ابنة تفضح جريمة والدها

إمام قتل زوجته وتخلص من جثتها في مجرى الصرف الصحي بسبب خلافات حول الممارسة الجنسية لاشك أن عمى البصيرة والقلب هو العمى المبين والبلاء العظيم، حينها يرتكب الانسان أفظع الجرائم، ويتخلى عن آدميته، ويتحول إلى شيطان في جلباب إنسان. الحالة هاته، تنطبق على إمام حامل لكتاب الله تعالى، طاوعته نفسه على أن ينهي حياته شريكة عمره، ويتخلص من جثتها في بالوعة للصرف الصحي، دون أن يشعر بوخز الضمير.. ولأن الروح من أمر الله، فقد كشف سبحانه، جرم «الفقيه» وسقط عنه القناع.. لم يجد «ميلود» المزداد سنة 1970 إمام مسجد سيدي بولعلام، بقيادة تفتاشت بالصويرة، أدنى حرج في التذكير بحقوقه الشرعية تجاه زوجته، التي وصفها في محضر استنطاقه من قبل الضابطة القضائية بالمتبرجة والبعيدة كل البعد عن الكتاب والسنة. وروى تفاصيل جريمة تصفية زوجته، بعد أن رفضت مضاجعته جنسيا، وتخلص من كل الآثار التي قد تقود إلى كشف سيناريو جريمته، وهدد ابنته البكر (11 سنة) إن أفشت السر لأحد، وواصل مسلسله المحبوك، بتضليل العدالة بتوجيه شكايات في شأن اختفاء الزوجة، بيد أن القدر كان له بالمرصاد، وأمام محاصرة ابنته بالعديد من الأسئلة، كانت المفاجأة، وجاءت الاعترافات تلو الأخرى لتميط اللثام عن جريمة استثنائية بكل المقاييس.. طريق الغرام.. بدوار خَميس بجماعة سيدي بولعلام قيادة تفتاشت بإقليم الصويرة، رأى «ميلود.ز» النور، وسط كنف أسرة متواضعة يعيلها والده الممتهن للأنشطة الفلاحية المحلية، حيث كان «ميلود» يساعد والده في الأشغال الفلاحية منذ نعومة أظافره، نظرا لعدم ولوجه المدرسة. بعد أن بلغ سن العاشرة، ولج كتابا قرآنيا تابعا لزاوية بن أحميدة، حيث قضى به ثماني سنوات في حفظ القرآن الكريم وسنتين إضافيتين في الاطلاع على مناهج الفقه وتفسير الحدث النبوي. بعد استكماله لتكوينه، برح الكُتّاب باحثا عن آفاق شغل قد يعود عليه بمصروف يومي، إذ عمد في مستهل مساره إلى الاتفاق مع سكان دوار العميمات التابع لجماعة زاوية بن احميدة على تولي إمامة صلواتهم، لكنه سرعان ما غادر الدوار المذكور، بعد حوالي شهرين، ليلتحق بمسجد أيت الحاج، وقضى به زهاء شهرين كذلك. بعدها استضافه سكان دوار الخيارنة الذي تتحدر منه عائلة زوجته، حيث قضى ما يقارب السنتين، وهي مدة كانت كافية للتعرف على العائلة المذكورة، وبالتالي عقد القران شرعا على زوجته «نعيمة» وذلك في غضون سنة 1995، بعدما أغرم بها، وأضحى يتتبع خطواتها.. استمر به الحال على هذا المنوال، مستقرا بمنزل والده، إلى غاية وفاته، حيث قام بعد ذلك بالاستفادة من نصيبه الكامن في ما يناهز 60 «خداما» من العقار بمركز سيدي بولعلام، عمد إلى بيع جزء منه، مما در عليه أموالا وصلت إلى 140 ألف درهم، صرفها في تشييد منزله العصري الحالي، والذي أصبح موطنا لأسرته الصغيرة، المتكونة من زوجته الهالكة وبناته الثلاث. بحلوله بمسكنه الجديد، التجأ إلى إبرام اتفاق مع سكان مركز سيدي بولعلام لإمامتهم في الصلاة، بموازاة فتح محل للتصوير بمرأب ضمن مكونات منزله الحالي. كانت بداية الحياة الزوجية بين «ميلود» و«نعيمة» عادية تماما، ولا تخلو في الوقت نفسه من وقوع خصومات، تضطر الزوجة معها إلى مغادرة بيت الزوجية قبل أن تعود، بعد مدة قصيرة لا تتجاوز أسبوعا في أغلب الأحيان، بعد أن يتدخل عدد من معارف الزوجين، لإصلاح ذات البين. في الفترة الأخيرة، لم تعد الحياة هادئة كما في السابق، وأضحت الخلافات المتكررة ترخي بظلالها على حياة الزوجين، إذ أصبحت الزوجة تشعر بأن علاقتهما الزوجية تتجه نحو النفق المسدود، ولم تعد تدخلات الأهل والأحباب تنفع في نزع فتيل الخلاف الشبه الدائم. في ليلة باردة عاد الزوج متأخرا بعد أداء صلاة العشاء. ولج المنزل واجتمع مع زوجته وبناته الثلاث على مائدة العشاء، وبعد أن تناولوا وجبتهم، توجهت البنات نحو غرفة نومهن، والتحقت بهن والدتهن، التي قبلتهن وحضنتهن بحنو، وهي غير دارية أنها بذلك كانت تودع فلذات كبدها الوداع الأخير. بعدها توجهت الزوجة إلى الفناء الخلفي للمنزل المحاط بسور مشيد بالإسمنت، فتتبع الزوج خطواتها إلى غاية المكان المذكور، مستفسرا عما هي بصدد البحث عنه، فكان ردها قاسيا، عبارات تنم عن حقدها من تصرفات زوج، يفترض فيه أن يكون قدوة للأزواج، وهو الحامل لكتاب الله، يؤم المصلين، ويخطب فيهم كل يوم جمعة. استعطف الزوج زوجته آملا في مضاجعتها، لكن الزوجة صدته بلباقة، بعدما أكدت له أن ألما طارئا ألم بها في مبيضها وبالتالي يستحيل أن تحقق رغبته. ذكر الزوج الإمام زوجته بحقوقه الشرعية، ومنها حقه في مضاجعتها، لكن الزوجة لم تغير موقفها. حينها قبض عليها الزوج من تلابيب ملابسها موجها لها لطمات على خديها، وخنق أنفاسها، بعدما وضع الحبل على جيدها، وقبض على أطرافه بإحكام إلى أن أيقن بأن أمر مفارقتها للحياة أضحى واقعا. واستعان الزوج بفأس، فأزاح التراب السطحي والأعمدة الحديدية المكونة لغطاء البئر ثم رمى الجثة بملابسها، لتستقر في القعر. في اليوم الموالي، فوجئ الزوج بابنته البالغة من العمر 11 سنة، تستفسر بإلحاح شديد عن والدتها، فقام بصدها، وأفشى لها أن والدتها فارقت الحياة وتم دفنها بحفرة المياه العادمة، وبالتالي أضحت في حكم الماضي، مشددا على ضرورة كتمان الأمر وعدم الإفصاح عن فحواه أمام أي كان. تضليل العدالة ابتكر الزوج سيناريو لتبرير غياب زوجته، إذ في اليوم الموالي، اتصل هاتفيا بشقيق زوجته، وأخبره أنها توجهت إلى المستشفى قصد العلاج، لكنها لم تعد إلى المنزل، وأضاف بأنه منح لها مائتي درهم، وفي اليوم التالي تقدم «ميلود.ز» عند والد زوجته، وأكد له ما سبق أن أكده لأخيها. ولتأكيد مزاعمه، تقدم الزوج بشكاية لدى وكيل الملك بالمحكمة الابتدائية بالصويرة، في شأن مغادرة بيت الزوجية، وذلك ثلاثة أيام بعد ارتكابه الجريمة. بعد ذلك، انتقل فريق المحققين إلى المنزل قصد تفتيشه، وذلك بعد موافقة الزوج، فلم يسفر عن أي نتيجة. ليلة السقوط لإبعاد التهمة، عنه تقدم الزوج بشكايات ضد عناصر الدرك الملكي، في شان عدم الجدية في كشف مصير زوجته المختفية، بيد أن الدرك زادت شكوكه، فأعاد البحث من جديد، وهذه المرة بالاستماع إلى طفلته، التي لقنها الأب سيناريو محكما، بيد أن محاصرتها بالعديد من الأسئلة، جعلها تقر بأن والدتها ماتت ودفنت في مرحاض المنزل. حاول الإمام، حين مواجهته بهذا المسجد، اعتبار الأمر مجرد هراء، لكن البحث الميداني، كشف عن لغز تلك الجريمة، فتوبع بالقتل العمد وإخفاء جثة وإهانة الضابطة القضائية بالبلاغ الكاذب ثم أدين ب30 سنة سجنا نافذا. محمد العوال (آسفي)

ابنة تفضح جريمة والدها

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

جريدة الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

سجن الحسيمة يحتفي بتأسيس مندوبية السجون

فكري تخرج عن صمتها

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات