في كل مرة يتم التعليق، على مشروع قانون المسطرة المدنية الذي صودق عليه، أخيرا، من قبل مجلس النواب، والذي لقي معارضة واسعة في صفوف المهنيين، وعلى رأسهم المحامون، إلا ويخرج عبد اللطيف وهبي، وزير العدل، برد على ما قيل، حتى أضحى يخيل أن الإشكال ليس في النص ولكن في عبقرية الرد والانتقاد بين ذاك الطرف والآخر. من المستحسن أن ينجم عن مشروع قانون معروض للمصادقة ولا يهم فئة معينة وإنما المجتمع برمته، هذا السجال والنقاش، ولكن الأفضل أن يتم ذلك ضمن مناظرة يتم خلالها النقاش بشكل قانوني ومتزن بعيد كل البعد عن البحث عن تسجيل أهداف في مرمى الخصم وكأننا في مباراة، الغاية منها الفوز وليس تحقيق الصالح العام. النص القانوني باعتباره وعاء يضم مجموعة من الأحكام والضوابط التي تنظم سلوك الفرد داخل المجتمع، وإذا ما اختل هذا الوعاء فبالضرورة ستختل الأحكام والضوابط الناجمة عنه، وسيكون لها تأثير سلبي ليس على الفرد، بل على المجتمع برمته، ومن هذا المنطلق لا يمكن أن يتم التشريع بفلسفة "الفاهم"، بل بفلسفة الحوار والبحث عن حلول جذرية لنقاط الخلاف، من خلال حوار بناء، ليس عيبا على وزارة العدل باعتبارها الجهة المشرفة على التشريع، أن تعترف إن ظهر أن هناك خللا ما في المواد التي قدمتها وتطالب بإعادة صياغتها، فكما يقال "الكمال لله وحده"، والبشر خطاء وخير الخطائين التوابون، والتوبة هنا تعني العودة إلى جادة الصواب، كما أنه في حال إذا ما أظهر الحوار أن ما قدمته الوزارة لا يتضمن أي خلل، بل بالعكس هو بمثابة قانون يجمع بين الحماية والتأطير، فالرافضون له عليهم هم أيضا أن يقدموا اعتذارا عما صدر عنهم، وهذه هي قمة النضج الذي يجب أن يصدر عن أشخاص يشكلون قدوة داخل المجتمع، أما غير ذلك فهو العبث. قانون المسطرة المدنية الذي هو موضوع تعديل شبه كلي، يرجع آخر تعديل فيه إلى عشرات السنين، أظهرت خلالها الممارسة اليومية داخل المحاكم وفي المعاملات وجود العديد من الهفوات أو حتى يمكن تسميتها بأخطاء تتطلب مراجعة لها بناء على ما أثبتته الممارسة الفعلية لتلك النصوص، وظلت لسنوات محط انتقاد كبير، وطالبت بتعديلها وفي كل مرة يصل ذلك التعديل إلى الباب المسدود قبل أن يخرج وزير العدل النسخة الحالية التي تشكل مثار نقاش وحتى لا نقع في أخطاء قد تتطلب سنين لإعادة مراجعتها فالأحرى أن تحل الحكمة في التعامل وفي الإصغاء، ولن يغير إضافة أشهر في المناقشة البناءة من شيء، مادام أن الكل يدعي أن المصلحة العامة هي الهاجس. كريمة مصلي للتفاعل مع هذه الزاوية:mayougal@assabah.press.ma