لقجع: لا أهتم بما يقال بل بالمؤسسات

رئيس الجامعة نفى تدخلاته في تعيين الحكام وحدد سقف طموحات الكرة المغربية في مونديال 2030 قال فوزي لقجع، رئيس الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، إنه لم يتدخل يوما ما في تعيين الحكام لخدمة مصالح الأندية المغربية، أو المنتخبات الوطنية. وأضاف لقجع في حوار مع قناة «أون تايم سبور» المصرية، أنه لو كان يتدخل في ذلك لفاز المنتخب الوطني في بطولة كأس إفريقيا بكوت ديفوار، وأيضا لتوج نهضة بركان بلقب البطولة. وأضاف لقجع أن الوضع المالي ل»كاف» حاليا في تحسن نسبيا، إلا أنه يبقى غير كاف لمواكبة التطورات التي تحتاجها القارة الإفريقية، لتتجاوز الفوارق الكبيرة، مشيرا إلى أنه يشتغل على هذا البرنامج منذ فترة طويلة. وأوضح لقجع العديد من القضايا المرتبطة بعلاقته بالاتحاد المصري ونادي الأهلي، كما تحدث عن مشاركة المنتخب الوطني في مونديال قطر وتحدياته المستقبلية، فضلا عن التطرق إلى أسباب إقالة المدرب وحيد خاليلوزيتش وتعيين الركراكي بدله. في ما يلي نص الحوار: لماذا صورتكم في مصر سلبية بمعنى أن قراراتكم دائما تكون ضد منتخبها وأنديتها؟ صراحة لم يكن لدي هذا الانطباع إطلاقا، حين أزور مصر لحضور الاجتماعات، المنعقدة في مصر، أشعر كباقي المغاربة، كما لو أنني في بلدي الثاني، فعلاقتي مع المسؤولين المصريين ظلت طيبة وأخوية، كما أن علاقتي بالاتحاد المصري بصفتي رئيسا للجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، سواء مع هاني أبوريدة سابقا، أو الرئيس الحالي جمال علام كانت دائما متينة، أكثر منها علاقة تنسيق كروية، بل تجاوزت ذلك لتصبح أخوية. معذرة، لكن بعض المواقف جعلت الجمهور المصري يشعر عكس ذلك، أبرزها ما وقع في مباراة الوداد والأهلي، وما حدث فيها من لغط... دعني أرجع بك شيئا ما إلى الوراء، حين كان المكتب التنفيذي يدرس تأجيل كأس أمم أفريقيا 2019 بالكاميرون، كنت أول الداعمين لمصر، وطلبت من الصديق هاني أبوريدة آنذاك أحقية بلدكم في تنظيم هذا الحدث الكروي، بالنظر إلى قدرتكم على كسب التحدي. هل أنتم من طالبتم بذلك؟ طبعا، حين راج احتمال إسناد مهمة تنظيم هذا الحدث للمغرب، وبعد الإعلان عن قرار التأجيل طلبت من أخي هاني أبو ريدة رئيس الاتحاد المصري آنذاك مباشرة بتقديم ترشح مصر لاستضافة البطولة الأفريقية، وقلت له إن المغرب سيكون أول الداعمين للملف المصري، وهكذا كان فعلا، بعدما أقر المكتب التنفيذي لكرة القدم "كاف" فوز مصر بشرف تنظيم نسخة 2019 لكأس أمم إفريقيا، وشكل الحدث مناسبة للاحتفاء مع أشقائنا المصريين آنذاك. وأكثر من ذلك كنا من المساهمين في إنجاح تلك التظاهرة الرياضية، إلى جانب الاتحاد المصري، والتاريخ سيحتفظ، كما كانت قناعتنا، أن بطولة كأس أمم أفريقيا بمصر سنة 2019 كانت من أنجح البطولات الإفريقية. أما بالرجوع إلى سؤالك السابق حول ما حدث في مباراة الأهلي والوداد، فإن علاقتي جيدة مع محمود الخطيب إلى الآن، وسبق أن زرت بعثة الأهلي في طنجة، على هامش مشاركته في مونديال الأندية، وقدمنا للفريق كل ما يحتاجه. لكن دار نقاش بينك وبينه في منصة التتويج... أنا أتحدث عن مونديال الأندية، وليس عن مباراة الوداد الرياضي في نهائي دوري أبطال إفريقيا، التي سأعود إليها بدون "لف أو دوران" (يضحك)، وحتى أكون صريحا معك، فعلاقتي مع محمود الخطيب رئيس الأهلي المصري جيدة تجسدت في هذه العناية والزيارة الخاصة، حتى أنني كنت من الأشخاص، الذين دافعوا عن ترؤسه جمعية الأندية الإفريقية، إيمانا مني بمكانته وتاريخه الرياضي، الذي يجعل منه شخصية تسييرية في جميع المجالات، وقناعة مني بمساهمة الأهلي المصري في بناء صرح المنافسات الإفريقية، ولا أحد ينكر تميزه في ذلك، لهذا أرى نفسي الأقرب إلى هذا النادي العريق. هذا ما نلاحظه حين يحل الأهلي بالمغرب؟ عندما قرر المكتب التنفيذي ل"كاف" إقامة نهائي دوري أبطال إفريقيا في مباراة واحدة، فتح آنذاك باب الترشيحات، إذ تقدم المغرب والسنغال بملفي ترشحهما، قبل معرفة الفريقين المتأهلين للنهائي، فيما الاتحاد المصري برئاسة جمال علام لم يقدم ترشحه لاستضافة النهائي، ربما لظروف خاصة، فلجأت "كاف" إلى التصويت، ووقع الاختيار على مدينة البيضاء، لاحتضان النهائي. إذن كيف لرئيس اتحاد، أولا، أن يتدخل في شؤون الاتحاد المصري، ويطلب منه التقدم لتنظيم المباراة النهائية، لأنه قد يكون الأهلي المصري طرفا فيها، وثانيا كيف لرئيس اتحاد بعد لجوء المكتب التنفيذي إلى التصويت، وبعد فوز البيضاء، أقول لجماهير الوداد الرياضي بعد التأهل إلى النهائي، دعكم من القرار السابق والتخلي عن تنظيم المباراة لصالح دولة أخرى، هذا غير مقبول سيدي. كما لا يجب على الجماهير المصرية الشقيقة أن تنسى أنه نظم نهائي نسخة 2021 لدوري أبطال إفريقيا في البيضاء في عز أزمة نفشي فيروس كورونا المستجد، وتوج الأهلي باللقب، إذ تجندت السلطات المغربية لذلك الحدث الكروي البارز، وكنا أول من هنأ بعثة الفريق المصري بذلك الإنجاز الكبير، وأظن أن الأهلي لا يحتاج إلى ملعب، كي يثبت ذاته وقوته الإفريقية. من هي الشخصيات الرياضية المصرية التي تحتفظ بعلاقات قوية معها؟ هناك مجموعة من الرياضيين القدامى، الذين أتيحت لي الفرصة للعب معهم مباريات استعراضية في كرة القدم، مثل وائل جمعة، والحارس عصام الحضري وآخرين، كما أن علاقتي متميزة مع هاني أبو ريدة، ومازالت مستمرة إلى الآن، وتجاوزت الرياضة إلى أن أضحت أخوية في مختلف المواقع، سواء في الاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا"، أو داخل "كاف"، ولم يحدث أن راودت ذهني أو ذهن أي مسؤول رياضي مغربي آخر الإساءة إلى أحد الأندية المصرية، أو حتى يفكر في ذلك، لسبب بسيط أن التاريخ الذي يجمعنا أكثر بكثير من هذه اللحظات الكروية. كيف تنظر إلى المنافسة القوية بين الكرتين المصرية والمغربية على مستوى المنتخبات والأندية؟ أرى أن مسار كرة القدم، مثل مسارات في مجالات متعددة، بمعنى أن طبيعة المنافس غالبا ما تصنع التميز والتطور، وبدون منافسة قوية لن يكون هناك أي تحسن وارتقاء في المستوى. وأظن أن مصر والمغرب لعبا دورا رياديا في المنافسات الإفريقية، كما أن مباريات دول شمال إفريقيا تكون متميزة بحضورها الجماهيري، ومتابعتها الإعلامية، وكذلك بمستواها الفني، وامتدت هذه المنافسة لتشمل المنتخبات، ولم تخل أي مباراة بين المنتخبين المغربي والمصري من هذا الاهتمام الكبير منذ زمن بعيد، حتى وأنا طفل متابع لكرة القدم، وما أظن أن مبارياتهما لم تطبعها الروح الرياضية العالية، بل كانت العلاقة الأخوية حاضرة بين الأجيال، وهو ما تجسد أيضا، عبر إجراء عدد من المباريات مع قدماء اللاعبين المصريين في مركز محمد السادس لكرة القدم. لمناسبة هذا المركز (مركز محمد السادس) أريد أن أهنئك على هذا الصرح الرائع... حتى أضعك في الصورة أكثر، فإن هذا الصرح، إلى جانب البنيات التحتية الرياضية الأخرى يدخل في إطار تصور إستراتيجي يقوده جلالة الملك في مسار تنموي شامل. كما لاحظتم أثناء زيارتكم لعدد من المدن المغربية، فإن هذه التنمية تشمل مختلف التراب الوطني، وكان لا بد أن تكون كرة القدم ضمن هذا التصور الإستراتيجي، والأكيد أن هذه التحفة تجعل المغرب يتوفر على أحد المراكز الأحسن في العالم، إن لم يكن الأفضل على الإطلاق. في سؤال مباشر وصريح، هل فعلا تتدخل في تعيين الحكام للأندية المغربية والمنتخب المغربي؟ منذ سبع أو ثماني سنوات وأنا رئيس للجامعة لم أتدخل قط في تعيين الحكام، ولو فعلت ذلك، لفاز فريقي نهضة بركان بلقب الدوري المحلي مرة واحدة على الأقل، إذ أن هذا النادي الذي أنتمي إليه لم يفز بلقب البطولة إلى الآن. (مقاطعا) أقصد على المستوى الإفريقي... طبعا ارتأيت التحدث بشكل عام، لأن التدخل في الحكام ثقافة، ولو كانت لدي هذه السلطة المطلقة في تعيين الحكام لتوج المنتخب المغربي بلقب كأس أمم أفريقيا، والذي لم نفز به منذ 1976، حين كان عمري ست سنوات فقط، وإذا كان بإمكاني التدخل في تعيين الحكام في هذا السن المبكر، فهذا نقاش آخر. لماذا أنتم مستهدفون إذن بمثل هذا الكلام؟ شخصيا أترك كل ما يتردد أو يقال جانبا، فأنا أفضل التحدث عبر المؤسسات. حتى ولو بغرض الدفاع عن نفسك؟ أفضل التحدث داخل المؤسسات وقراراتها الرسمية، ولم يسبق لي إطلاقا التحدث مع أي حكم إفريقي، ففي مباراة نهضة بركان ضد أبو سليم الليبي، التي قادها الحكم المصري محمود معروف، فهل تدخلنا في قراراته؟، علما أن الأشقاء الليبيين اتهمونا بذلك للأسف، وهذا رأيهم على كل حال، لكن الواقع شيء آخر. أظن أن الإشكال الحقيقي حاليا هو كيفية أن نفكر جماعيا في تطوير مستوى حكامنا. وبالمناسبة أهنئ الاتحادين المصري والمغربي على اعتماد تقنية الحكم المساعد في الملاعب، وهما الوحيدان، اللذان كانا سباقين إلى ذلك. لم يسبق لي التدخل في التحكيم إطلاقا، علما أنه ارتكبت في حقنا أخطاء في نهائيات كأس العالم بقطر 2022، لكن إيمانا منا بقواعد كرة القدم، ولأن الخطأ وارد، بما أن الحكم بشر، يمكنه أن يخطئ، تقبلنا الأمر بصدر رحب. ولو ألفنا التدخل في قرارات الحكام لما أقصينا تواليا من أدوار متقدمة في كأس أمم إفريقيا، وباندهاش كبير من قبل مختلف المتتبعين الرياضيين. طبعا، أدافع عن نفسي كلما أتيحت لي الفرصة لتوضيح الأمر، لكن لكل واحد منا طريقته في تدبير الأمور، فأنا أخصص جزءا كبيرا من وقتي للعمل، لهذا اعتبر المشاركة والحضور والمساهمة في تطوير كرة القدم، أفضل رد بالنسبة إلي. أما بخصوص القرارات التحكيمية، فهل كان هناك مسؤول مغربي في لجنة التحكيم حين كان الراحل سعيد بلقولة يحظى باعتراف "فيفا"، وقاد نهائي كأس العالم بفرنسا 1998، علما أنه رغم ذلك لم ينل التقدير والاعتراف نفسه على المستوى القاري. عندما نريد أن نتحدث عن الجانب المالي لمؤسسة معينة و"كاف" على سبيل المثال، فيمكن اعتبار الحصيلة المالية نتيجة ما تقوم به هذه المؤسسة، إذا كان الهدف هو تحسين الوضعية المالية، وهو هدفنا بالمناسبة، فلا بد من تحسين مردودنا ومنتوجنا، من أجل تطوير كرة القدم الإفريقية، التي تحتاج إلى تطور شامل، عبر تعزيزات البنيات التحتية الرياضية. ونعلم جيدا أننا نخسر الكثير من حيث تسويق الكرة بالقارة السمراء، وأيضا من حيث مواهبها التي تهاجر مبكرا إلى أوربا، بمعنى أن الأندية الإفريقية تخسر الكثير من حيث قيمتها المضافة، التي يحققها لاعبوها في سوق كرة القدم، وبالتالي لا بد من تعزيز البنيات التحتية، سواء لإجراء المنافسات الرسمية بالنسبة إلى المنتخبات والأندية في دوري الأبطال، أو البنيات التحتية المرتبطة بالتكوين، إذ يعد الأمر أساسيا، وهذا هو البرنامج، الذي طرحه عبد ربه منذ أكثر من سبع سنوات على طاولة المكتب التنفيذي ل"كاف"، في الوقت الذي كنا نتحدث فيه عن الآراء المجانبة للصواب. لقد اشتغلت شخصيا في تحضير هذا البرنامج الشامل بهيكلته المالية من خلال اتصالاتي بمعظم المؤسسات التي قبلت إنجازه، وهو جاهز كي نحصل على مليار دولار من أجل استثمارها بشكل مستعجل داخل القارة الإفريقية، خصوصا البلدان التي تعاني نقصا في بنياتها التحتية الرياضية، حتى نوفر لكل المنتخبات والأندية أن تمارس في ظروف مريحة تمكن من تسويق المنتوج أولا، والاحتفاظ ثانيا بمواهبها من أجل أخذ جزء من قيمتها المضافة. وأظن أن مشروع الحصول على مليار دولار وجزء من التمويل الذي يقدمه "فيفا" لمدة 30 سنة موجود حاليا على الطاولة ينتظر الإنجاز. في نظري الخاص ويشاطرني في ذلك الأخ والمهندس هاني أبوريدة، أن "كاف" عرفت استقرارا لمدة 29 سنة، على عهد الكاميروني عيسى حياتو، إلى درجة أن منظومتها لم تفرز القدرة على مواكبة التطورات التي كانت تحدث عالميا على مستوى تطوير كرة القدم، وبالتالي كان لا بد من التغيير الذي لم يتمكن من إعطاء الاستقرار الحقيقي لمسار جديد، فجاءت انتخابات 2021، التي كادت تحدث انقسامات بنيوية وهيكلية داخل القارة الإفريقية كرويا، بعدما وجدنا أنفسنا أمام خمسة مرشحين لرئاسة "كاف"، وهذا ما تطلب القيام ببعض المجهودات من قبل بعض الرؤساء في مقدمتهم هاني أبو ريدة بتجربته وحنكته من أجل توحيد الصفوف وبالتالي تجنب الانقسامات الداخلية، فكان لا بد من قاسم مشترك يوحدنا لتدبير المرحلة المقبلة. أعتقد أن الوضع المالي تحسن نسبيا، إذ انتقلنا من بطولة إفريقية التي نظمت في الكاميرون من ناتج خام يصل إلى 5 ملايين دولار، إلى أكثر من 70 مليونا في نسخة كوت ديفوار 2023، إلا أنه يبقى غير كاف لمواكبة التطورات التي تحتاجها القارة الأفريقية، لتجاوز الفوارق الكبيرة، التي أضحت واقعا مقارنة بالقارات الأخرى، وهي تحديات مطروحة على "كاف" في الوقت الراهن. بكل صدق، ومواقفي لا أعبر عنها خلال المناسبات، فالكنفدرالية الإفريقية ملزمة بإعادة النظر شموليا وكليا في جميع مسابقاتها القارية، التي تشرف على تنظيمها، وهذا رأيي الخاص أعبر عنه في معظم اجتماعات "كاف". ينبغي أن ننظم كل سنة مسابقات المنتخبات لأقل من 17 سنة بالنسبة إلى الذكور والإناث، لأننا في حاجة إلى مثل هذه الفئات في كأس العالم، وفي كأس إفريقيا لكرة القدم داخل القاعة، الآن نحن مقبلون سنة 2026 على كأس العالم للفوتسال النسوية، فبالتالي لا بد لنا من البحث عمن سيمثل القارة الإفريقية في هذه التظاهرة، وكذلك بطولة أفريقيا للمحليين وهل القارة الإفريقية محتاجة إليها بمردودية ماليتها السلبية، أم يفرض تطويرها أكثر، أو ينبغي إلغاؤها. وحتى نكون واضحين أكثر، علينا أن نفرق بين مستويين في البطولات القارية، هناك كأس إفريقيا وبطولات الأندية، وهي مربحة ومنتجة، وهناك منافسات التطوير لكرة القدم، التي ينبغي أن تكون بأقل تكلفة، سواء بالنسبة إلى "كاف"، أو البلدان المنظمة لها. أما بطولات كأس إفريقيا والأندية، فتجب مراجعتها كليا، حتى تنضاف أرباحها بثلاثة أضعاف لتتمكن "كاف" من استثمارها في تطوير كرة القدم الإفريقية. المسألة لا تتعلق كوني راضيا، أو عكس ذلك، بل طموحي أكبر من الواقع الحالي، فأنا أشعر أن البلدان الإفريقية أو منتخباتها لا تستفيد من القيمة السوقية للاعبين، مثل أشرف حكيمي وساديو ماني ومحمد صلاح وغيرهم، التي تتجاوز المئات من ملايين الدولارات. أحزن كثيرا عندما تتقاسم هذه القيمة السوقية الأندية الأوربية، ونجد المواهب الإفريقية تنشط الدوريات الأوربية الكبرى، لكن الشعوب الإفريقية تضطر إلى شراء حقوق البث التلفزيوني لتتبع مواهبها، فهذا هو الطموح الذي أهدف إليه شخصيا وتتقاسمه معي مجموعة من الإخوان بالمكتب التنفيذي ل"كاف». أعتقد أن الحضور العربي وازن وكبير في الساحة الكروية، من خلال تنظيم الملتقيات الدولية، مثل كأس العالم 2030 بالمغرب، و2034 بالسعودية، والتنظيم المشرف للمونديال بقطر 2022، بمعنى أننا نجد حضورا وازنا للقيادات العربية، أو من الأصول العربية في مجال تدبير كرة القدم. أظن أن القارة الإفريقية و"كاف" تحتاجان إلى مجموعة من الثوابت لتطوير عملهما، وأن تبقيا موحدتين بين مكوناتهما، لأن التفرقة ستزيد من هشاشتهما، والأمر الثاني أن الحضور كان دائما فعالا من خلال تولي شخصيات مناصب في الكنفدرالية الإفريقية، التي يوجد مقرها في مصر. أعتقد أن "كاف" تحتاج إلى تصور جديد ومتجدد، من أجل التطور كرويا، لأن الفوارق بدأت تتسع وستصبح أكثر اتساعا بين القارة الإفريقية وباقي القارات، إذا لم نتداركها. (مقاطعا)، إنه طموح كباقي مليار إفريقي موجود في هذه القارة، إن خرجت من هذا المركز ستلتقي شبابا سيقولون لك إنهم يطمحون لأن يفوز فريق عربي وإفريقي بكأس العالم، وسيرددون أنهم يريدون أن تضاهي بطولاتهم الإفريقية باقي البطولات الأوربية والعالمية، كما سيعبرون عن رغبتهم في ممارسة كرة القدم في ظروف أفضل وبنيات تحتية جيدة لممارسة كرة القدم. أعتقد أنه قبل الحديث الطموح يجب أن نراجع مساري في كرة القدم، التي تربطني بها علاقة حب وشغف، وساعدني منصبي الإداري في ضخ جرعة من التدبير المالي والإداري في تسيير شؤون كرة القدم. كنت دائما أشارك في جميع المجالات في بلورة طموحاتي المشتركة لـ 300 مليون شاب إفريقي على أرض الواقع. سأظل دائما في هذا المسار، والغيب لا يعلمه إلا الله. لم أتنافس مع الأخ أبو ريدة في أي موقع، لأنه أخي، وصداقتنا تتجاوز كل هذه الاعتبارات. في مثل هذه الاختيارات لا يقتصر الأمر على مجال كرة القدم، بمعنى أن المغرب كان دائما عبر التاريخ، كما مصر أيضا، منفتحا على العالم، فأطباؤنا ومهندسونا يشتغلون في الخارج، ولم لا يكون كذلك بالنسبة إلى اللاعبين، كما أنه بقدر ما يحترف لاعبون في دوريات أوربية وعربية، يوجد في بطولاتنا المئات من المحترفين الأفارقة، وسنكون سعداء باستقبال أي لاعب مصري، فهو مرحب به، حين تحصل الموافقة بين الجانبين. أظن أن الأساس هو أن اللاعبين المغاربة الذين يلعبون في مصر احتفظوا بذكريات رائعة عن بلدكم الشقيق، كما أن الجماهير المصرية أحبتهم كثيرا. الماضي يجمعنا والحاضر يوحدنا والمستقبل طموحنا. الأمر يتعلق باحتراف وسوق، وقلت لك إن انفتاح المغرب خيار تاريخي وإستراتيجي في كل المجالات. والهدف هو تطوير البطولة الوطنية حتى تكون طرفا مشاركا في المنافسات القارية والدولية، التي تمكن من تطوير المسابقات الإفريقية. (مقاطعا)، كما لو تريد أن تطرح السؤال التالي: أليس ريال مدريد وبرشلونة قطبي الكرة الإسبانية؟ دائما هناك أقطاب وأهرام كروية تاريخيا مثل الوداد والرجاء الرجاء الرياضي ومعهما الجيش الملكي، والمغرب الفاسي ومولودية وجدة، وهذا لا يمنع الفرق التي تسمى الصغيرة، من تطوير مستواها وعملها والاقتراب أكثر وصنع الأمجاد التي تجعل منها هرما أيضا. أما فريق نهضة بركان، الذي تحدثت عنه، فنجح في ظرف وجيز في الفوز بكأس "كاف" والسوبر الإفريقي، وكأس العرش أكثر من مرة. علاقتي بفريق نهضة بركان مثل 6 ملايير شخص، المرتبطين بمدنهم، التي ولدوا وترعرعوا فيها، إنها علاقة تتجاوز الجانب الكروي للجانب الإنساني والتاريخي، إذ لعبت في الفئات العمرية لهذا النادي، وبالتالي هي علاقة حب ونشأة ويعيش والدي في هذه المدينة وأزورها باستمرار، لأنني أجد هويتها بنادي نهضة بركان. وأتمنى له مسارا ناجحا، كما جميع الأندية المغربية. تعاملي مع الفرق المغربية على المستوى المؤسساتي وعلاقتي بالأحداث الكروية كانت دائما على قدم المساواة، وآخر فريق استقبلناه في هذا المركز، هو الرجاء الرياضي قبل نهائي كأس البطولة العربية، وكنت من المساهمين في بلورة المشروع الملكي في بناء مركزه، وهو مفخرة بالنسبة إليه. الوداد والرجاء غير محتاجين لمساندة رئيس الجامعة، فتاريخهما وقاعدتهما الجماهيرية أغنى بكثير مما يقدمه لهما عبد ربه. لم نختار قط التركيز في عملنا على منتخب كرة القدم، بقدر ما كان هدفنا تطوير الممارسة الكروية بشكل أفقي في جميع مناحيها، وعندما نريد تقييم هذه الحصيلة ينبغي فعل ذلك في شموليتها، فالمغرب قدم أربعة منتخبات لكأس العالم في سنة واحدة، ويتعلق الأمر بالمنتخب الأول للذكور والسيدات ومنتخب أقل من 17 سنة للسيدات، وكذلك المنتخب الوطني داخل القاعة، وبالتالي لن نركز على المنتخب الأول، بما أننا نعتبر أن التطوير عمل مستمر ودائم والله تعالى سيجازي أصحاب النيات الحسنة بأفضل النتائج، وحين نضيف كذلك مشاركة الأندية المغربية في المسابقات الإفريقية، التي تطورت إلى حد أن خاض فريقان مغربيان نهائي السوبر الإفريقي، وجمع الوداد الرياضي بنهضة بركان. أعتقد أن عودة الأندية إلى المنافسات الأفريقية بشكل مستمر والفوز بها أمر طبيعي جدا، وما كان يزعجني المدة الطويلة التي استغرقناها للمشاركة في التظاهرات القارية والعالمية، كما حدث للمنتخب الوطني الذي غاب عن المونديال ل20 سنة، قبل أن يشارك في نسخة روسيا 2018، لكن الابتعاد عن ذلك هو أساس تطور كرة القدم، وعامل أساسي في النتائج. لم يكن من السهل بعد مونديال 2022 العودة إلى أرض الواقع بسرعة والدخول في أجواء المنافسة الإفريقية، التي يتفق الجميع أنها مختلفة، لأنها لديها خصوصيتها التقنية والبدنية، وظروف إقاماتها، وبالتالي الدخول ذهنيا في مثل هذه المنافسات، حتى أنني طلبت شخصيا مساعدة هاني أبو ريدة في هذا المجال، لأنه الرئيس الوحيد الذي فاز بثلاثة كؤوس متتالية مع المنتخب المصري. أعتقد أن الأهم هو الاستثمار الحقيقي في مواهب المنتخب الوطني على جميع المستويات. فجميع المنتخبات الوطنية تشتغل بشكل مستمر، ونجحنا في تطوير كرة القدم النسوية بشكل سريع، كما أن تأسف الجماهير على عدم تأهل الوداد الرياضي لدور المجموعات لدوري الأبطال يعكس المكانة والرغبة والطموح الذي أصبح قاعدة وحدا أدنى، لأننا نعتبر أن المنافسة على الألقاب مسألة طبيعية، وأكثر من ذلك يتجاوز طموحنا إلى الفوز بالألقاب العالمية، وما الإنجاز التاريخي للمنتخب الوطني في كأس العالم بقطر، إلا كسر لحاجز بسيكولوجي اعترض المنتخبات الإفريقية والعربية لفترة طويلة، حتى يفوز منتخب عربي وإفريقي بكأس العالم، وسنكون سعداء عندما نحتفل على الأراضي المغربية. أعتقد أن معظم المنتخبات العربية مرشحة للتتويج، خصوصا تلك التي لديها تقاليد وأعراف كأس العالم، وإضافة إلى النتيجة الرياضية للمنتخب الوطني في كأس العالم بقطر كان هناك تكسير لحاجز نفساني لازمنا لعدة سنوات، إلى حد يجعلنا نتأسف للخسارة أمام فرنسا في النصف نهائي. أظن أن جميع المباريات أبكت المغاربة في المونديال وكذلك الأفارقة والعرب، وتبقى مباراة إسبانيا ولجوء المنتخب الوطني إلى الضربات الترجيحية لحسم التأهل واستئساد الحارس ياسين بونو وحرمانه المنتخب الإسباني، الذي يملك لاعبين من المستوى العالي من ضربة ترجيحية واحدة. إنها ثقافة كسر الحواجز البسيكولوجية وهذا ما يجعلنا نرفع من سقف طموحاتنا. عندما يتحمل المسؤول مسؤوليته، يكون مجبرا على اتخاذ قرارات صعبة في كل المجالات، فهو الذي يجسد معنى أن تكون مسؤولا. من خلال متابعتي لأجواء المنتخب الوطني داخل مركز محمد السادس لاحظت أنها لم تكن سليمة قبل كأس العالم بثلاثة أشهر، وبالتالي كان لا بد من اتخاذ قرار جريء. وقع الاختيار على المدرب وليد الركراكي، بعدما اقتنعنا أنه الشخص، الذي كان يتوفر فيه ما كان ينقص المنتخب الوطني، من خلال خلق أجواء ملائمة وإخراج أكثر الأشياء إيجابية من اللاعبين، كما نجح في تدبير الأمور السلبية. أعتقد أن إنهاء العلاقة مع المدرب خاليلوزيتش كانت بسبب مجموعة من الأجواء، التي لم ترق إلى طموحنا المشترك. كان هناك نقاش مستمر مع هذا المدرب، وأنا أحترم قراراته ومنطقه وفلسفته، لكن مصلحة المغرب والمغاربة فوق كل اعتبار. إن العودة إلى الرسالة الملكية التي بعثها جلالة الملك إلى المشاركين في مؤتمر كيغالي برواندا، التي أعلن فيها رسميا ترشح المملكة لاحتضان المونديال، كانت مليئة بالدلالات والأفكار والخلاصات، وكلها تعبر عن البعد الحضاري لبلدان المغرب وإسبانيا والبرتغال وتتجاوز كل ما يتعلق بعدد المباريات، إذ تحدثنا مع شركائنا في تنظيم واحد لقارتين مجتمعتين وقارتين مختلفتين دون حدود جغرافية، لأن الهدف هو أن نجعل من هذه البطولة إحياء للذاكرة المشتركة بين الضفتين، وهي غنية بالمناسبة ورسائل للعالم لنقول إن الأفارقة والعرب والأوربيين بإمكانهم أن يشتغلوا جميعا، وأن يتفادوا النظرة الضيقة في حل المشاكل العالقة، فهذه أهداف مشتركة. وأظن أن المغرب ممثلا للقارة الإفريقية في التنظيم المشترك يستحق القسط الذي تستحقه قارتنا من المباريات، لأن هذه القارة لم تحظ سوى بتنظيم بطولة عالمية واحدة، لهذا فالمغرب بثقافته وحضارته ومدنه وبنيته التحتية وأبعاده التنموية الإستراتيجية، التي يقودها جلالة الملك سيكون مؤهلا لاحتضان كبريات المنتخبات العالمية والمباريات الأهم في كأس العالم. إعداد: عيسى الكامحي

لقجع: لا أهتم بما يقال بل بالمؤسسات

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الملك‭: ‬المبادرة‭ ‬الأطلسية‭ ‬مسار‭ ‬لتوطيد‭ ‬الاستقرار

"الواف" يعمق جراح الاتفاق

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات