عددهم يصل إلى مليون ونصف مليون شخص والحكومة لا تتوفر على وصفة لإنقاذهم عادت إلى واجهة النقاش في الأيام الأخيرة، وضعية مليون ونصف مليون شاب مغربي لا يوجدون في المدارس ولا يشتغلون ولا يتابعون أي تكوين، والذين تطلق عليهم عبارة "NEET"، فرغم أن الرقم متداول منذ فترة، إلا أن الحسابات السياسية جعلته يطفو إلى السطح مرة أخرى. وفي الوقت الذي يتم فيه استعمال هذه الفئة في المزايدات السياسية بين الحكومة وبعض المؤسسات، ليس هناك تصور واضح لدى الحكومة لانتشال هذه الفئة من وضعيتهم الصعبة، والتي تجعلهم أقرب إلى أن يكونوا مواطنين سلبيين، ويمكن أن يشكلوا عالة أو خطرا في بعض الأحيان. وليس المغرب البلد الوحيد الذي يواجه هذه المعضلة، إذ أن مختلف الدول تعانيها بنسب متفاوتة، وتواجه الحكومات صعوبة كبيرة في انتشالهم من وضعيتهم، خاصة أنهم ينقطعون عن الدراسة، ويألفون روتينا جديدا يتحررون فيه من جميع المسؤوليات، سواء الدراسية أو المهنية، ما يحولهم إلى عالة على أسرهم والدولة. ويعتبر جزء من هذه الفئة سببا في مجموعة من الظواهر السلبية التي يعانيها المغرب، سواء تعلق الأمر باستهلاك المخدرات، أو الجريمة بمختلف أنواعها، أو شغب الملاعب، أو الهجرة السرية، وغيرها من الظواهر السلبية، إذ أن الفراغ الذي يعيشونه، يجعلهم ينخرطون في أعمال غير قانونية أحيانا، من أجل كسب المال. وما يزال النزيف متواصلا، إذ أن هذه الفئة تغذى سنويا بأزيد من 300 ألف شاب يغادرون المدرسة، إذ أن جزءا منهم لا ينتقل إلى سوق الشغل أو التكوين المهني، الأمر الذي يجعل القضاء على هذه الظاهرة صعب. وهناك مسؤوليات مشتركة في ما وصلت إليه هذه الفئة من الشباب، خاصة أن سوق الشغل غير قادر على استيعاب عددهم الكبير، سواء الحاصلين منهم على شهادات، أو الذين انقطعوا عن الدراسة مبكرا، إذ أن فرص الشغل المتاحة سنويا تقل بشكل كبير عن عدد الشباب، الذين يوجدون في وضعية عطالة. ولا يمكن للدولة والشركات الخاصة توفير العدد الهائل من فرص الشغل، التي تضاهي عدد هذه الفئة سنويا، إنما على الراغبين منهم في تغيير وضعيتهم، ابتكار مهن جديدة، وإحداث مقاولات صغيرة، وتثمين مختلف الأنشطة، التي يمكن أن تدر عليهم المال، وتملأ الفراغ الذي يعيشونه. عصام الناصيري