انتقلت إلى دار البقاء، أخيرا، صفحات فيسبوكية لعدد من وزراء بنكيران، بعد حياة مليئة بالتدوينات و"الجيمات".ماذا حدث لوزراء الفيسبوك؟ هل هي نقمة الانترنيت أم الخوف من الفيروسات "السياسية"، أم قلة حيلة وعجز أمام عالم افتراضي يتجدد كل يوم.كانت حكومة بنكيران الفيسبوكية تغري بالمتابعة، فيكفي أن تتصفح صفحات الوزراء حتى تغرق في الضحك أو تبكي من شدة التأثر أو تستعيذ بالله من الشيطان الرجيم، وتنهض مسرعا للوضوء والصلاة، فالوزراء في فيسبوك عالم فريد وممتع حتى أنك لا تفكر في ترك "الفأرة" ترتاح قليلا.لا تتشابه صفحات الوزراء في العالم الأزرق، فهي تدين، أولا، بالولاء للانتماء الحزبي، فشتان بين تدويناتهم وتعليقات المعجبين بهم.الأكثر انتشارا في فيسبوك، وزيرة الماء، شرفات أفيلال، فصفحتها الخاصة تشرف عليها بنفسها، ولا تتعب نفسك لتكتشف أنها تملك عاطفة جياشة، فهي انفعالية تحتفل بفوز فريق المغرب التطواني وترتدي اللباس الجبلي، وحين ينهزم تكاد تلمس دموعا تنساب من مقلتيها.. يا سبحان الله.شرفات في فيسبوك، مثابرة جدا، كل صور أنشطتها منشورة بلمسة أنثوية، وزياراتها محددة بدقة، إذ تجدها في منطقة نائية بالجبال بحثا عن الماء، وفي فلسطين مع أبو مازن أو ترتدي ستارا على رأسها قبل الصلاة في القدس، ثم تتحول إلى مفتية حين ترد على الشيخ أبي حفص حين اتهمها بالتطبيع مع إسرائيل.ولا تنافس شرفات إلا حكيمة الحيطي، الوزيرة المنتدبة المكلفة بالبيئة، لكنها تتمسك بلغة موليير، ولا تحب الافتخار بحياتها الشخصية، والمرة الوحيدة التي فقدت قاعدتها "الفيسبوكية" حين نشرت صورة ابنتها الجميلة، فتعددت التعليقات بين مبارك ومن يتمنى لها مولودا آخر.نبيل بنعبد الله، زعيم التقدميين الاشتراكيين، لا يرى في الفيسبوك إلا امرأة طلقها إلى غير رجعة، فآخر تدوينة له تعود إلى 2012.أسوأ الوزراء في فيسبوك هم المنتمون إلى "حزب الحمامة"، فلا علاقة للحزب بمواقع التواصل الاجتماعي، فزعيمهم مزوار يملك صفحتين، الأولى باسمه الشخصي أحدثت، أخيرا، وتبث المواعظ والحكم مثل صفحة عجوز، فقال مرة: "أنا أومن بالفعل مع المواطنين، وأجعل التواصل المباشر والاطلاع الميداني والانصات إلى الرأي والشكوى والاقتراح..".. إبراء ذمة من الوزير، وكتب مرة حكمة عجز جهابذة الفيسبوك على فهمها: "كل جمعة وصفحتنا تزداد بالأحبة.."، ثم اختفت تدوينات الوزير، ومات مارك زوكربيرغ من الضحك. أما الصفحة الثانية فأسسها أصدقاؤه، وهي جامدة وباردة تدفعك إلى لعنة "التفاعل".وزراء العدالة والتنمية بالفيسبوك مؤمنون حقا، فهم يستعيذون بالله في كل تدوينة، وينهون عن المنكر ويقيمون الصلاة، وصورهم تحمل نظرات تثير الخوف، فتخشى على نفسك من "لعنتهم".لا تبحث كثيرا في فيسبوك عن الخلفي، وزير الاتصال، فحتما تجده هناك، فهو دائما ينشر جداول منسوخة من كتاب يطالعه في كل برنامج تلفزيوني، حين يتحدث عن إنجازات الحكومة.وفي فيسبوك أيضا نواح وبكاء ورثاء للوزير السابق أوزين، فعشاقه محبطون من اختفائه، بعدما جعل صفحته فضاء ل"النكير" وتسديد الضربات ونشر فيديوهات رقصاته مع أحواش.. وزير يفقده العالم الافتراضي وخسارة كبيرة للعالم، وربما أوزين نفسه غادرنا، في غفلة من المتلصصين، إلى موقع منافس. خالد العطاوي