لا تقتصر على غير النظاميين بل تشمل بصورة أكبر المتعلمين يستقبل سوق الشغل المغربي سنويا مئات الآلاف من الشباب، غير أنه لا يستطيع استيعاب كل الوافدين، ما يجعل كثيرين يفكرون في الهجرة، إذ لم يعد الأمر مقتصرا فقط على المهاجرين غير الشرعيين، غير المؤهلين مهنيا ومعرفيا، بل إن الأمر يشمل بشكل أكبر المتعلمين. ورصدت مجموعة من التقارير هذه الظاهرة، التي يعتبرها البعض استنزافا للسوق المغربية من الطاقات الشابة والمبدعة، التي تخدم دولا أوربية على وجه التحديد، عوض وطنها الأصلي من جهة، لكن تحويلاتهم المالية التي تزود الخزينة سنويا بملايير الدراهم من العملة الصعبة، تجعلهم ضرورة للمملكة، من جهة أخرى. ورصد تقرير حديث للباروميتر العربي، خصصه للمغرب، استمرار الرغبة الجامحة لدى الشباب المغاربة في مغادرة الوطن نحو الدول الغربية، لأسباب مختلفة، التي يعتبر الاقتصاد أبرزها. وأشار التقرير إلى أنه في الوقت الراهن يفكر ثلث المغاربة في الهجرة، مبرزا أن الفئة التي تقبل على الهجرة أكثر هي الشباب، إذ أن أكثر من نصف المغاربة (55 بالمائة) من الشريحة العمرية ما بين 18 عاما إلى 29 يفكرون في الهجرة، بينما تبلغ نسبة أقرانهم الأكبر سنا (ما فوق 30 عاما) الربع فقط (24 بالمائة)، كما يقبل الرجال على فكرة الهجرة أكثر من النساء بهامش 20 نقطة (45 بالمائة مقابل 25 بالمائة)، ويفكر 4 من كل 10 أشخاص لا يقدرون على تغطية نفقاتهم في الهجرة، مقابل 29 بالمائة فقط من أصحاب الأوضاع المادية المستقرة، بينما خريجو الجامعات يقبلون أكثر على فكرة الهجرة، مقارنة بالأقل تعليما، بهامش 9 نقاط مئوية. ذكرت أعداد كبيرة من المغاربة العوامل الاقتصادية باعتبارها سببا رئيسيا للهجرة (45 بالمائة)، في حين ذكر أقل من الخمس الفرص التعليمية (18 بالمائة)، والفساد (15 بالمائة)، وأسباب سياسية (13 بالمائة)، في حين ذكر 1 من كل 10 أشخاص (11 بالمائة) الرغبة في الهجرة من أجل لم شمل الأسرة. وأوضح التقرير أن المواطنين من مستويات اجتماعية اقتصادية أقل، هم أكثر من ذكروا الأسباب الاقتصادية (56 بالمائة مقابل 28 بالمائة بحسب الدخل، و50 بالمائة مقابل 34 بالمائة حسب مستوى التعليم). ورصد التقرير إقبال المتعلمين جامعيا ثلاث مرات أكثر على التفكير في الهجرة لملاحقة الفرص التعليمية، مقارنة بالحاصلين على التعليم الثانوي، وبالنسبة للراغبين في الهجرة، فإن الغرب هو المقصد المفضل بوضوح. عصام الناصيري