ما وقع لكنزة، الخادمة، حسب الواقع، والعاملة المنزلية، حسب تعريف القانون، صرخة جديدة، لإعادة النظر في طريقة تطبيق القانون رقم 12/19 لـ 2016، الذي انطلق العمل به في أكتوبر 2018، ويهم الإطار القانوني لتنظيم ظروف العامل المنزلي، حسب اصطلاح القانون نفسه. رغم مرور أزيد من سبع سنوات، بدا أن مصطلح الخادمة مازال مسيطرا، بل أكثر من ذلك، بدت نصوص القانون الصادر بعد دستور 2011، والملائم لقوانين المملكة مع الاتفاقات الدولية، عاجزة عن حماية هذه الفئة من المواطنين، التي تسعى إلى ضمان عيش كريم، عن طريق عرق الجبين. القانون صدر ليقنن هذه المهنة، ويبعدها عن ظروف الاستغلال، إلا أنه رغم كل هذه المدة مازلنا نسمع عن حوادث لحالات شاذة في المجتمع، ضحاياها العمال والعاملات المنزليون. فلسفة المشرع من إحداث هذا القانون، كانت في الأساس، ضمان الحماية الاجتماعية لهذه الفئة العريضة ممن يمتهنون الأشغال المرتبطة بالبيت أو بالأسرة خاصة، والاعتناء بشؤون المنزل أو الأطفال أو المسنين وذوي الاحتياجات الخاصة داخل هذه البيوت والسياقة والبستنة والحراسة. لن نعمم حالة كنزة، على كل العمال المنزليين، بل هي فئة قليلة ممن قادتهم الظروف إلى من لا يرحمون ومن يمنعون الماعون، وهي فئة مشغلين وإن كانت ضئيلة إلا أن ما حدث لكنزة، له وقع كبير، آلم العباد في زمن يجرم الاستعباد. لقد استبدلنا مصطلح الخادمة في القانون واستعملنا بدله عاملة بيت، إلا أننا لم نفلح في إنتاج ظروف جيدة، لاستلهام هذه التسمية الجديدة وتطبيق هذا القانون، وتم إغفال العديد من المبادئ والنقط التي يمكنها أن تسوي بين "المشغل والشغال"، في الحقوق والواجبات. بعيدا عما وقع من تعذيب ومن تسبب فيه، فإن وضعية كنزة، تشير إلى أن هناك العديد من مثيلاتها، ممن لا يتمتعن بحقوقهن التي أقرها المشرع بعد الدستور الجديد، فبالإضافة إلى الأجر الذي يؤدى بطريقة ملتوية وغير مضبوطة، وبتحديدات مزاجية، فإن ما لفت الانتباه هو ساعات العمل، فالقانون حدد مدة العمل في الأشغال المنزلية في 48 ساعة أسبوعيا، ونص على استفادة العامل المنزلي من راحة أسبوعية لا تقل عن 24 ساعة متصلة، يمكن للطرفين تأجيلها وتعويضها في أجل لا يتجاوز ثلاثة أشهر. بينما ظلت كنزة طيلة فترة تقارب سبعة أشهر، ليل نهار، رهينة مزاج المشغل، حبيسة جدران البيت، وتنقلات الأسرة من مدينة إلى أخرى، بل أكثر من ذلك حرمت حتى من صلة الرحم بأقاربها، وناب هاتف المشغلة في التواصل الهاتفي وتحت المراقبة، تماما كما هو حال السجناء، مع مراعاة الفرق بين حقوق السجين والحر. المصطفى صفر للتفاعل مع هذه الزاوية: mayougal@assabah.press.ma