هدر الطعام … أكثر من 4 ملايين طن سنويا ترمى في النفايات
ازديادٌ مقلقٌ في هدر الطعام :
كشف تقريرٌ صادرٌ عن برنامج الأمم المتحدة للبيئة (PNUE) عن استمرار تفاقم ظاهرة هدر الطعام في المغرب، حيث وصلت كمية الطعام المُهدرة من قبل الأسر المغربية في عام 2022 إلى أكثر من 4.2 مليون طن. ووفقًا للتقرير، فإنّ هذا الرقم يُمثل 113 كيلوغرامًا من الطعام المُهدر لكلّ فردٍ في المتوسط، بارتفاعٍ ملحوظٍ عن 91 كيلوغرامًا في العام السابق.
آثارٌ وخيمة على البيئة والمجتمع:
يُشير التقرير إلى أنّ هدر الطعام على مستوى العالم يُكلّف أكثر من 1000 مليار دولار سنويًا، أي ما يعادل أكثر من ثلث الإنتاج الغذائي العالمي. كما أنّ هذا الهدر يُستهلك أكثر من ربع الأراضي الزراعية على مستوى العالم. وتُعدّ مطاعم الخدمات الغذائية، بما في ذلك المقاصف والمطاعم، مسؤولة عن 28٪ من هذا الهدر، بينما تُساهم محلات السوبر ماركت وغيرها من متاجر المواد الغذائية بنسبة 12٪.
وبينما يعاني 783 مليون شخصٍ من الجوع، ويواجه ثلث سكان العالم انعدام الأمن الغذائي، فقد أهدرت الأسر في جميع أنحاء العالم أكثر من مليار وجبة طعام يوميًا في عام 2022.
مسؤوليةٌ مشتركةٌ لمكافحة الهدر:
يُؤكّد التقرير على أنّ البلدان ذات المناخ الحار تُنتج المزيد من النفايات الغذائية لكلّ فرد، بينما تبقى مستويات الهدر مُتباينة بشكلٍ مُتواضعٍ بين البلدان ذات مستويات الدخل المُختلفة. ويُحذّر التقرير من أنّ هدر الطعام له آثارٌ مُدمرةٌ على البيئة والسكان، حيث أنّه يُساهم في 8 إلى 10٪ من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري العالمية، أي ما يقارب خمسة أضعاف انبعاثات قطاع الطيران، كما يُساهم في فقدانٍ كبيرٍ للتنوع البيولوجي بسبب استخدام ثلث الأراضي الزراعية على مستوى العالم.
دعوةٌ إلى اتخاذ إجراءاتٍ عاجلة:
تُشدّد إنجر أندرسن، المديرة التنفيذية لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة، على أنّ “هذه ليست مشكلةً إنمائيةً فحسب، بل إنّ عواقب هذا الهدر المُفرط تُؤدّي إلى تكاليفٍ باهظةٍ على المناخ والطبيعة. تكمن الرسالة المُهمة في أنّّه عندما تُعطى الدول الأولوية لهذا الموضوع، يُمكن عكس مسار فقدان الطعام وهدره بشكلٍ كبيرٍ، ممّا يُساهم في تقليل التأثيرات المناخية والخسائر الاقتصادية”
التعاون والشراكات: مفتاح الحلّ:
يُوصي التقرير باتّخاذ إجراءاتٍ على جميع مستويات سلسلة التوريد، من الإنتاج إلى الاستهلاك، لمكافحة هذه المشكلة وتحقيق أهداف التنمية المستدامة، بما في ذلك الهدف الثاني المعنيّ بالأمن الغذائي والزراعة المستدامة، والهدف 12.3 الذي يسعى إلى تقليل النفايات الغذائية إلى النصف بحلول عام 2030. ويُؤكّد التقرير على أهمية الشراكات بين القطاعين العام والخاص كنهجٍ فعّالٍ لخفض هدر الطعام. وتشمل هذه الشراكات إبرام اتفاقياتٍ تعاونيةٍ لاتّخاذ خطواتٍ ملموسةٍ لمكافحة الهدر في مختلف مراحل السلسلة الغذائية، وإشراك جميع أصحاب المصلحة، من الإنتاج إلى التوزيع.
ضرورةٌ ملحّةٌ لِمُستقبلٍ مُستدام:
إنّ التصدي لظاهرة هدر الطعام مسؤوليةٌ مشتركةٌ تقع على عاتق الحكومات والمؤسسات والقطاع الخاص والأفراد. من خلال العمل معًا وتضافر الجهود، يمكننا الحدّ من هذه الظاهرة المُقلقة، وحماية مواردنا الطبيعية، وضمان مستقبلٍ مُستدامٍ للأجيال القادمة.