الهادي: أصحاب الرسائل المجهولة جبناء

الباحث في السوسيولوجيا قال إن سلوكاتهم تختلف حسب الأهداف وفئة منهم ميالة إلى الافتراء على ذوي الكفاءة والمسؤولية يميز الهادي الهروي، أستاذ باحث في السوسيولوجيا، بين سلوكات أصحاب الرسائل المجهولة، عبر تصنيف نفسي وسوسيولوجي، يختلف حسب هدف صاحب الرسالة. ويربط الهادي الأهداف بحسب المصلحة، وهي سلوكات تختلف حسب بواعث الرسالة التي يصنفها إلى أهداف تنضوي ضمن المصلحة العامة، أو أهداف تقويمية وأخرى كيدية تكون بواعثها شخصية..... فما هي أنواع الشكايات التي تصل عن طريق الرسائل المجهولة؟ وما هي دوافع أصحابها وأبعادهم؟ وما هي التفسيرات السوسيولوجية والعلمية التي يمكن أن نفسر بها سلوك المشتكين المجهولي الهوية ؟ وهل يعتبرون جناة أم مجرمين أم جانحين؟ وما هو حكم القانون عليهم وهل يعتد بشكاواهم؟ يرى، الهادي الهروي، أستاذ باحث في السوسيولوجيا، أن المجتمع المغربي كيان تتلاقي وتتعارض فيه قوى مختلفة ومتناقضة بشكل دائم، وهي أمور وأحداث ضرورية للدينامية الاجتماعية ومنتجة لها في الوقت نفسه، ففيه يختلط النظام والفوضى والسلوك السوي والصائب، الصحي والمنحرف، الخير والشر، المحبة والود، الركاهية والحقد، وفيه يكشف البعض عن نواياه وطبيعته بشكل جلي وتلقائي ويضمرها آخرون، وفيه يشاع الخبر الصحيح والخاطئ والإشاعة والوشاية والكذب بين أفراده، خصوصا بين المهنيين والموظفين في رحاب المعامل والمؤسسات والإدارات، إذ تصل شكايات عبر رسائل مجهولة لا تحمل هوية أصحابها إلى رؤساء المصالح والوزارات ووكيل الملك والولاة وبالخصوص إلى وزارة العدل ومصالحها... تبلغ بأحداث ووقائع وسلوكات وتصرفات مشتكى به، فردا أو جماعة، وتنزل التهم به أو تخبر عن أعماله وتشهر به بشائعات أوتهينه بشتائم وألفاظ خارجة عن اللياقة، منها ما هو افتراء ومنها ما صادق وصحيح. ويصنف الهادي الهروي الشكايات التي تصل عن طريق الرسائل المجهولة إلى ثلاثة أنواع: 1ـ نوع يبلغ بخروقات وتصرف مسؤول أو رئيس مصلحة أو موظف عاد أو سام في المال العام وتوظيفه لحسابه كما يحدث في ميزانية الجماعات المحلية والجمعيات المدنية والمتصرفين الماليين في بعض الوزارات، إذ يحول الرئيس بموافقة الأمين أو المستشارين جزءا من المال لحسابه لقضاء حاجة أو حل أزمة طارئة أو اقتناص فرصة. وقد يبلغ شخص بشطط في استعمال مسؤول لسلطته أو تعنيف المواطنين في الإدارة، كما قد يشتكي آخر بتظلم من إجراء إداري يمس الإدارة التي يعمل بها ويغار عليها، فيبلغ المسؤولين برسالة من دون مرجعية ولا هوية، يكون ذلك من باب إصلاح الإدارة أومن باب تغيير المنكر.2ـ نوع يبلغ بتضرر شخص من إجراء قضائي أو إداري أو مؤسساتي ومن تصرف سلطوي أو اعتداء مادي أو معنوي مس شخصه وألحق ضررا أو عيبا به وبكرامته وسمعته، ولم يستسغ بالتالي هذا العمل المشين فارتأى التبليغ برسالة مجهولة تفاديا للحرج والمضايقات والانتقام والاعتداء.3ـ نوع يبلغ برسائل مجهولة تنزل التهم المجانية والوشايات والتصرفات والممارسات الكاذبة والافتراءات بشخص أو أشخاص أو بمسؤولين إداريين متفانين في أداء مهامهم ملتزمين بأعمالهم خاضعين للمنطق العقلاني والديمقراطي والموضوعي ولإملاءات الضمير الحي في تعاملهم مع من هم تحت رقابتهم ، نابذين الزبونية والصحبة والمحسوبية والولاءات والخضوع لذوي النفوذ من أصحاب السلطة والمال، وقد تكون دوافع ممن يشتكي بمثل هذه الرسائل التي تصل غالبا إلى وزارة العدل متنوعة لعل أهمها تصفية حسابات بين المشتكي والمشتكى به، وقد تبرر هذه التصفية بعدم الانصياع لمجموعة من المعايير المتعامل بها في إدارة ما، وعدم الامتثال لها أو بالحسد من الترقي إلى مرتبة عليا في الوظيفة أو باستقرار أسري أو بطموح انتخابي للمشتكى به أو بموقعه المتميز بإدارة أو بشعور عاطفي. وينتقل الباحث في السوسيولوجيا إلى التفسير العلمي لنمط سلوك هذه الفئة والكشف عن العلاقة الارتباطية بين ميولها إلى إنزال التهم والافتراءات على الأشخاص ورميهم بإشاعات تحطم شخصيتهم، ومن أهم التفسيرات في نظر الهادي: التفسير السيكولوجي ويرى أنه من زاوية التحليل النفسي أن طبيعة شخصية المفترين على الأشخاص والوشاة والمنزلين التهم على أطراف معينة من ذوي المكانة والكفاءة والمسؤولية شخصية تهيمن عليها نوازع عدوانية، ميالة بالطبيعة إلى أفعال الشر والتخريب والتدمير وأعمال العنف في حد ذاته، تتنازعها قوى “التناتوس” وتتلذذ بإلحاق الأذى بالآخرين من دون إحساس بالإثم أو الذنب عن القيام بأعمال انحرافية أو إجرامية. فمس بالشخص من دون سبب أو الإساءة إليه بدافع الحقد والحسد والضغينة وإنزال التهم المجانية به عبر رسائل مجهولة الهوية والمرجعية، لا يمكن أن يكون صاحبها إلا مفتقدا للشجاعة وللقدرة على مواجهة المشتكى به وذا حالة عقلية غير سوية ، بل قد يعتبر شخصية انحرافية وانطوائية شيزوفرينية.، إن لم يصنف في خانة الجناة والمجرمين.ثم ينتقل الهادي إلى الحديث عن التفسير السوسيولوجي: أعتقد أن سلوكا لشخص من هذا النوع، ناتج وظيفيا، عن التوترات وجوانب الخلل الهيكلية التي قد تعاني منها الإدارة التي يعمل فيها، أو عن العمل الشاق الذي يفرض عليه ويلزمه بالانضباط للمعايير والقواعد الصارمة والضابطة للعمل والتي قد لا يستطيع مجاراتها، فيلجأ إلى المعاكسة ومحاربة الوضعية بكل الطرق والإمكانات، ومنها الرسائل المجهولة التي تحط من مكانة المسؤولين .ومن المعلوم أنه حالما تتراكم الضغوط التي تفرض على سلوك فرد في العمل وتتعارض المعايير والمقاييس المتعارف عليها في القوانين المنظمة للشغل في مؤسسة ما، يلجأ الفرد إلى استحداث وتوظيف ميكانيزمات دفاعية تخفف عليه وطأة ومشقة العمل من جهة، ومن جهة أخرى تدفع عنه القلق والإحباط. وقد يرجع الأمر أيضا إلى عدم توازن وتقابل تطلعات المشتكي مع ما تقدمه الوزارة أو الإدارة من مكافأة أو حوافز مع مكافآت فرد آخر في العمل نفس و بالرتبة نفسها، وهو المشتكى به أو المبلغ عنه. فإذا كانت القاعدة هي:”أن الذين يعملون بجد، هم الذين ينجحون ويكافؤون” ، فإن القاعدة المعاكسة لبعض الفاشلين هي: “نحن لا نقبل هذه القاعدة، فنبدأ في محاربتها”.، ولعل ما يوصف به هؤلاء هو أنهم يفتقرون إلى آليات الضبط والمسؤولية والالتزام الأخلاقي.وأخيرا يتطرق الهادي إلى التفسير البيولوجي، إذ يتصف هؤلاء بصفات فطرية في نفوسهم تفسر ميلهم إلى الشر والعداء وإلحاق الضرر المجاني بالآخرين، والتظلم عليهم، وقد تعكس خصائصهم الجسدية المادية ميلهم الطبيعي للعداء. أما الوضع القانوني للرسائل المجهولة، فتعتبر غير ذات صبغة قانونية ولا يعتد بها ما دامت لا تتوفر على قواعد التراسل الإداري المعروفة ولا على مسطرة تقديم الشكايات سواء من حيث الشكل أو من حيث المضمون.. غير أنه في بعض الأحيان يأخذ وكيل الملك شكاية الرسالة المجهولة على محمل من الجد، فيحيل الأمر على الجهة المختصة للبدء في التحقيق وإجراء التحريات اللازمة وصولا إلى الحقيقة التي قد تكون في الغالب مجهولة فتحال على الرفوف. المصطفى صفر

الهادي: أصحاب الرسائل المجهولة جبناء

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

تجليات الوشاية الكاذبة في القانون

الشهادة والإثبات في القضايا سلاح ذو حدين

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات