"الفقيه لي نتسناو براكتو، دخل للجامع ببلغتو"، لكن فقيهنا لم يلج الجامع بالنعل، وإنما اقترف جرما أكبر من ذلك، بل مزق وابتلع أوراق انتخابات جزئية. الرواية التي وصلتنا تتحدث عن هيأة مهنية دفعتها الظروف إلى إجراء انتخابات جزئية لشغل منصب ما، وترشح لذلك أربعة أعضاء، وكان يفترض أن يعمد إلى التصويت على اثنين، وبعملية حسابية، فالمفترض أن يكون عدد الأصوات المعبر عنها 28، لكن عبقرية الفقيه الذي كان يساند، حسب الرواية، اثنين من المرشحين، دفعته، بعد ترؤس لجنة الإشراف والفرز، إلى أن يضاعف العدد مستحضرا عبقرية مهندس الانتخابات إدريس البصري، وبقوة قادر أضحى العدد 32، ولولا أن بعض الأعضاء انتبه للأمر، لمر كما مر سابقوه، والتي يحكي البعض أنه كان مهندسها. مع انكشاف الأمر والاحتجاج، لم يجد فقيهنا من حل سوى أن يمزق الأوراق لكي لا تكون شاهدة على ما اقترفه، وفي رواية ثانية ابتلاع بعض منها، وإن كان هذا الأمر بعيدا عن التصديق المنطقي! وكاد الوضع أن يتحول إلى أكبر من ذلك، خاصة أمام تبادل التهم الذي شهده ذلك الاجتماع. صورة ما حدث تعيد إلى الأذهان مسألة حماية الديمقراطية، والنزاهة التي يفترض أن تكون "التيرمومتر" الذي يؤطر عمل الفقيه، الذي طالما تغنى بها في مواجهة خصومه، وتوجيه الاتهامات إليهم بشكل علني، بل على العكس هندس على شاكلة البصري العديد من المؤامرات للإطاحة بخصومه. إنها "التفاهة" يا سادة، التي أضحت تشكل محور التعاملات اليومية حتى في من يفترض فيهم محاربتها وإعطاء القدوة، وهنا نجد العذر للشباب في ما قد يصدر عنهم، لأن من يفترض فيهم القدوة هم من يخرقون القوانين ويقدمون صورا سلبية للمجتمع، بأشياء بعيدة كل البعد عن المهنية، فالداء الخبيث الذي يدعى "حرب المواقع" يجعل المصلحة الشخصية فوق كل اعتبار، ويؤمن المصاب به بمقولة "أنا وبعدي الطوفان"، ولأجل ذلك، يتم تجنيد كل الآليات لأجل الوصول إلى غاية معينة، غالبا ما تكون ضد المصلحة العامة، للهيأة التي ينتمي إليها، وعند اقتراب أي تعديل كيفما كان، وفي أي جهاز كان، تدق طبول الحرب معلنة عن جولة من الجولات التي تسخر لها كل الإمكانات، لأجل الظفر بمواقع معينة في ذاك الجهاز، غايتها ليست حماية الصالح العام بمفهومه الشامل، والبحث عن الشخص المناسب في المكان المناسب، بل إن أسمى ما تصبو له هو حماية مصالحها، في محاولة للسيطرة على مواقع معينة تسخرها لحماية مصالحها. قد ينكر فقيهنا كل ما صدر عنه ويقول هذا كذب وبهتان! كريمة مصلي للتفاعل مع هذه الزاوية:mayougal@assabah.press.ma