خاصة محكمة الاستئناف التي شهدت شللا تاما للجلسات، خاصة الجنايات الابتدائية والاستئنافية التي عقدت فيها الجلسات عن بعد، إذ أخبر المتهمون المتابعون في حالة اعتقال بغياب محامين وتأجيل جلساتهم لإعداد أو حضور الدفاع. وغاب المحامون بشكل كلي عن المحكمة باستثناء لجان التتبع والمراقبة التي أسندت إليها مهمة السهر على تطبيق قرار المقاطعة ومعاينة كل مخالفة له، مع ترتيب الآثار عن ذلك، وأقفلت أغلب أبواب قاعات المحكمة باستثناء القاعة 6 التي كانت تعج بالمتقاضين فقط، الذين ينتظرون ما ستؤول إليه الأمور في الجلسات المسائية وهل سيتم عقد الجلسة الخاصة بالجنحي التلبسي أم لا، على اعتبار أن القضايا الجنحية لا تتطلب بالضرورة حضور المحامي، إذا استغنى المتهم ورغب في تولي مهمة الدفاع عن نفسه، عكس الجنايات التي تتطلب حضورا ضروريا للمحامين. وتساءل عدد من المتقاضين وعائلات المعتقلين الذين حضروا تلك الجلسة عن غياب المحامين، وعن مصير المعتقلين مع هذه الإضرابات المتتالية، فبعد إضرابات كتاب الضبط التي شلت الحركة لأشهر، جاء دور المحامين، وهي أمور خطيرة جدا وتعرقل سير عجلة العدالة وتضر بحقوق المتقاضين، وطالب بعضهم بأن تتدخل الحكومة للبحث عن حل سلمي لمثل هذه الخلافات، لتفادي الإضرار بحقوق المتقاضين. التصعيد الذي يخوضه المحامون هو نتاج الاستمرار في فرض أفكار أحادية الجانب، حسب قولهم في إطار رؤية إصلاحية ضيقة ترمي إلى حل مشاكل العدالة على حساب مكتسبات المتقاضين والمهنيين، بشكل يكرس التمييز بين المواطنين ويضرب في العمق الحق في التقاضي ومبدأ الولوج المستنير إلى العدالة، في الوقت الذي كان الأمر يقتضي إقرار حلول شاملة تنبني على مبدأ التشارك ومراعاة مصالح كل الأطراف وتحمل الحكومة لمسؤوليتها في تدبير القطاع، واعتبرت جمعية هيآت المحامين بالمغرب أن نضالات المحامين تنصب على ملف مطلبي شامل غير قابل للتجزيء، يهدف إلى تحصين المكتسبات الدستورية والحقوقية للمتقاضي وللوطن، ومواجهة الردة التشريعية الماسة بهذه المكتسبات، وإقرار نظام ضريبي عادل يتناسب مع طبيعة رسالة المحاماة، وتحصين وتثمين مكتسبات المحامين في المجال الاجتماعي، خاصة ما يتعلق بالتغطية الصحية الإجبارية الأساسية عن المرض، وتكريس مبدأ ضمان المساعدة القانونية للمواطنين، عبر ضمان ولوجهم المستنير للعدالة، مما يفرض تعزيز مكانة الدفاع في التشريعات الإجرائية، عوض السعي إلى تقليصها، وتطوير التشريع المهني. كريمة مصلي