خطوة السحب تعني أنه يمكن التراجع عن مناقشة كل مشروع قانون أودع أو مقترح قانون أحيل على مجلس النواب (2/2) إن صناعة التشريع هي عملية دقيقة، ولا تخلو من صعوبات وتعقيدات، بالنظر إلى تأثيراتها الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، وهي تتم وفق منهجية، وفي إطار من التدرج والشمولية والاستشراف. تحيل صناعة التشريع إلى الإعداد والتحضير، تبعاً لإجراءات معينة، على سبيل تحقيق أهداف والاستجابة لحاجات محدّدة، ترتبط بتنظيم سلوك الأفراد والهيآت داخل المجتمع، مع استحضار الجانب الزجري والإلزامي في هذا الخصوص. بقلم: مراد علوي تأتي خطوة التوزيع، وفيها يوزع مكتب مجلس النواب مشاريع ومقترحات القوانين على النائبات والنواب، سواء على شكل ورقي أو على حامل إلكتروني، تبعا لمضمون المادة 173 من النظام الداخلي لمجلس النواب. وبعد التوزيع تتم خطوة الإحاطة الداخلية، والتي تعني أن رئيس مجلس النواب يحيط علما رئيس مجلس المستشارين بكل مشروع أو مقترح قانون تم وضعه بالإيداع لدى مكتب مجلس النواب (المادة 174 من النظام الداخلي لمجلس النواب)، أو بملاحظة حول مضامين المقترحين (المادة 175 من النظام الداخلي لمجلس النواب) . أما عن خطوة الإحاطة الخارجية، ويقصد بها أن رئيس مجلس النواب يحيط الحكومة علما بكل مقترحات القوانين 10 أيام قبل إحالتها على اللجان الدائمة المختصة، (تبعا لمضمون المادة 176 من النظام الداخلي لمجلس النواب ) . وتأتي بعد ذلك خطوة السحب، ومعناها أنه يمكن التراجع عن مناقشة كل مشروع قانون أودع أو مقترح قانون أحيل على مجلس النواب، وفق حالات محددة (حسب نص المادتين 177 و 178 من النظام الداخلي لمجلس النواب). وأخيرا، تأتي خطوة الإحالة الداخلية، فيها يحيل رئيس مجلس النواب على اللجنة الدائمة المختصة، كل مشروع أو مقترح قانون تم إيداعه لدى مكتب هذا المجلس «مجلس النواب" مع وثائقه ذات الصلة، (طبقا لما نص عليه الفصل 80 من دستور المغرب لسنة 2011، كذلك المادة 179 من النظام الداخلي لمجلس النواب ) . أما عن المرحلة الثانية والمسماة بمرحلة العرض على مكتب اللجنة الدائمة المختصة، تتحدد خطواتها الرئيسية في أربع عمليات هي: البرمجة الموضوعية والزمنية، فالأولى حسب المادة 180 من النظام الداخلي لمجلس النواب يقصد بها البرمجة المتعلقة بدراسة مشاريع ومقترحات القوانين، من جهة، وإعداد التقارير، من جهة أخرى. بينما الثانية (البرمجة الزمنية) تتعلق ببرمجة الوقت المخصص للمناقشة العامة ودراسة المواد ثم إيداع التعديلات والتصويت عليها(حسب المادة 181 من النظام الداخلي لمجلس النواب). ثم مسطرة المناقشة وحسب المادة 182 من النظام الداخلي لمجلس النواب فإنها تمر بدورها من أربعة إجراءات دقيقة جدا، أولها جلسة تقديم النص التشريعي، ثانيها جلسة المناقشات(المناقشة العامة والمناقشة التفصيلية)، ثالثها جلسة التعديلات، ورابعها عملية التصويت. أما عملية الآجال المقررة، فقد حدد النظام الداخلي لمجلس النواب في مادته 183 أجل النظر في النصوص التي تعرض على اللجنة الدائمة المختصة. وفي النهاية تأتي عملية التقارير المنجزة، وحسب المادة 184 من النظام الداخلي لمجلس النواب، فإنها تمر من إجراءين أساسيين هما: إعداد التقارير و توزيع التقارير. بينما المرحلة الثالثة والتي يطلق عليها مرحلة التقديم للمناقشة في الجلسة العامة، تعرف خطوات رئيسية تتحدد في خمس عمليات، نتحدث هنا عن مسطرة المناقشة وبدورها تمر بخمسة إجراءات دقيقة وهي: الاستماع، طلب الدفع بعدم القبول؛ كلمة المشاركين في المناقشة؛ طلب إرجاء البت وطلب إرجاع النص (من المادة 185 إلى المادة 193 من النظام الداخلي لمجلس النواب). ثم عملية التصويت، بالعودة إلى مضمون المادة 193 من النظام الداخلي لمجلس النواب نجد أن هذه العملية تقتضي التصويت على النص بأكمله بعد التصويت على آخر مادة أو آخر مادة إضافية عن طريق التعديل، ثم التصويت على مادة بمثابة نص بأكمله في حال التصويت على نص بمادة فريدة. تليها عملية عرض التعديلات والتي تقتضي تقديم التعديلات؛ معارضة التعديلات والمناقشة والتصويت على هذه التعديلات( كما هو منصوص عليه في المواد 194، 195 و196 من النظام الداخلي لمجلس النواب ) . وبعدها تأتي عملية طلب المناقشة الثانية، و يقتضي إقرار هذا الطلب مايلي : < أن تتقدم بالطلب الحكومة أو اللجنة المعنية أو رئيس فريق أو عشر أعضاء المجلس. < أن يتقدم بالطلب قبل شروع المجلس في التصويت على مجموع مشاريع أو مقترحات القوانين . < إرجاع النص موضوع المناقشة الثانية إلى اللجنة المختصة لإعداد تقرير جديد. وذلك حسب نص المادة 197 من النظام الداخلي لمجلس النواب. وأخيرا، تأتي عملية طلب إعادة القراءة، ولقد نظمت المواد 204، 205 و 206 من النظام الداخلي لمجلس النواب هذه العملية، تطبيقا للفصل 95 من دستور 2011. أما المرحلة الرابعة و التي تسمى بمرحلة طلب المصادقة المختصرة في ندوة الرؤساء، فهي تعرف أربع خطوات رئيسية: بداية بعملية طلب اعتماد أسلوب المصادقة المختصر وقد نظمت المادة 198 من النظام الداخلي لمجلس النواب الشروط التي يكون بها هذا الأسلوب مقبولا. أما عن عملية النشر، التوزيع والإشعار بطلب المصادقة المختصر، فحسب المادة 199 من النظام الداخلي لمجلس النواب، يكون الطلب موضوع : < إعلان ونشر ثم توزيع على النواب. < إشعار الحكومة به . < مناقشة وتوزيع التقرير الخاص به بعد 3 أيام على الأقل من تاريخ الإخبار به . < مخالف للمبادرات المتعلقة بملتمسات الإرجاع إلى اللجنة أو تأجيل البت أو عدم المناقشة. ثم تأتي عملية الاعتراض على أسلوب المصادقة المختصر والذي نظمته كل من المادتين 200 و201 من النظام الداخلي لمجلس النواب. لتأتي بعد ذلك العملية النهائية في هذه المرحلة، هي عملية تتعلق أساسا بمسطرة أسلوب المصادقة المختصرة، إذ تقوم مسطرة مناقشة النصوص المعتمد بخصوصها هذا الأسلوب عناصر حددتها كل من المادتين 202 و203 من النظام الداخلي لمجلس النواب. بعد تحديد هذه المراحل، يتبين أن العملية التي يمر منها سن التشريع (القوانين) ليست سهلة نهائيا، إذ تسلك مسارا تكتنفه عمليات دقيقة ومحددة، تجعل من المؤسسة التشريعية (وتحديدا مجلس النواب) عنصرا جوهريا في صياغة وصناعة التشريع بالمغرب. * باحث في القانون الإداري والمالي - كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية أكدال بالرباط